عالم بحراني من ابرز الشخصيات العلمائية التي اسهمت بالفعل في تصوير حقيقة ما جرى في كربلاء عن طريق قصيدة شعرية ألفها .. كانت بحق افضل ملحمة تاريخية تحكي واقعة الطف .. وهي القصيدة المشهورة ببداية مطلعها (أحرم الحجاج عن لذاتهم) وهي تناولت الأحداث من وجود الامام الحسين بمكة وخروجه منها وذهابه المدينة ومن ثم توجهه لكربلاء .. إلى آخر الأحداث في يوم العاشر .
حريٌ بنا ان نتعرف على شخصية مؤلف هذه القصيدة التي تعد بحق احد تراث وكنوز عاشوراء، انقل لكم هنا ترجمة لشخصية
الشيخ الدمستاني نقلا عن موقع ابو رمانة .. جزاهم الله الف خير
من نافلة القول أن عظماء الأمة هم فخرها وسراجها الوهاج وسر امتداد حياة الحضارة والازدهار والتقدم،والمعين الذي لا ينضب أن يزخر تراث مجتمع بأفذاذ من العلماء والأدباء البارعين المهرة الذين لا تزال بصمات آثارهم حاضرة في زوايا الأقوال والأحاديث ويصدح بها الخطباء على المنابر، من أمثال أولئك هو العالم الرباني والفاضل الصمداني والكامل العلامة الشيخ حسن الدمستاني ( قدس الله روحه وطيب ريحه)
نسبه :
الشيخ حسن بن محمد بن علي بن خلف بن إبراهيم بن ضيف الله الدمستاني البحراني.
بلدته:
أصله من بلدة ( عالي حويص) من قرى البحرين، وفيها قبر أبيه ( الشيخ محمد)، وبلدة استيطانه هي قرية ( الدمستان) إحدى القرى على الساحل الغربي في البحرين، وإليها ينسب.
شهرته:
اشتهر الدمستاني عند عوام الناس في البحرين – بل العلماء- بشعره المميز في الرثاء الحسيني، وأكثر أهل البحرين – حتى أطفالهم- يحفظون مقاطع من قصيدته المشهورة ( أحرم الحجاج..) والمسماة عند أهل الأدب بـ ( المربعة الدمستانية) وهي ملحمة أو شبه ملحمة تحكي ثورة الحسين (ع) من بداية نهضته في المدينة إلى استشهاده (ع) وسبي الهاشميات إلى الكوفة والشام.
مكانته العلمية:
كثير من أبناء البحرين ومنطقة الخليج يتصورون الشيخ الدمستاني ذلك الشاعر العملاق الذي تهز قوافيه الأفئدة، وتثير الأسى والشجن في قلوب محبي آل البيت (ع) إلا أن العلماء يعرفون الدمستاني أيضاً العلامة المحقق الذي قلما يوجد مثله في العلم والتقوى. على حد صاحب الأنوار. وأن له فتاوى اشتهرت عنه، وله آراء فقهية مميزة.
وكان الدمستاني فقيهاً مجتهداً، يلتزم منهج الإخباريين في طريق فتواه، وفي علم الرجال يقول الأمين العاملي( كان – يعني الدمستاني- رجالياً ماهراً في علمي الحديث والرجال، وربما أفاد العاملي هذا – وكذلك مؤرخو الدمستاني الآخرون- من كتاب الدمستاني في علم الرجال، المعنون بـ ( انتخاب الجيد من تنبيهات السيد ) وهو ملخص كتاب ( تنبيهات الأديب في رجال التهذيب) – أي تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي- تأليف العلامة السيد هاشم التوبلاني البحراني، فقد كان – كما يظهر من تعريفهم له – كتاباً قيماً من ناحية علمية.
هجرة الدمستاني:
هاجر الدمستاني إلى ( القطيف) في بعض الوقائع التي نكبت بها البحرين ولعلها غزوة ( اليعاربة) في سنة 1131هـ ( 1718م).
معيشة الدمستاني:
كان الدمستاني ( رحمه الله) على ما هو عليه من الفضل والفقاهة يعمل بيده في الزراعة لكسب قوته، وتروي مصادر ترجمته قصة طريفة بهذا الصدد خلاصتها: أن وفداً من علماء ( أصفهان) قدم البحرين لاستفتاء علمائها حول مسائل فقهية محددة، وقد أرشدوا إلى ( المجتهد الكبير) في ذلك الوقت، وهو ( الشيخ حسن الدمستاني) فقصدوا (دمستان) دار سكناه، فوجدوه بزي الفلاح الفقير منهمكاً في السقي، فأنكروه وأهانوا من أرشدهم إليه ظناً منهم أنه يهزأ بهم، وحينما تأكد لهم أنه المجتهد المشهور اعتذروا ومضوا في طرح مسائلهم، وتحرير إجابة الشيخ الدمستاني تحقيقاً للمهمة التي قدموا من أجلها..
• وفاة الدمستاني :
توفي ( قدس سره) في دار هجرته ( القطيف) في سنة 1181 على الأصح (1767م).
• الآثار العلمية للشيخ الدمستاني
هي كثيرة ومتنوعة تدل على شخصية علمية متكاملة، فمنها:
1. كتاب ( الانتخاب الجيد لتنبيهات السيد) في علم الرجال، وهو منتخب من كتاب ( تنبيه الأريب في إيضاح رجال التهذيب) تأليف السيد هاشم التوبلاني البحراني المتوفى سنة 1107هـ ( وكتاب التهذيب هو ( تهذيب الأحكام) للشيخ الطوسي ( أعلى الله مقامه).
2. أرجوزة ( تحفة الباحثين في أصول الدين).
3. منظومة في ( نفي الجبر والتفويض).
4. أرجوزة في ( إثبات الإمامة والوصية).
5. أرجوزة في ( التوحيد) تزيد على مائة بيت، وهي غير التحفة المتقدمة الذكر.
6. رسالة في ( الجهر والاخفات).
7. رسالة في ( التوحيد).
8. كتاب ( أوراد الأبرار في مأتم الكرار) ويسمى في البحرين ومنطقة الخليج بـ ( الأسفار).
9. ديوانه الشعري المسمى ( نيل الأماني) وهو يضم بالإضافة إلى شعر الدمستاني الكبير مجموعة من شعر ابنه الشيخ أحمد الدمستاني.
• قالوا في الدمستاني ..
العلامة الشيخ عبدالهادي الفضلي ( حفظه الله)
الذي أستطيع أن أقوله هنا مطمئناً كل الاطمئنان إلى ما استنتجه من رأي هو أن أدب الدمستاني من نمط المستويات العالية في مضمونه وشكله .. وإن نثره بصورة خاصة – يرتفع بلاغة وأسلوباً إلى المستوى العالي في النثر العلمي، والنثر الأدبي، المتعارف لدى العلماء الأدباء من معاصريه.. وإن روعة نثره أديباً تتجلى في كتابه ( أوراد الأبرار في مآتم الكرار) بسبب مفعول عاطفة التقديس لأهل البيت ( عليهم السلام)، وعاطفة الأسى لفجائعهم، اللتين تملأن نفسيات الشيعة، واللتين يعيشون إطارهما النفسي والانفعالي.
( الشيخ القزويني) :
هو من أهل التحقيق والتدقيق..
( الشيخ البلادي)
(( العالم الرباني، والفاضل الصمداني، الكامل العلامة، المحقق الفهامة، التقي النقي، لأديب المصقع، من العلماء الأعيان، ذوي الإتقان والإيمان، وخلص أهل الولاء والإيمان، زاهداً عابداً، تقياً، ورعاً شاعراً بليغاً، أن نظم أتى بالعجب العجاب، وإن نثر أتى بما يسحر عقول أولي الألباب قلما يوجد مثله في هذه الأعصار في العلم، والتقوى والبلاغة، والإخلاص في محبة الآل الأطهار – سلام الله عليهم آناء الليل وأطراف النهار- ، ومن وقف على مصنفاته وأشعاره، وظاهر كلامه وأسراره، وفهم مراده، عرف حقيقة مقداره، وعلو مجده وفخاره)).
( السيد العاملي)
(( كان عالماً فاضلاً، فقيهاً، محدثاً ، رجالياً، محققاً مدققاً، ماهراً في علمي الحديث والرجال، أديباً شاعراً))
وهنا اترككم مع صور لقبر سماحة الشيخ العلامة الدمستاني صورته بعدستي
وذلك من مقره بمقبرة الحباكة (الخباقة) بمدينة القطيف
وهنا نرفق لكم مقاطع من قصيدة احرم الحجاج للدمستاني
أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهور وانا المحرم عن لذاته كل الدهور
كيف لا احرم دأباً ناحراً هدي السرور وانا في مشعر الحزن على رزء الحسين
حق للشارب من زمزم حب المصطفى ان يرى حق بنيه حرماً معتكفا
ويواسيهم والا حاد عن باب الصفا وهو من اكبر حوبٍ عند رب الحرمين
فمن الواجب عيناً لبس سربال الاسى واتخاذ النوح ورداً كل صبح ومسا
واشتعال القلب احزاناً تذيب الانفسا وقليل تتلف الارواح في رزء الحسين
لست انساه طريداً عن جوار المصطفى لائذاً بالقبة النوراء يشكوا اسفا
قائلاً ياجد رسم الصبر من قلبي عفى ببلاء انقض الظهر وأوهى المنكبين
صبت الدنيا علينا حاصباً من شرها لم نذق فيها هنيئاً بلغةً من بُرها
ها أنا مطرود رجس هائم في بَرها تاركاً بالرغم مني دار سكنى الوالدين
ضمني عندك يا جداه في هذا الضريح علني ياجد من بلوى زماني استريح
ضاق بي ياجد من فرط الاسى كل فسيح فعسى طود الاسى يندك بين الدكتين
جد صفو العيش من بعدك بالاكدار شيب وأشاب الهم رأسي قبل اُبان المشيب
فعلا من داخل القبر بكاء ونحيب ونداء بافتجاع يا حبيبي ياحسين
انت ياريحانة القلب حقيق بالبلاء انما الدنيا اعدت لبلاء النبلاء
لكن الماضي قليل في الذي قد أقبلا فاتخذ ذرعين من صبر وحسم سابغين
ستذوق الموت ظلماً ظامياً في كربلا وستبقى في ثراها عافراً منجدلا
وكأني بلئيم الاصل شمراً قد علا صدرك الطاهر بالسيف يحز الودجين
وكأني بالأيامى من بناتي تستغيث سغباً تستعطف القوم وقد عزّ المغيث
قد برى اجسامهن الضرب والسير الحثيث بينها السجاد في الاصفاد مغلول اليدين
فبكى قرة عين المصطفى والمرتضى رحمةً للآل لا سخطاً لمحتوم القضا
بل هو القطب الذي لم يخطو عن سمت الرضا مقتدى الأمة والي شرقها والمغربين
حين نبأ آله الغر بما قال النبي اظلم الافق عليهم بقتام الكرب
فكأن لم يستبينوا مشرقاً من مغرب غشيتهم ظلمات الحزن من اجل الحسين
وسرى بالأهل والصحب بملحوب الطريق يقطع البيدا مجداً قاصد البيت العتيق
فأتته كتب الكوفة بالعهد الوثيق نحن انصارك فاقدم سترى قرة عين
بينما السبط باهليه مجداً في المسير فاذا الهاتف ينعاهم ويدعوا ويشير
ان قدام مطاياهم مناياهم تسير ساعة اذ وقف المهر الذي تحت الحسين
فعلا صهوة ثان فأبى ان يرحلا فدعى في صحبه يا قوم ما هذي الفلا
قيل هذي كربلاءٌ قال كربٌ وبلا خيموا ان بهذي الارض ملقى العسكرين
ها هنا تُنتزع الارواح من اجسادها بظبى تعتاض بالاجساد عن اغمادها
وبهذي تُحمل الامجاد في اصفادها في وثاق الطلقاء الادعياء الوالدين
وبهذي تيأم الزوجات من ازواجها وبهذي تشرب الابطال من اوداجها
وتهاوى انجم الابرار عن ابراجها غائبات في ثرى البوغاء محجوبات بين
وأطلتهم جنود كالجراد المنتشر مع شمر وابن سعد كل كذاب اشر
فاصطلى الجمعان نار الحرب في يوم عسر واستدارت في رحى الهيجاء انصار الحسين
يحسبون البيض اذ تلبس فيض القلل بيض انس يتمايلن بحمر الحلل
فيذوقون المنايا كمذاق العسل شاهدوا الجنة كشفاً ورأوها رأي عين
بأبي انجم سعد في هبوط وصعود طلعت في فلك المجد وغابت في اللحود
سعدت بالذبح والذابح من بعض السعود كيف لا تسعد في حال اقتران بالحسين
بأبي أقمار تُمٍ خسفت بين الصفاح وشموساً من رؤوس في بروج من رماح
ونفوساً منعت ان ترد الماء المباح جرعت كأسي اُوام وحمام قاتلين
عندها ظل حسين مفرداً بين الجموع ينظر الآل فيذري من اماقيه الدموع
فانتظى للذب عنهم مرهف الحد لموع غرمه يغريه للضرب نمار الصفحتين
فاتحاً من مجلس التوديع للأحباب باب فاحتسو من ذلك التوديع للأوصاب صاب
موصي الاخت التي كانت لها الآداب دأب زينب الطهر بأمر وبنهي نافذين
أخت يازينب أوصيك وصايا فاسمعي انني في هذه الأرض ملاقٍ مصرعي
فاصبري فالصبر من خيم كرام المترع كل حي سينحيه عن الأحياء حين
في جليل الخطب يا أخت اصبري الصبر الجميل ان خير الصبر ما كان على الخطب الجليل
واتركي اللطم على الخد واعلان العويل ثم لا اكره ان يسقي دمع العين ورد الوجنتين
اجمعي شمل اليتامى بعد فقدي وانظمي اطعمي من جاع منهم ثم أروي من ظمي
واذكري اني في حفظهم طٌل دمي ليتني بينهم كالانف بين الحاجبين
أخت آتيني بطفلي أره قبل الفراق فأتت بالطفل لا يهدأ والدمع مراق
يتلوى ظمأ والقلب منه في احتراق غائر العينين طاو البطن ذاو الشفتين
فبكى لما رآه يتلظى بالأوام بدموع هاميات تخجل السحب السجام
ونحا القوم وفي كفيه ذياك الغلام وهما من ظمإ قلباهما كالجمرتين
فدعا في القوم يا لله للخطب الفظيع نبئوني أأنا المذنب ام هذا الرضيع
الى اخر القصيدة التي يصف فيها ما جرى في كربلاء واترككم مع صور لضريح الفقيه الشاعر مفخرة البحرين