تأسيس المأتم
أُسس المأتم في الفترة التي انتقل فيها أهل عسكر إلى منطقة المعامير وهي نفس الفترة التي نشأت فيها القرية وهذا القول يُرجّحه أغلب كبار السن في القرية ونقلاً عن آبائهم وأجدادهم الذين يرَون أنّ المأتم تأسّس مباشرة بعد مجيئهم للمعامير وعلى هذا يُرجّح أنَّ تأسيسه كان في العام 1811م تقريبا، وهذا التاريخ يُعتبر منتصف فترة حكم سلمان بن أحمد بن محمد آل خليفة الذي نقل مقر حُكمه إلى منطقة جو ثم انتقل منها إلى الرفاع، وكان من الطبيعي إذا استقر الناس في أيِّ منطقةٍ أن يُشيدوا دور العبادة -أي المساجد أو المآتم- حيثُ تُعتبر من الأولويات الضرورية لاسيّما لدى المجتمعات المتدينة كما هو حال شعب البحرين، ويُذكر أنّ أهل المعامير بعد فترةٍ وجيزة من استقرارهم فيها قاموا ببناء مساكنهم، وحينها كانت عملية البناء لا تستغرق أكثر من أسابيع معدودة حيث كانت مواد البناء متوفرة وسهلة المنال ومن مواد البناء على سبيل المثال: الطين, الحجارة البحرية, جذوع, جريد, وسعف النخيل, بالإضافة إلى الخشب المستورد من الهند. علاوةً على صُغر مساحة المسكن وعدم وجود تعقيدات هندسية وتراخيص وغيرها من شروط البناء الحالية.
يُذكر أنَّ عدد بيوت المعامير في بداياتها كانت لا تتعدّى خمسة عشر بيتاً (برستج وعريش) وأغلب البيوت كانت مبنية بالحجارة والطين وبعضها بجريد النخيل ويقال كان هناك عريشٌ صغير بين تلك البيوت يطلق عليه مأتم العساكرة وموقعه في الجهة الشرقية لمأتم فاطمة الزهراء(ع) الحالي وبالتحديد في موقع مأتم النساء وكان جميع أهل القرية يجتمعون فيه لإحياء الشعائر الدينية ومصائب أهل البيت(ع) وكانوا يقيمون فيه الشعائر الدينية بوجلٍ وخوف، وذلك لأسبابٍ أمنية تتعلق بظروف رحيلهم من عسكر للمعامير، لذا كان كبار القرية يتناوبون في الحراسة والمراقبة من فوق وخلف بعض المرتفعات والمنازل الواقعة في أطراف القرية لاسيّما أثناء إقامة الشعائر الدينية.
كان الناس قديماً إذا انتقلوا من منطقة إلى منطقة أخرى ينقلون معهم اسم المنطقة القديمة كذلك بالنسبة للمساجد والمآتم, فعلى سبيل المثال بعد نزوح أهالي قرية جو الذين نزلوا بدار كليب ما زال يطلق على مأتمهم (مأتم الجواونة) نسبة إلى جو وكذا الفارسية فبعد انتقالهم للمعامير أُطلق أسم قريتهم السابقة على القسم الغربي من المعامير وكان العساكرة كهؤلاء فبعد انتقالهم لهذه المنطقة نقلوا معهم إرث وهوية قريتهم المهجورة فكان بعض الناس من القرية وخارجها يُسمّون المأتم (مأتم العساكرة ثم أُطلق عليه مأتم المعامير والمأتم الكبير وأخيراً أُطلق عليه مأتم الزهراء(ع) كما هو موثق في دائرة الأوقاف الجعفرية في مطلع السبعينات)
وهنا نود أن نذكر أمراً يتعلّق بهذا الموضوع وهو أنّ أحد الأخوة الذين أثق بهم نقل لي عن أحد المُسنين في عسكر نقلا عن كبار السن هناك أنهم لمّـا وفدوا على عسكر كانت عسكر قرية خربة ومهجورة وكانت تحوي بعض(البرستجات) المهدمة والمساجد الصغيرة وكانت تحوي مأتماً قديما مبنيا بالأحجار والطين, وتحوّل فيما بعد إلى مسجد وكان موقعه في الجهة الشمالية من عسكر بقرب الساحل.
مراحل البناء والتشييد
مُنذ تأسيس المأتم إلى يومنا هذا مرّ المأتم بمراحل متعددة من البناء والترميم وهنا سأذكر مراحل البناء التي حصلت عليها من كبار السن وهي كالتالي:
في البداية كان أهل المعامير قديماً إذا أقبل عليهم شهر محرم يقومون بنصب بعض الأعمدة الخشبية التي تُستخدم لنصب الأشرعة في السفن البحرية (دقل) ويضعون فوقها عدة أشرعة لتحميهم من حرارة الشمس والرطوبة طوال موسم العشرة، وكانوا ينصبونها على موقع مأتم النساء -شرق مأتم الزهراء(ع) حاليا- وبعد سنوات قام أهل القرية ببناء المأتم على هيئة عريش صغير مبني بالجريد وسعف النخيل ويذكر الحاج إبراهيم بن علي بن حسن آل سعيد أنّ المأتم في ذلك الوقت كان يرأسه المرحوم الحاج أحمد بن يوسف آل سعيد (جد الحاج أحمد بن يوسف والد الملا حسين رحمة الله عليهم).
البناء الأول
أول بناء فعلي للمأتم كان على يد المرحوم الحاج رضي بن عبدالله بن عباس ومعه أهل القرية وكان البناء عبارةً عن (برستج) أوسع من (العريش) السابق وكان بناؤه بالحجارة والطين وكان السقف مبنياً بالجريد والسعف.
البناء الثاني
كان بعد سنواتٍ قليلة حيث أعاد بناءه أيضاً المرحوم الحاج رضي بن عبدالله آل عباس حيث قام بتوسيع رقعة البناء، وبناؤه كان بالحجارة البحرية المسطحة التي كانت متوفرة في ساحل القرية والطين الذي كان يجلب من جنوب المعامير وشمالها.
البناء الثالث كان على يد المرحوم الحاج إبراهيم بن عباس وأهل المعامير، وقد بني بالحجارة والطين و وُضعت للمأتم نوافذ وأبواب خشبية, وجدرانه كانت مطلية (بالنورة), وعلت جدرانه بعض الأقواس والزخارف الإسلامية القديمة, فبقي المأتم بعدها على نفس الحالة حتى الأربعينات من القرن الماضي ويحكى أنَّ المأتم في تلك الفترة قد ضاق بالمستمعين من خارج القرية, حيث كان العمال من مختلف مناطق البحرين يتجمعون في قرية العكر شمال مدرسة المعامير ويباتون هناك لعدة أيام في جبرات (مخازن) ينتظرون أي فرصة للالتحاق بعمل ما، وكان يأتي أغلبهم للمعامير عندما يحل موسم عاشوراء وذلك للمشاركة في العزاء والاستماع للخطيب، ولم يكن المأتم يستوعب أعدادهم الكبيرة، حينها قام الحاج إبراهيم بن عبدالله آل عباس بتوسعة المأتم وساعده آنذاك المرحوم الحاج مدن آل سعيد في إدارة المأتم حيث كان مسئولاً عن بعض الأمور الإدارية في المأتم ومنها الإنارة وكان يملك خبرة جيدة في التعامل مع (الاتريكات) التي كانت مصدر الإنارة الوحيد في ذلك الوقت حيث كان يعلق (الاتريك) في وسط المأتم فيضيء القاعة وسط إعجاب الحاضرين الذين تعودوا على الجلوس في الأماكن المظلمة. وعندما أراد الحاج إبراهيم توسعة المأتم واجهته مشكلة وهي أن بيت المرحوم الحاج علي بن بطي كان ملاصقا للمأتم من الجهة الشرقية ولا يمكن توسيع المأتم إلا بإضافة مساحة المنزل للمأتم وصادف في ذلك الوقت ان المرحوم الشيخ علي بن الشيخ جعفر أبو المكارم (قدس) كان موجودا في المعامير فطلب الشيخ من الحاج علي بن بطي أن يتنازل عن الأرض للمأتم مقابل تعويضه بأرض أخرى وسط القرية -موقع بيت علي بطي حاليا- فوافق الحاج فأضيفت مساحة المنزل للمأتم، وحينها أشرف على بنائه المرحوم الحاج علي بن سرحان فيما كان أهالي القرية يعملون معه جنباً إلى جنب، وكانوا في ذلك الوقت ينقلون الحجارة البحرية من ساحل المعامير الشرقي عبر القوارب الخشبية (شواعي) ثم عبر الحمير إلى موقع البناء، وقد استخدمت في عملية البناء أنواع من الخشب الساج، والجص، والدنجل، والبواري(القصب)، وتم طلاء جدران المأتم من الداخل بالنورة، وكانت نوافذه وأبوابه مصنوعة من الخشب الساج وتعلوها قطع زجاجية معشقة، وأضيف للمأتم حوش صغير في الجهة الشرقية وتمت ازالت الأعمدة المقوسة المزخرفة بالجبس وكذلك الدنجل، ثم استمر الأهالي في ترميمه عدة مرات.
البناء الرابع
البناء الرابع كان في العام 1962م، بعد أن هدم المبنى القديم تم بناء المأتم على موقعه بإضافة جزء من بيت المرحوم الحاج مهدي بن علي بن حمادة والد الحاج محمد، وكان البناء بإشراف المرحوم الحاج إبراهيم بن عباس رئيس المأتم آنذاك، وبمباشرة المرحوم الحاج علي بن عبدالحسين الحايكي (المحرق)، وكان شكل البناء مشابه للبناء السابق عدا بعض التفاصيل البسيطة المتعلقة بالهندسة والشكل، وهذا البناء كان آخر بناء للماتم القديم حيث انتقل الرجال منه الى الماتم الكبير بعد اربعة عشر عاما من بنائه الاخير، وبعد بنائه بفترة قصيرة توفي رئيس الماتم المرحوم الحاج ابراهيم بن عبدالله آل عباس.
البناء الخامس
بدأ البناء في شهر فبراير من العام 1976م تقريبا، واستمر حوالي أربع سنوات، حيث تمّ بناء المأتم على يد الحاج محمد بن إبراهيم بن عبدالله آل عباس بمساعدة أهل القرية والمؤمنين، وكان البناء هذه المرة مختلفا عن السابق فقد بني المأتم على قطعة أرض مجاورة للمأتم من الجهة الغربية تمت هبتها من قبل عائلة آل حسين وآل عاشور، وكان المهندس هو السيد شرف الحسيني من أهل المحرق ومباشرة البناء كانت على يد الحاج حسين بن الحاج علي بن متروك بمساعدة أهالي القرية من العاملين في البناء والحدادة والنجارة وغيرهم، وفي هذا البناء بني بالطابوق والخرسانة المسلحة واضيف لسقف الماتم أعمدة من الحديد الصلب، وبنيت له قبة كبيرة يغطيها السيراميك المذهب، وتم افتتح المأتم على يد المرحوم الشيخ منصور الستري(قدس) في العام 1979م في حفل كبير حضره الكثير من الوجهاء والأعيان منهم الملا الناصري، والشهيد السيد أحمد الغريفي(قدس)، والشيخ عبدالحسين الستري، وغيرهم من العلماء والوجهاء والأهالي، وتم ايقاف المأتم القديم للنساء.
التوسعة الأخيرة
في منتصف التسعينات تم توسعة المأتم من الجهة الجنوبية بعد أن أضيفت للمأتم قطعة أرض كانت تملكها عائلتا آل حسين وآل لطيف وبنيت للمأتم قبة ثانية جنوب القبة السابقة وأضيفت لقاعة المأتم أربع اسطوانات أخرى ليكون عددها ثمان اسطوانات, وفُتح باب للقاعة من الجهة الجنوبية, وأضيف له حوش مفتوح جهة الجنوب، وعمل على توسعته الحاج محمد بن إبراهيم آل عباس، والأستاذ أحمد حسين إبراهيم وبعض المنتسبين للمأتم من أهالي القرية.
هذا ويذكر أن أغلب مراحل البناء المذكورة المتعددة شارك فيها عددٌ من عوائل القرية التي ساهمت في البناء والترميم.
كان وما زال لمأتم الزهراء دور بارز ومميز في أكثر من جانب ففيه تجتمع جميع عوائل القرية في أغلب أفراحها وأحزانها، ومأتم الزهراء(ع) هو المأتم الذي ينطلق منه موكب العزاء الوحيد الذي يجتمع فيه جميع اهل المعامير وهذا الأمر يترك أثره العظيم من تقارب وترابط أهل المعامير الذين تربطهم الكثير من العلاقات ومنها علاقة النسب والجيرة والدين.
وهذا سيأتي بعد قليل.
أما عن أول من رعى المأتم فلم يؤكد لي أحد اسما معينا ولكن بعض المعمرين قالوا إن أول من رعاه هو الحاج عبدالله بن عباس بن ميلاد والد الحاج رضي والحاج إبراهيم، أما رؤساء المأتم المتعاقبون فهم ستة ولم أقف على من كان قبلهم وترتيبهم كالتالي:
المرحوم الحاج عبدالله بن عباس بن ميلاد
المرحوم الحاج أحمد بن يوسف آل سعيد (جد المرحوم الحاج أحمد بن يوسف)
الحاج رضي بن عبدالله بن عباس ( حوالي من قبل 1895م إلى حوالي 1931م)
المرحوم الحاج إبراهيم بن عبدالله بن عباس (من 1931م إلى 1962م )
المرحوم الحاج حسين بن إبراهيم بن عباس والحاج محمد بن إبراهيم من عام 1962م إلى 1986م وبعد وفاة الحاج حسين حل مكانه ابنه الأستاذ أحمد حسين كمساعد ونائب للحاج محمد في إدارة شئون المأتم حتى يومنا هذا.
بعض الخطباء الذين اعتلوا المنبر
أسماء بعض الخطباء الذين اعتلوا المنبر في عشرة محرم وغيرهم من الخطباء الذين صعدوا المنبر في فترات مختلفة ومنهم
1- الشيخ باقر الهلالي وهو خطيب مشهور(العراق)
2- الشيخ وهب الحلي(العراق)
3- السيد مهدي السويجي(العراق)
4- الشهيد الشيخ عباس راستي(المنامة)
5- السيد جاسم الطويرجاوي الموسوي(العراق)
6- الخطيب الملا عطية الجمري(بني جمرة)
7- السيد ياسر الياسري(ا
جهد متميز جداً .. وتشكر عليه
هذا الجهد … يزرع بعض الأمل … فهناك من يسير في الإتجاه الصحيح 🙂
أخوكم داعيا لكم بالكثير من التوفيق
محمد النحوي
معلومات مهمة في سبيل توثيق الأحداث في قرية المعامير
جهد يشكر عليه أخي جاسم
تحياتي
نشكركم على هذه الجهود الكبيرة لحفظ تراث قريتنا الغالية… ونتمنى لكم مزيدا من التقدم ايها الاخ العزيز جاسم..في مسيرتكم العظيمة وستشهد لكم القرية بأن ابنها البار بها أكرمها ولم ينسى فضلها فهنيا لكم هذه المحبة والسلام.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشكر موصول لك أخي جاسم على هذا الجهد الجبار .
كم نحن بحاجة الى توثيق مثل هذا التراث لأبنائنا حتى لا يضيع ولكي يبقى للديمومة جيل بعد جيل .
أسأل الله أن يحفظ هذه المآتم من أيدي العابثين والظالمين .
أخوكم : عبدالمنعم مزروق .
السلام عليكم
اخواني شكرا لكم على المرور
تحياتي