اولا: الدور التأسيسي (1927م)
قبل أكثر من مائة عام لم تكن هناك إدارة مركزيه للوقف،وإنما هناك تعاهد و تحالف بين العلماء باعتبار أن الولاية الشرعية لهم عليه وبين الأهالي ممن لهم عطاء وقفي في مختلف مناطق وقرى البلاد، وكان مختار القرية يلعب دوراً مهماً في تعريف أراضي الأوقاف وتضمينها على الراغبين من الأهالي.
ولقد بدأت الأوقاف الجعفرية بالبحرين كتنظيم إداري بمزاولة
نشاطها أول ما بدأت منذ تأسيسها سنة 1346هجرية بمقرّها المكون من غرفتين بإحدى مدارس المنامة، برصد الأوقاف وتدوينها وتجميعها وتسجيلها وفرزها، ولقد كان لرئيسها آنذاك الدور الكبير والمهم في ذلك حيث كان رئيسها الأول العلاّمة السيد عدنان السيد علوي آل عبد الجبّار القاروني البحراني الموسوي التوبلاني أصلاً والبلادي مولداً والجدحفصي نشأة وإقامة، وهو أحد أعلام البحرين الذين عاشوا في القرن الرابع عشر الهجري قد تقلّد عدة مناصب دينية حيث تولّى القضاء الشرعي وشئون الأوقاف وإدارتها.
ففي ترجمة المؤلف في كتاب "مشارق الشموس الذرية" الذي ألفه العلامة السيد عدنان الموسوي و نشره خطيب المنبر الحسيني السيد محمد صالح ابن مؤلف الكتاب: ((فطلبته الحكومة الحاضرة ليتولّى رئاسة منصب القضاء والأوقاف وولاية أموال القاصرين فولّي ذلك كلّه وقام عليه خير قيام ولم يمنعه ذلك من البحث والتدريس والجمع والتأليف وإقامة المراسيم الدينية حتى ختم صحيفة حياته فجر يوم الخميس 21/6/1347هـ فكان له من العمر نحو 45 عاماً ودفن في مقبرة بن عنبرة – الأصح أبو عنبره- من بلاد القديم وقد بذل جهداً يشكر عليه إذ كان له الفضل الكبير في حفظ الأوقاف المعروفة ضمن فترة توليه الأوقاف (1927 – 1928م) – إذ قام بعملية مسح كامل وشامل لجميع الأوقاف في جميع قرى ومدن البحرين وتحديد حدودها وذكر الواقفين لها وبيان أوجه الصرف لها الشاملة لجميع مساجد ومآتم ومقابر البحرين وقام بتدوينها وتسجيلها بسجله المعروف بسجل العلامة "السيد عدنان" والذي يعتبر بحق المرجع والدليل الأول لإدارة الأوقاف الجعفرية في البحرين المعروفة)) حتى انتهاء التدوين بالسجل بوفاته سنة 1928م .
ومما يذكر في هذا المجال ما جاء عن تشارلز بلجريف (المستشار السياسي لدولة البحرين منذ سنة 1926م وحتى سنة 1957م) كشاهدٍ على الأحداث التي مرّت بها البلاد خلال هذه الفترة، ففي الفصل الخامس من كتابه (العمود الشخصي) أو كما يسمّى (مذكرات بلجريف) المنشور سنة 1960م الطبعة الثانية لسنة 1972 (النص الإنجليزي) يستعرض الأحداث التي جرت بعد رجوعه من عطلته الصيفية سنة 1928 و يقول :
((كان حدث الساعة حينها تغيير قضاة السنة والشيعة على حد سواء، والذين كان منصبهم كقضاة دين يكتسب أهمية أعلى بكثير من وضعهم الحالي…. في هذه الفترة و خلفاً للقاضي الشيعي الشيخ خلف، نصّب القاضي الشاب الواصل تواً إلى البحرين (المقصود هنا العلامة السيد عدنان الموسوي) إلا أنه توفّى فجأة، مما ترك المنصب شاغراً ، لقد كانت سياسة الشيخ (الحاكم) في تعيين القضاة تعتمد على الرجوع قدر الإمكان لرغبات الأهالي … وبعد مشاورات ولقاءات عديدة تمكنا من تعيين ثلاثة قضاة للسنة، وقاضيين للشيعة واحد للمدن والآخر للقرى، وفي هذه الفترة، حيث اتخذت الحكومة خطوة هامة بأن أوكلت أمر إدارة ممتلكات الوقف الشيعي، الذي كان يدار بواسطة القضاة، أوكلته إلى مجلس منتخب من قبل شيعة المدن والقرى، وقد اكتسب هذا الإجراء قبولاً شعبياً.
دائرة الوقف الشيعي هذه، كما أصبحت لاحقاً، كانت من النجاح بمكان بحيث أنه وبعد عشر سنوات، وتفاعلاً مع مطالبة من الأهالي السنة، فقد أنشأ مجلس مماثل لإدارة الوقف السني).
وفي العدد 5284 من جريدة الأيام البحرينية الصادرة في 23/8/2003م وفي استعراضها للتقرير السنوي لحكومة البحرين عام 1947م والمتعلّق بدائرة الأوقاف الجعفرية ذكرت الكاتبة الصحفية السيدة/ عصمت الموسوي ما يلي:
(وحتى عام 1928م كانت كل أملاك الأوقاف بيد قضاة الطائفتين السنية والشيعية تدار بواسطة أفراد لديهم النفوذ الكافي لإبقاء التصرف فيها تحت سيطرتهم، ولم يكن هناك سوى نسبة قليلة من الأموال التي تجد طريقها إلى الأشخاص والمؤسسات التي من المفترض أن تستفيد منها، ولقد لقيت أول خطوة اتخذتها الحكومة لمعالجة هذا الوضع التأييد من قبل المواطنين، فعندما عين عالم الدين الشاب سيد عدنان الموسوي قاضياً للبحرين في عام 1927م شرع بإعداد سجل يتضمن جميع الأوقاف الجعفرية وأسس أنظمة صحيحة لقيد الإيجارات وتسجيل الحسابات.
ويروى التقرير أن هذا القاضي توفي بعد سنة واحدة إلاّ أنه أنجز عملاً مفيداً وأعتبر الأساس لإنشاء دائرة الأوقاف الجعفرية التي ظهرت إلى الوجود فيما بعد).
وبعد رحيل العلامة السيد عدنان (قدس سّره) إلى جوار ربه تولّى رئاسة الأوقاف وشئونها السيد أحمد السيد جواد بن علوي وهو أحد وجهاء المنامة وكان مقرّها حينئذٍ في مبنى محاكم البحرين.
وبعد السيد أحمد تولّى رئاسة الأوقاف الوجيه الحاج محسن التاجر، وعندما أنشأ مبنى باب البحرين بالمنامة نقلت الإدارة إلى أحد جناحيه بالطابق الأرضي، وبعد الحاج محسن التاجر تولى رئاسة الأوقاف الحاج صادق محمد البحارنة، وفي سنة 1996م تولّى رئاسة الأوقاف الوجيه الحاج أحمد منصور العالي، وفي سنة 2002م ترأس الأوقاف الجعفرية الدكتور محمد علي بن الشيخ منصور الستري، وفي سنة 2003م استلم رئاسة الأوقاف السيد مصطفى السيد محمد القصاب، وفي أكتوبر 2008 استلم رئاسة مجلس الأوقاف الجعفرية السيد/ أحمد حسين إبراهيم عباس.
ثانياً: مرحلة التنظيم وسن القوانين
كما سبق ذكره، فقد بدأت البحرين في مجال الأوقاف قبل حوالي ثمانين عاماً وتحديداً سنة 1346هـ – 1927م حيث تأسست دائرة الأوقاف الجعفرية تلتها بحوالي عشر سنين دائرة الأوقاف السنية، كل دائرة تقوم بإدارة وتنمية الأوقاف المنضوية تحت مظلتها،وهناك تعاون و تنسيق بين الإدارتين في الكثير من الأمور ذات العلاقة بشأن الوقف.
وفي عام 1379هـ – 1960م صدر أول قانون حكومي في تنظيم سير وإدارة شئون الأوقاف الجعفرية والذي يحتوي على سبعة أبواب وسبعة وتسعين مادة نظمت من خلالها شئون الأوقاف وتحددت صلاحياتها وإدارتها حيث جاء في المادتين الأولى والثانية من الباب الأول ما يلي:
1- دائرة الأوقاف الجعفرية دائرة حكومية تأسست للإشراف على الأوقاف الخاصة بالشيعة.
2- لدائرة السلطة التامة بالتولي على كافة الأوقاف الخاصة بالشيعة وإدارتها والمحافظة عليها وتعميرها وتضمينها واستحصال ضماناتها وتوزيعها على جهاتها الخاصة بها.
كما احتوى القانون على أبواب تتعلق بتنظيم شئون إدارة الأوقاف الداخلية وتعيين مجلسها رئيساً وأعضاء تعييناً وانتخاباً بحيث تشمل كافة قرى ومدن البلاد، واللجان المتفرعة عنه وتحديد مسئولياتها من إيجار وضمان وتعمير ووضع ضوابط لاختيار متولّي الأوقاف وتعيينهم وعزلهم إلى غير ذلك.
وفي عام 1985م صدر مرسوم رقم (6) بشأن تنظيم مجلسي الأوقاف السنية والجعفرية وإدارتيهما وتحديد أعضائهما ومدة العضوية فيهما، ويتولّى كل مجلس منهما إدارة الأوقاف التابعة له واستغلالها وصرف إيراداتها وحفظ أعيانها وتعميرها وفقاً لمفهوم صياغة الوقف وعبارات الواقفين وبمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية، كما تضمنت مواده رسم السياسة العامة للإدارة واستثمار الأوقاف ووضع النظم الكفيلة بالمحافظة عليها ووضع الهيكل التنظيمي للمجلس واعتماد الميزانية السنوية وتحديد صلاحية كل من رئيس ومدير الإدارة، ويقوم المجلس بدور اتخاذ القرارات في التنظيم والتنفيذ.
وفي عام 1991م صدر قرار رقم 11 لسنة 1991م من رئاسة مجلس الوزراء لدولة البحرين بشأن اللائحة الداخلية لمجلسي الأوقاف السنية والجعفرية والذي احتوى على تسع مواد ذكرناها سابقا.
كما تضمنت مواده رسم السياسة العامة لإدارة واستثمار الأوقاف ووضع النظم الكفيلة بالمحافظة عليها ووضع الهيكل التنظيمي للمجلس واعتماد الميزانية السنوية وتحديد صلاحية كل من رئيس ومدير الإدارة.
وفي عام 1996م صدر قرار رقم 5 من رئاسة مجلس الوزراء لدولة البحرين بشأن تنظيم اللائحة الداخلية لمجلسي الأوقاف الجعفرية والسنية الذي أحتوى على تسع مواد حددت فيه عدد أعضاء المجلسين استناداً إلى المرسوم رقم (6) لعام 1985م بشأن تنظيم مجلسي الأوقاف السنية والجعفرية وإدارتيهما وتحديد أعضائهما ومدة العضوية فيهما، حيث عيّن الوجيه الحاج أحمد منصور العالي رئيساً لمجلس الأوقاف الجعفرية بتشكيلة أعضائه الجدد الثمانية وذلك بتاريخ 25 رمضان 1416هـ الموافق 14/2/1996م .
كما أنه في أواخر العام 2001م صدر مرسوم أميري رقم (45) بتعديل بعض أحكام المرسوم رقم (6) لسنة 1985م بشأن تنظيم مجلسي الأوقاف السنية والجعفرية وإدارتيهما، حيث جاء فيه: ((يستبدل بنصوص المواد الثانية (فقرة أولى) والثالثة (فقرة أولى) والرابعة (فقرة ثالثة) من المرسوم رقم (6) لسنة 1985م بشأن تنظيم مجلسي الأوقاف السنية والجعفرية وإدارتيهما النصوص الآتية :
(يشكّل مجلس الأوقاف من رئيس وعشرة أعضاء على الأقل، ويشترط في عضو المجلس ألاّ يقل سنّه عن ثلاثين سنة وأن يكون ممن عرفوا بالخبرة والأمانة . وتكون المدة الأولى لمجلس الأوقاف أربع سنوات كاملة تبدأ من تاريخ صدور قرار التعيين وبانتهائها تنتهي عضوية نصف عدد الأعضاء يحددهم وزير العدل والشئون الإسلامية بالتشاور مع رئيس المجلس، ويراعى دائماً بعد ذلك وكل أربع سنوات إنهاء عضوية نصف عدد أعضاء المجلس ممن أتموا عضوية متصلة قدرها ثماني سنوات وذلك فيما عدا عضوية المجلس الأول، ويكون اجتماع المجلس صحيحاً إذا حضره نصف عدد أعضائه على الأقل بالإضافة إلى الرئيس أو نائبه حسب الأحوال).
ثالثاً: دور التطوير
إن أي إدارة لا تأخذ بالأساليب والطرق العلمية في إدارة شئونها سواء من ناحية إعداد كوادرها وصقل مواهبهم والاستفادة من طاقاتهم بالتعليم والتدريب أو من ناحية الأخذ بالوسائل العلمية في عملية التحديث لا يمكن أن يكتب لها النجاح.
وإدارة الأوقاف وكأي مؤسسة مالية لما تحتوي من هذا الكم من الأموال المنقولة تحتاج إلى عقلية علمية ذات النظرة المستقبلية في إدارة شئونها وإلى الأيدي الفنية في تطوير مواردها واستثمار ما لديها من أموال والحفاظ عليها.
لذا نرى الإدارة في وجهها الجديد تحاول أن تنحني هذا المنحنى وتسلك هذا السلوك مع موظفيها وقد قامت باستحداث الهيكل التنظيمي وتطوير نظام المعلومات وربط جميع الأقسام بشبكة الحاسب الآلي ، كما دعت إلى إشراك متولي الأوقاف وأخذ رأيهم بما يرتبط بأوقافهم من أجل تطويرها.
الأوقاف بين الشريعة والقانون
لا يخفى على أحد الارتباط الوثيق بين الأوقاف والشريعة الإسلامية ولأهمية الوقف في الشريعة الإسلامية أعد له باب خاص من أبواب الفقه بينت فيه أحكامه وشروطه وكيفية استغلاله والتصرف فيه من قبل المتولين عليه والذي يشترط فيها أن يكون امتدادا لولاية الحاكم الشرعي وأخذ إذنه في التصرف بشئونه ووضعه في النصاب الموضوع له وصرفه في الجهة الموقوف عليه تماشيا مع القاعدة الشرعية القائلة "الوقف على ما وقف عليه". وكما نص القرار رقم 11 لسنة 1991م الصادر من رئاسة مجلس الوزراء بدولة البحرين بشأن اللائحة الداخلية لمجلسي الأوقاف السنية والجعفرية والذي احتوى على تسع مواد احتوت فيما احتوت عليه أن يتولى مجلسا الأوقاف الإشراف على الأوقاف وإدارتها واستغلالها وحفظ أعيانها وقفا لمفهوم صياغة الوقف وعبارات الواقفين وبمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية والأحكام الصادرة من المحكمة الشرعية المختصة – كما مر عليك – مما يتطلب ذلك البحث في الوثائق والمستندات والرجوع إلى وقفيات الواقفين للسير والتصرف في الأوقاف بموجبها مما دعا الإدارة إلى استحداث وحدة بالإدارة هي وحدة البحث الشرعي تكون مهمتها البحث في المسائل الشرعية والإطلاع على ما يصدر من تشريع في أمور الدين خصوصا في مجال الوقف ووضع البحوث الخاصة والعمل على تطويره واستثماره بما يخدم أهدافه الدينية والاجتماعية ووضع الحلول المقترحة لحل مشاكله بما يكفل إستمراريته والحفاظ عليه وجمع المعلومات الخاصة بذلك ووضعها في ملفات خاصة يمكن الرجوع إليها وقت الحاجة. وقد أولى الحريصون في الإدارة على جعل الشريعة هي المحور الذي يدور حولها الوقف في تدبيره والتصرف فيه أهمية قصوى.
السيد عدنان بن علوي القاروني (1302هـ -1347هـ)
مؤسس إدارة الأوقاف الجعفرية
نسبــه:
هو السيد عدنان بن السيد علوي بن السيد علي آل السيد عبدالجبار القاروني التوبلي.
بلدتـــه:
كان من قرية (توبلي) الشهيرة في البحرين، وقد ولد في (البلاد القديم) في حدود سنة 1302هـ ، وسكن (جدحفص) بعد زواجه بابنة الشيخ أحمد بن حرز.
صفاتـه:
وصفه الشيخ المبارك في "ماضي البحرين وحاضرها" فقال: "كان خبيرا لبيبا". ومازال جيل الآباء من معاصريه يذكرون العديد من مناقبه وخصاله الحميدة.
دراسته:
قرأ المقدمات على خاله (السيد علوي بن حسين القاري) ثم سافر معه إلى (المحمرة). وهاجر إلى النجف الأشرف فتتلمذ على فحول العلماء منهم الشيخ هادي والشيخ عباس كاشف الغطاء والشيخ ضياء ا لدين العراقي والشيخ عبدالكريم الزنجاني وحضر أبحاث الميرزا النائيني والسيد أبي الحسن الأصفهاني والشيخ محمد رضا آل ياسين وغيرهم .
مكانته الدينية:
تولى القضاء بعد وفاة الشيخ سليمان بن أحمد بن حرز وكانت له شهرة واسعة بين معاصريه، الذين ما زال بعضهم أحياء يرزقون، وما زالوا يستعيدون ذكراه في بعض المناسبات.
وجاء في "عرائس الجنان" نقلاً عن (خطباء المنبر الحسيني) للمرجاني في ترجمة نجل المترجم له السيد محمد صالح ما لفظه: "وكان والده السيد عدنان زعيم الشيعة في البحرين، قد تولى القضاء والأوقاف وأموال القاصرين وأَمَّ في الجمعة والجماعة مدة حياته، وكان من العلماء الأعلام المقلدين."
وقال الشيخ الطهراني في "نقباء البشر" : "هو السيد عدنان بن السيد علوي بن السيد علي ابن السيد عبدالجبار الموسوي القاروني البحراني : عالم بارع وفاضل جليل."
مــؤلفـاتـــــه:
1- مشارق الشموس الجعفرية.
2- هداية الوصول إلى علم الأصول.
3- شمس العلوم المضيه في شرح اللمعة الدمشقية
4- غاية المرام في تقريب علم النحو إلى الأفهام.
5- آية الشفاء في منافع الذكر والدعاء.
وفـــاتــــه:
توفي (قدس سره) فجر يوم الخميس 21/6/1347هـ (1928م). كما ذكر ابنه في "عرائس الجنان"، وكانت وفاته فجأة ، فظل منصبه في القضاء شاغرا عدة أشهر، حتى عينت الحكومة اثنين من القضاة مكانه – كما في "القبيلة والدولة" – هما : الشيخ عبدالله بن الشيخ محمد آل طعان المتوفى سنة 1381هـ ، والشيخ محمد علي المدني المتوفى سنة 1364هـ ، وكان الأخير منهما وَصِيهُ وأستاذ ابنه السيد محمد صالح وكافله ، فقد كان لهذا الابن عند وفاة والده المترجم له تسع سنين ، فإن ميلاده – كما في "حصائل الفكر"- سنة 1338هـ ، ويعد في سلك العلماء الخطباء ولخطابته لون مميز، وهو يأبى تقلد الوظائف الرسمية، وقد تعرض في السنين الأخيرة إلى جفوة من المجتمع المتدين خاصة بسبب عبارات له وردت في الطبعة الأولى من كتابه "حصائل الفكر" فهمها أولئك على أنها قدح في المسلمات الإعتقادية، وبرر ذلك المدافعون عنه أنه سوء فهم ليس غير. وقد اضطر في الطبعات اللاحقة إلى تغيير بعضها.
رثــــاؤه:
ويلقي الخطباء والشعراء تنويها بمكانة الفقيد، ولكني لم أعثر على شيء من ذلك، غير أن نجله المذكور كان وفياَ لوالده الذي لم ينعم بالعيش في ظله الوارف إلا بضع سنين، فكتب القصائد في رثاثة وتعداد فضائله ومناقبه . . وفي ديوانه (عرائس الجنان) نماذج منها . قال في إحداها:
بعدنان يُستسقى الغمام إذا بانا
فيهمي مكان القطر تبراً وعقيانا
به استأثرت من عالم الخلد رحمة
تريه مكان الأهل حورا وولدانا
وما حال أهل الأرض بعد فراقه
وكانت من الأملاك أعلى به شانا
ترى كل وجه الأرض نارا من الأسى
وقبرا حوى جثمانه الخلد رضوانا
* * * *
حوى مجهر العلم الإلهي في الورى
جلى لعقول الشرق حكمة يونانا
ومحور أحكام القوانين للقضا
تقلده أهل الشريعة أديانا
أبٌ لليتامى القاصرين وكافل
لدائرة الأوقاف نفعا وأعيانا
حوت منه أسرار الشريعة سلطة
تمثل من عهد النبوة سلطانا
فحق له العلم الحداد له اكتسى
وقرح بالدمع الشريعة أجفانا
قبره:
دفن – قدس سره – في مقبرة (أبي عنبرة) بالبلاد القديم، وشيدت قبة على ضريحه في عام وفاته تليق بمقامه الرفيع. وفي ذلك يقول نجله في إحدى عرائس ديوانه:
بعدنان يُستسقى الغمام إذا بانا
فيهمي مكان القطر تبراً وعقيانا
وبعد تسع وعشرين سنة أعيد بناؤه، وفيه قال نجله المذكور:
حوى مجهر العلم الإلهي في الورى
جلى لعقول الشرق حكمة يونانا
المصدر:
أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين خلال 14 قرناً (المجلد الثاني/ ص705 – 709)
المراجع:
1- حصائل الفكر: للسيد محمد صالح بن السيد عدنان الموسوي، ص16.
2- عرائس الجنان: للسيد محمد صالح السيد عدنان، 2/196، 320 ، 3/392.
3- القبيلة والدولة: للدكتور فؤاد الخوري، ص175.
4- ماضي البحرين وحاضرها: للشيخ إبراهيم المبارك، ص58.
5- مشارق الشموس الدرية: للمترجم، ص9 – 30.
6- المواقف (المجلة): العدد 850، يوليو1991م، ص 14.
7- نقباء البشر: للشيخ الطهراني، 3/126.
سجل السيد عدنان
شغل السيد عدنان منصب القضاء الجعفري في أيامه، ومنصب رئاسة الأوقاف الجعفرية، وأموال القاصرين، وخلال هذه الفترة بذل السيد الجليل جهداً كبيراً في حفظ الأوقاف المعروفة ضمن فترة توليه الأوقاف (1927 – 1928م)، إذ قام بعملية مسح كاملة وشاملة لجميع الأوقاف في جميع قرى ومدن البحرين، وتحديد حدودها وذكر الواقفين لها، وبيان أوجه الصرف لها، حيث قام بتدوينها في دفتر سمي باسمه "سجل السيد عدنان" الذي يعتبر بمثابة وثيقة تاريخية ومرجعا أساسيا تستند إليه إدارة الأوقاف في تسجيل أراضيها وأملاكها غير الموثقة
نموذج من سجل السيد عدنان
المصدر: الاوقاف الجعفرية