هذا البحث يتحدث حول قلعة عجاج (قلعة البرتغال) ويستعرض تاريخها على مراحل مختصرة ثم يتطرق للعتوب ويستعرض بعض المراحل من تاريخهم وللاسف لم نجد اسم الباحث، البحث قد يحوي معلومات غير صحيحة ولكن ننقله للفائدة، وان شاء الله سنرفق البوم من صور القلعة في الفترة القادة
المقدمة: كانت البحرين وما تزال محل أنظار العالم ومحل أطماع الدولة والقوى والمختلفة نظراً لموقعها الاستراتيجي ومواردها ، فقد حكم البحرين أصحاب حركة الزنج والقرامطة وكذلك العيونيون وآل عصفور وآل جبور والعمانيين والبرتغاليين
وكان آخرهم العتوب المتمثلة بعائلة آل خليفة ، وما زلت الا البحرين بعد الحماية البريطانية ، تتمركز بها الأسطول الأمريكي الخامس .
ففي ذا البحث المتواضع سوف ابحث أهمية قلعة البحرين أثناء الغزو البرتغالي كما سوف أبين التسمية
-
التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية ، الشيخ محمد ابن الشيخ خليفة بن حمد النبهاني، دار احياء العلوم ، بيروت ، الطبعة الثانية 1999
-
العقد النظيم في تاريخ أوال والبلاد القديم لحسن ابراهيم السعيد ، 1994
-
من تراث البحرين الشعبي، صلاح علي المدني وكريم علي العريض ، الطبعة الثانية 1994 ، وزارة الإعلام بدولة البحرين
الحقيقة لهذه القلعة ، كما سوف يكون في الجزء الآخر من البحث عن أوضاع العتوب خلال القرن الثامن عشر.
أهميه قلعه البحرين أثناء الغزو البرتغالي
تقع قلعة البحرين والتي كانت تسمى سابقا بقلعة ( عجاج)[1] ، على الساحل الشمالي لجزيرة البحرين وتحتل موقعا مهما في نهاية خليج مفتوح . تحدها من الشرق مدينة (المنامة9 حيث تشرف على ارض مفتوحة تصل مساحتها إلى حوالي 32 هكتارا تنتشر فوقها بساتين النخيل.[2]
وإذا ما حاولنا معرفة بعض الأمور المعمارية لهذه القلعة فسوف نجد إن لهذه القلعة بابين، احدهما اخذ مكانه في البرج الشمالي، وهو باب مموه، أقيم ليسهل على سكان القلعة الهرب حين يداهمها الأعداء بالهجوم.
أمام الباب الآخر، هو الباب الرئيسي فيوجد في جهة الغرب. كما وتوجد بالإضافة إلى هذين البابين، فتحات ضيقة بينهما تستخدم للدفاع.[3]
قلعة البحرين ام قلعة البرتغال ؟
اختلط على بعض المؤرخين والكتاب عن المؤسس الحقيقي لقلعة البحرين والتي كانت تعتبر إنها من آثار الاحتلال البرتغالي إلا إن الحفريات و أعمال التنقيب الأخيرة أثبتت العكس، فالحفريات تثبت إن أساسات القلعة تعود لعصر باربار في الإلف الثالث قبل الميلاد وتمتد حتى القرن السادس عشر ميلادي .. حفريات العصر الإسلامي تعطي معلومات أكثر دقة عن الحوادث التي مرت بالبحرين وتشير إن المسلمين أعادوا بناء القلعة على الطرز البيزنطي.. [4]
فالجبور هم من بنو قلعة البحرين وذلك من اجل صد الغزو البرتغالي ، فقد استعان السلطان مقرن بعمل مهرة من الترك والعرب وقد قامت هذه القلعة على ركام قلعة أخرى وكانت هذه القلعة لها الدور البارز في وقت المعركة التي كانت بين قوى البرتغاليين والسلطان مقرن .
دور القلعة في غزو البحرين
لقد كانت قلعة البحرين لها الدور البارز لدى الجور من اجل صد الغزو الذي تعرضوه له من قبل البرتغاليين ، ففي 27 يوليو 1521م، قد هاجمت القوات البرتغالية السور الذي أقامه سلطان مقرن وقد حاولوا البرتغاليين بدك السور بواسطة المدافع ، وكيف إن البرتغاليين قد وصلوا إلى الخندق المحيط بالقلعة ، وعندما وقعوا البرتغاليين في خدعة وحصار أمام سور القلعة إلى أن انتهت المركز التي استمرت أيام، وكانت نهاية المعركة بفوز البرتغاليين. وكانت معركة فتح البحرين واحتلالها على يد البرتغاليين عام 1521م أطول معارك البرتغاليين في الخليج العربي منذ وصولهم. [5] و عندما احتلوا البحرين وتثبتوا من المزايا العسكرية الإستراتيجية بقلعة البحرين وكان ذلك في عام 1522م.
فقد قاموا بترميم القلعة وتوسيعها، وحفروا حولها خندقا حولها خندقا جافا يبلغ عرضه 30 قدما ليصد الغارات، وقد استفاد منها البرتغاليون بفترة لا تقل عن 80 عاما، هي فترة حكمهم للبحرين.[6]
دور قلعة البحرين في إنهاء حكم البرتغاليين
فقد كانت هناك عدد أسباب إلى تمرد البحرينيين على البرتغاليين منها أسباب داخلية ومن هذه الأسباب أن البرتغاليين قد رفعوا مبلغ الضريبة السنوية الذي كان على هرمز إن تدفعه لهم سنويا إلى مائة ألف أشرفي عام 1529م، وبالتالي تم رفع ضريبة البحرين إلى الضعف تقريبا. وقد تجمعت الأسباب الداخلية والخارجية مما أدت إلى رفض بدر الدين دفع ضرائب البحرين وعصيان الأوامر البرتغالية.
قرر نائب الملك في الهند إرسال حملة تأديبية لإخماد الثورة البحرين الثانية ، ويذكر ان بدر الدين جمع حوالي ثمانمائة مقاتل حوله وتحصن بقلعة البحرين ورفض تسليمها للبرتغاليين ، وقد انتهت حملة البرتغاليين ضد ثورة البحرين الكبرى عام 1529م ، إلا ان البرتغاليين عادوا من جديد لفرض سيطرتهم على قلعة البحرين بفضل الامتدادات التي وصلتهم من الهند . ورغم سيطرة البرتغاليين امتد من عام 1529م الى 1602م دونما انقطاع إلا ان الحكم لم يكن مستقراً حتى تم طردهم من البحرين نهائيا عام 1602م . [7]
العتوب في القرن الثامن عشر
من هم العتوب
العتوب هم حلف يضم أفخاذ كثيرة تضم لعدة من القبائل التي هاجرت من مساكنها في نجد واستقرت على ضفاف الخليج بقرب البحرين. وهناك البعض يذهب إلى إن العتوب كانوا يقطنون بقرب من شط العرب في ام قصر، حيث كانوا يعملون هنالك للقرصنة ونهب السفن البحرية، فقد كان هذا العمل هو السائد في ذلك الوقت في خليج فارس، وهو يشبه غزو القبائل بعضهم لبعض في البر. [8] وتسمية العتوب اشتقت من الفعل عتب أي انتقل وارتحل ، ومن عشائر العتوب من ينتمي لقبيلة عنزه وقبيلة تميم وسليم … ومنهم العشائر التي تنتمي الى آل خليفة و آل الصباح والجلاهمة والفاضل ومن هاجر معهم من منطقة الافلاج. [9]
سبب هجرة العتوب من نجد
هاجر العتوب من نجد نحو سواحل الخليج مع بداية القرن الثامن عشر لأسباب اختلف حولها الباحثون فمنهم من يرجع ذلك الى المجاعة او الجفاف الذي أصاب أواسط شبه الجزيرة في منتصف القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر حيث اضطر العتوب وغيرهم من القبائل للهجرة بسبب الجفاف. البعض الاخر من الباحثين يرجع سبب الهجرة للنزاع الذي وقع بين العتوب وأبناء عمومتهم من بطن جميلة من عنزة.
المناطق التي ارتحلوا اليها قبل الكويت
ارتحل العتوب مع بداية القرن الثامن عشر من صحراء نجد واستقروا في مناطق مختلفة قبل التوجه للكويت ، وقد أجمع الباحثون على استقرار العتوب في قطر ولكنهم اختلفوا في مدة بقائهم فيها ، حيث يرى البعض انهم استقروا ما يقرب من خمسين سنة استطاعوا خلالها ان يتعلموا ركوب البحر ، ويصبحوا بالتالي أمة بحرية. ولكن الشيخ عبد الله ال خليفة يرى أن بقاءهم في قطر 30 سنة تقريبا.
العتوب والاستقرار في الكويت
لم يستطع الكتاب تحديد تاريخ معين لوصول العتوب الى الكويت ، الا ان المستر واردن WARDEN وغيره من موظفي حكومة بومباي يشير الى ان أسلاف ال خليفة وال صباح وصلوا الكويت في حوالي 1716م ، وبدأوا في ادارة البلد. [10]
يقول فرنسيس واردن WARDEN عضو مجلس بومباي ، ومساعد المقيم في الخليج : حوالي 1716 دخلت ثلاث قبائل عربية ذات شأن ، هي بنوصباح والجلاهمة وال خليفة ، تحدوها حوافز المصلحة والطموح ، في معاهدة واستولت على بقعة من الأرض على الساحل الشمالي الغربي من الخليج تسمى الكويت ، وكان بنو صباح في ذلك الوقت تحت رياسة الشيخ سليمان بن أحمد والجلاهمة تحت زعامة جابر بن عتبة ، وال الخليفة تحت رياسة خليفة بن محمد.
ويشير بعض الباحثين العرب الى ان المستر واردن WARDEN لم يلزم الصواب في بعض النقاط التي تطرق اليها بالنسبة لوصول العتوب للكويت . فمن الثابت ان العتوب لم ينزلوا الكويت دفعة واحدة – كما يرى واردن – ، فبعض الأسر كانت أسبق في الحضور من غيرها.
وبعد وصول العتوب للكويت اتفقت الأسر الثلاث ال خليفة وال الصباح والجلاهمة على تقسيم أعمال ادارة البلد فيما بينهم ، فأوكلت مهمة الحكومة لال الصباح ، ومهمة التجارة لال خليفة ومهمة شئون البحر للجلاهمة . وخشي ال الصباح وال خليفة الذين نصبوا خيامهم في خليج الكويت ، أن يعترض الأتراك ، الذين كانوا يدعون ملكية المكان وكانت لهم قوة كبيرة في البصرة ، على وجودهم هناك ويطردوهم الى حيث أتوا أو يفرضوا ضرائب عليهم . وقرروا في مجلس عقده أهل الرأي بينهم ارسال مبعوث الى الباشا التركي في البصرة لكي يشرح له انهم مستوطنون فقراء نزحوا من نجد البعيدة الى الكويت طلبا للرزق ، وليست في نيتهم أذية أحد . والرجل الذي أختير للقيام بهذه المهمة يدعى صباح . وكان متقدما في السن وله من دنياه الخبرة والحظ فنجح في مهمته 0 ومنحه باشا بغداد لقب قائمقام في عام 1718 . وهكذا برزت أسرة ال صباح من بين تحالف العتوب باعتبارها الأسرة الحاكم.
ان استقرار العتوب في الكويت ساعدهم في الاستفادة من الموقع الفريد لها ، حيث استفاد العتوب من عوامل ثلاثة : أولها خطوط المواصلات البحرية للشركات التجارية الأوروبية عبر الخليج واليه ، والثاني عدم وجود قوة أخرى في الخليج تستطيع ان تقف موقف المنافسة لهم . أما العامل الثالث فهو وقوع الكويت ضمن أراضي بني خالد . فقد كان أسلوب الحكم عند هؤلاء من العوامل الرئيسية التي ساعدت على نمو التجارة وتوفير الحماية اللازمة للمدن التي قامت وازدهرت في هذه المنطقة .
هجرة آل خليفة من الكويت إلى الزيارة
أسباب آل خليفة من الكويت والتي حدثت عام 1766م ، والتي قد اختلف فيها المؤرخون من أسرتي ال الصباح وال خليفة ، وانهم يرجون سبب الارتحال في انه جاء من بني كعب الا انهم اختلفوا في تفاصيل هذا السبب . وفي هذا الصدد نشير الى روايتين حول أسباب الهجرة من الكويت تمثلان وجهة نظر ال خليفة : –
الأولى : فرواية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة تقول : انه سمع من كبار عشيرته آل خليفة ان سبب الهجرة كان محددة . وذلك ان احدى سفن الشيخ محمد بن خليفة وفيها احد ابنائه كانت راسيه في الدورق، وكانت تحمل تمرا فهاجمها قطاع الطرق ليلا بهدف نهبها ونشبت بين المهاجمين واصحاب السفينه معركة انتهت بقتل احد المهاجمين وهو من بني كعب. وغادرت السفينه مرساها بسرعة وعادت للكويت. فطلب بنو كعب بتسليم ابن الشيخ محمد لاخذ الثأر منه لقتيلهم فرفض الشيخ محمد تسليم ابنه واقترح عليه الشيخ عبدالله بن صباح ان يأخذوا الابن في مسيرة ويذهبون الى بني كعب ويطلبوا منهم الصفح على ان يدفعوا لهم دية القتيل، فلم يوافق الشيخ محمد على ذلك الرأي وقال انه مستعد لدفع الدية مهما بلغت ولكنه لن يسلم ابنه وخاصة ان بني كعب هم الذين بدأوا بالعدوان فاشتد الخلاف بين بني كعب والشيخ عبدالله نتيجة لذلك الرفض. مما دعا الاخير الى الإلحاح على الشيخ محمد بتسليم ابنه على اساس انه ليس في مقدورهم محاربة بني كعب فادى ذلك الى المغادرة الشيخ محمد آل خليفة مع من رافقه من العتوب وتوجه الى اقاربه واصهاره العتوب من آل بنعلي الذين هاجروا من الكويت في وقت سابق وسكنوا الفريجة في قطر فسكن عندهم وأسس مدينة الزبارة وفي وقت لا حق واستقل بها عن قطر. [11] وقد سلكت طريق البحر نحو جزر البحرين . لإقامة هناك الا ان حكامها من آل مذكور حالوا بينهم وبين ذلك ، فاتجهوا الى شبه جزيرة قطر وأقاموا في الزبارة.
الثانية : ينقلها الدكتور أبو حاكمة في كتابه تاريخ شرقي الجزيرة العربية ، وقد علم بها من الشيخ عبد الله بن خالد ال خليفة : انه سبق لجد خليفة انه حكم الكويت أو المنطقة التي كان يقيم فيها العتوب وذلك قبل استيطانهم الكويت ، وقد قام فيصل بتزويج احدى كريماته من جابر ، والد الشيخ صباح بعد انتخاب صباح حاكما على البلاد ، ولم يعترض أحد من عمومته على الزواج المذكور أملا في ان الحاكم الذي سيخلفه لابد وان يكون من أسرة فيصل . على كل حال فان اختيار عبد الله أصغر أبناء صباح للحكم أثار ثائرة خليفة الذي كان ينوي ان يحل محل صباح في الحكم ، وازاء ذلك اضطر خليفة الى مغادرة الكويت .
الزبارة
الزبارة مدينة تقع على ساحل شبه جزيرة قطر الشمالي الغربي ، ومعنى الزبارة في لسان العرب من الزبر وهو وضع البيان او الحجارة بعضها فوق بعض وعند أهل الخليج العربي تعني أكمة او تلة صغيرة ترتفع عن الارض وسمي المكان الذي بنيت هذه المدينة بالزبارة لوجود تلة صغيرة فيه وهناك محل آخر في قطر يدعى ابا الزبارة . اما تسمية الاماكن فالعرب يسمون كل قطعة من صحرائهم باسم ليستدلوا به في معرفتها وقد اختاروا سكنى الزبارة لما تتميز به من ميناء مجاور للسفن ولقربها من الماء والمرعى والحطب ولم يرد أي ذكر للزبارة في التاريخ قبيل تأسيس الشيخ محمد بن خليفة لها ولقلعته المشهورة فيها بعد نزوحه من الكويت الى قطر.[12]
وقد تأسست الزبارة في عام 1762م وذلك لان الشيخ محمد بن خليفة بعد هجرته الى الزبارة تزوج من آل بوكوراة وانجب من زوجته هذه ولديه على و ابراهيم وقتئذ كان زهاء عشرين عاما. وقد قام ببناء قلعة على الماء الذي يستقون منه وسماها صبحا على اسم قلعتهم في الهدار وتسمى ايضا قلعة مرير نسبة الى الماء الذي بنيت حوله ولا زالت صور اثارها معروفة وكانت قلعة حصينة واتم بناءها .
وقد ساعدت الظروف الاقتصادية والسياسية على ازدهار الزبارة وعمرانها واتساعها حتى اصبحت اكبر مدينة في قطر ومن تلك الظروف مطالبة المسلمي الشيخ محمد بن خليفة بدفع بعض الرسوم وقد دفعها له عدة سنوات وبعد ان اتم بناء القلعة امنتع عن الدفع و أنظمت له قبائل قطر فامتنعت هي الاخرى عن دفع الرسوم للمسلمي مما ادى الى نشوب معركة بين آل خليفة واعوانهم من جهة والمسلمي واعوانه من جهة اخرى وعلى اثر هذه المعركة انهزم فيها المسلمي في وقعة السميسمة في قطر وبعد هذه الواقعة برز دور الزبارة واضمحل نفوذ " الحويله " التي كان فيها آل مسلم.[13]
وفي حوالي سنة 1772م توفي الشيخ محمد بن خليفة وخلفه ابنه الشيخ خليفة وكان الشيخ خليفة بن محمد ورعا تقيا وأديبا وشاعرا ينظم الشعر وله المام بفقه الامام مالك وفي عهده اتسعت الزبارة وذلك لاسباب منها: هجوم الزنديين على البصرة في عهد كريمخان الزندي ومحاصرتها حوالي سنة ونصف وقيل دام الحصار اربعة اشهر ودافع اهل البصرة عن مدينتهم ببسالة نادرة رغم نقص الطعام وقلة الذخيرة عندهم. ونهب العجم البصرة وفعلوا فيها الافاعيل وكان متسلمها يؤمئذ " سليمان بك الكبير" ومعه فيها مشايخ المنتفك ، فلما كانت السنة 1190هـ استولى العجم على البصرة صلحا ثم غدروا بأهلها ونهبوها وساروا الى بلد الزبير ونهبوه ودمروه وتركوه خاليا واهله ما بين منهزم طالب النجاة وقتيل . وهذا ادى الى انتقال كثير من اصحاب رؤوس الاموال والعلماء من البصرة والكويت الى الزبارة و الاحساء ومناطق الجنوب لبعدها عن الاحداث خاصة وان البصرة وقئتذ كانت مركزا تجاريا وفيها حركة اقتصادية نشيطة كما ان الرفاء الاقتصادي ادى الى التقدم في العلوم والعمران فيها فلما انتقل بعض التجار بخبرتهم واموالهم الى الزبارة انتعشت المدينة، ثم ان تحول طائلة من فحول العلماء والادباء والشعراء اليها ساعد على التقدم العلمي حيث فتحوا المدارس فيها شأن ما الفوه في البصرة فعمرت الزبارة اقتصاديا وثقافيا وممن هاجر اليها بسبب هذه الأحداث احمد بن رزق التاجر المعروف.
وتعرضت البصرة لمرض الطاعون حيث كتب شاهد عيان في حوادث سنة 1772م وهو عبدالرحمن بن عبدالله السويدي المؤرخ المعاصر لانتشار وباء الطاعون في العراق والذي انتقل من بغداد الى البصرة مع اهله ثم الى الزبير وبعدها الى الكويت ووصف الكويت فأقام بها شهرا فقال ان فيها اربعة عشر مسجدا وجامعين[14]، قال لوريمر ان وباء الطاعون فتك بحوالي 200 الف نسمة من اصل ثلاثمائة الف من سكان البصرة[15] وفي رواية ولم يبق من اهل البصرة الا القليل فقد احصى من مات من اهلها فبلغوا ثلاثمائة وخمسين الفا ومن اهل الزبير ستة الآلف نفس. وهذا الوباء دفع بالكثير من سكان البصرة الى النزوح الى الزبارة حتى قيل خراب البصرة عمار الزبارة – لان كثيرا من العلماء الذين عاشوا في الزبارة كانوا في فترة من حياتهم في البصرة.
كذلك ظهر آل سعود وحركة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الاصلاحية بينما ضعف سلطان آل عريعر نتيجة الخلافات الاسرية بين آل عريعر وهم من بني خالد فتغلب الامير عبدالعزيز بن محمد بن سعود على نجد والبادية. هذا النزاع الاسري ادى الى نمو الزبارة والى التقدم الاقتصادي عند العتوب في ظل ذلك النزاع الذي كان له كبير الاثر في عدم الاستقرار واضطراب الامن مما دفع بعض سكان الاحساء ونجد الى الرحيل عنها وسكني الزبارة والكويت.
ان الفترة التي عاصرت نشؤ وازهار الزبارة قد شهدت حدوث قحط وغلاء ففي سنة 1767م ، ارتفعت الاثمان ونفق الزاد في جميع البلدان واستمر الغلاء في السنة التي تليها وسمي ذلك القحط والغلاء العظيم " سوقه" مات فيه خلائق كثيرة جوعا وجلا كثير من اهل نجد الى البصرة والزبير والحسا.
وقد ساعد نزول آل خليفة ومن والاهم للزبارة على نمو الثروة لسكناهم بقرب المصدر الاساسي لثروة الخليج وهو اللؤلؤ. وتمتعت الزبارة بنوع من حرية التجارة فان عدم فرض ضرائب على السلع التجارية فيها شجع التجار على الدخول اليها بتجارتهم فاصبحت وقتئذ منطقة جذب اذ ترد اليها البضائع للاستهلاك ثم يصدر الفائض منها الى نجد والاحساء وغيرها.
أحداث وقعة الزبارة
ولما توطد حكم الشيخ خليفة بن محمد بن خليفة على الزبارة شرع بعض عشيرته وأتباعه بالاشتغال في التجارة فكانوا يأتون جزيرة البحرين ويشترون منها اللؤلؤ ويسافرون به الى ارض الهند فيبيعونه ويرجعون الى بلادهم. فوافق في بعض الايام ان اعتدوا على خدم لآل خليفة جاءوا الى بلدة في البحرين تسمى سترة لشراء جدوع النخيل فأدى ذلك الى وقوع قتال بين خدم آل خليفة واهل البحرين وكانت النتيجة قتل خادم آل خليفة الذي يسمى اسماعيل . فغضب لذلك اهل الزبارة جميعا ثم انهم ارسلوا اناسا مسلحين في سفينة صغيرة للأخذ بثار المقتول. فساروا الى سترة وتقابلوا مع رهط القاتلين حتى تمكنوا من قتل غريمهم، فعظمت المصيبة عند اهل البحرين اللذين طالبوا من حاكمهم بأخذ الثار[16]، فجمع الشيخ نصر قوة كبيرة قوامها الفا مقاتل وقيل 4000. جندي بقيادة محمد أبن اخي الشيخ نصر . وحاصرت هذه القوى الزبارة ورغم ان الشيخ نصر اعتبر هذه القوه كافيه لغزو الزبارة الا انه اراد تقويض قوة العتوب بمجرد محاصرته لمينائهم وقام لذلك بدوريات في اسطوله بين البحرين والزبارة باستمرار ودام الحصار للزبارة نحو شهر وقد توسط " ميرغني" من بندر ريج بين الشيخ نصر وآل خليفة حقنا للدماء ولكن الشيخ نصر قدم شروطا قاسية للصلح فلم تنجح الواسطة فحل محله الشيخ راشد بن الشيخ رحمة القاسمي شيخ جلفار وحاول تسوية النزاع بين الطرفين بصورة سلمية ولكن محاولاته باءت بالفشل وكان الشيخ عبدالله بن خليفة بن محمد آل خليفة يمثل الزبارة في المفاوضات وقد وافق على شروط الصلح الا ان الشيخ نصر ال مذكور ومن يمثله رفضوا تلك الشروط وطلب استسلام اهل الزبارة بدون قيد او شرط واشترط له الحق في التحكيم برقاب اهلها فلما لم تجد المفاوضات نفعا مع الشيخ نصر طلب الشيخ عبدالله بن خليفة من ان ينزل قواته واخبره بان حصاره للزبارة غير مجدي مادامت القوافل وهي تحمل الغداء تاتي باستمرار من الصحراء ، كما انه استفز خصمه بقوله : انه من العار عليه وهو يمثل دولة العجم ان يبقى محاصرا للزبارة دون ان ينزل للحرب ، فاجابه شيخ آل مذكور انه يخشى ان يهرب اهل الزبارة عندما تنزل قواته بين الزبارة وفريجه في وقت صلاة الجمعة وقد اتخذ هذا الوقت لانشغال الناس بأداء الصلاة فيفاجئهم وهم بالمساجد دون ان يعلم ان اجتماعاتهم هذا ادى الى قوتهم كما ان المصلين في فريجه توجهوا بسيوفهم لنجدة اخوانهم في الزبارة وكانت أمراه قد انتدبتهم واستنجدت بهم ضد الغزاة وحدثت المعركة في يوم الجمعة الموافق ديسمبر 1782م هكذا فوجئت القوات الغازية بهجوم مضاد وقوي ضدها فور نزولها وبعد قتال عنيف اجبر الغزاة و على الفرار الى قواربهم وقتل الشيخ محمد ابن اخي الشيخ نصر كما قتل ابن اخي الشيخ راشد وبعض الرجال البارزين من جماعة شيخ هرمز فرفع ذلك الانتصار من معنويات آل خليفة ومن معهم من القبائل الذين اتجهوا الى البحرين .
نتائج المعركة
وكان انسحاب نصر بمعظم ما بقى من قواته الى بو شهر قد ادى الى سوء الاحول في البحرين وذلك لضعف حاميتها وقد كانوا ينتظرون مددا من الشيخ آل مذكور ، وصادف أيضا ان هناك فتنة أهلية داخل البحرين، فقيل ان الشيخ نصر لما فر من الزبارة كان فراره رأسا الى بوشهر ولما رأى اهل البحرين خلوها من حاكمها وكسرتهم المشئومة بالزبارة وكأنهم ادركوا ضعف الدولة الفارسية في ذلك الوقت فقد انقسمت البلاد الى حزبين حزب اهل جدحفص وفيها نائب الحكومة او وزيرها مدن ورئيسها السيد ماجد وغاية هذا الجزب هي لا تخرج من احد الوجهين الآتيين اما ان يكون قد طمع في ان يستقل بالحكم البلاد عن حكومة ايران المنهزمة فيخلفه على السلطه لنفسه والحاكم يكون السيد ماجد الجدحفصي واما ان يكون ثابت على ولائه للحكومة الايرانية ويريد ان يحافظ على سلطتها وان يمثلهم ، اما الحزب الثاني فهم اهل البلاد القديم وهؤلاء موقفهم موقف الضد والمنافس الحاسد ورئيس هذا الحزب الشيخ احمد بن رقية والعداوة بين اهل البلاد وجدحفص لا يعرف أسبابها الحقيقية ، فأذا بهم يتضاربون بالسيوف فقتل بينهما من قتل وانتهى الامر بفوز الحزب الجدحفصي ، وما اراد ذلك الحزب الا الانتقام فقد ارسل مكاتيب الى آل خليفة بالزبارة يدعوهم بالاستلاء على البحرين وانهم سيعاونهم[17] . ومن نتائج معركة الزبارة هي استيلاء آل خليفة على البحرين وكان ذلك على يد الشيخ احمد بن محمد الخليفة الذي لقب بالفاتح لفتحه البحرين ، ولما استتب حكم الشيخ احمد الفاتح ورتب امور البلد عاد الى الزبارة بعد ان جعل على البحرين امير من قبله وهو الشيخ علي بن فارس الشاعر الاديب قال ابن سند لقد وزر والي اوال الشيخ احمد بن محمد الخليفة للشيخ علي بن فارس فزين تلك الوزراة وجمل هاتيك الامارة بآرائه الثواقب وسيرته الحسنة وجعل مقره قلعة الديوان الكائنة في المنامة وصار الشيخ احمد ياتي الى البحرين صيفا وفي الزبارة شتاء واذا حل الربيع كان الشيخ احمد يرتاد ( جرى الشيخ احمد) وهي روضة مستطيلة في البحرين تخضر بعد سقوط المطر وفيها عين ماء جارية ومن الاحداث التي عاصرها الفاتح توسع الدولة السعودية الاولى في شرق الجزيرة العربية ومحاربتها لآل عريعر وهم من بني خالد في الاحساء والقطيف والتي ادت الى التجاء آل عريعر الى الدولة العثمانية وقد امدوهم بقوة كبيرة اتجهت لمحاربة الامام سعود في الاحساء للدفاع عن نفسها. فجمع الشيخ احمد الفاتح قومه في الزباره والبحرين واخذ يتشاور معهم للدفاع عن بلادهم ففكروا بحفر قناة تصل بيتن العديد وسلوى فتجعل من قطر جزيرة ولكنهم استصعبوا الامر واكتفوا بحفر خندق من البحرين الى قلعة مير في الزبارة وطوله نحو فرسخ ونصف ، وجمع رجاله وأشار عليهم ان يبني على طرفي هذا الخندق او القناة حصونا او ابراجا لتحمي السفن حتى تصل الى القلعة وتعهد جماعة الشيخ احمد الفاتح من اهل الزبارة والبحرين بتحمل مصاريف الحفر ولما تم انجاز هذا المشروع الدفاعي انتقل الشيخ احمد بن محمد الخليفة (الفاتح) الى جوار ربه في عام 1794م.[18]
المصادر
الكتب
4. الغزو البرتغالي للجنوب العربي والخليج في الفترة ما بين 1507 -1525م ، محمد حميد السلمان ، مركز زايد للتراث والتاريخ ، 2000م
جزيرة العرب في القرن العشرين ، لحافظ وهبة ، الطبعة الثالثة
تاريخ العتوب ، آل خليفة في البحرين من 1700 الى 1970م ، منى غزال ، الطبعة الأولى ، 1991
البحرين بين الاستقلال السياسي والانطلاق الدولي ، امل الزياني ، 1994
8. دليل الخليج ، الجزء الثالث ، ج. ج لوريمر ، مطابع العروبة ، الدوحة قطر ، 1967
عقد اللال في تاريخ أوال ، الشيخ محمد على التاجر ، مؤسسة الايام للصحافة والطباعة والنشر ، 1994
الدوريات
مجلة الوثيقة العدد الثاني السنة الأولى يناير 1983 ، حفريات قلعة البحرين تضيف معلومات جديدة عن التراث الحضاري للبلاد ، الدكتور مونيك كرفان/ الدكور ابو خلدون
مجلة الوثيقة ، العدد الرابع السنة الثانية 1984 ، من تاريخ العتوب في القرن الثامن عشر
[1] التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية ، الشيخ محمد ابن الشيخ خليفة بن حمد النبهاني، دار احياء العلوم ، بيروت ، الطبعة الثانية 1999/ العقد النظيم في تاريخ أوال والبلاد القديم لحسن ابراهيم السعيد ، 1994
[2] مجلة الوثيقة العدد الثاني السنة الاولى يناير 1983 ، حفريات قلعة البحرين تضيف معلومات جديدة عن التراث الحضاري للبلاد ، الدكتور مونيك كرفان/ الدكور ابو خلدون
[3] من تراث البحرين الشعبي، صلاح علي المدني وكريم علي العريض ، الطبعة الثانية 1994 ، وزارة الإعلام بدولة البحرين
[4] المصدر السابق ، مجلة الوثيقة العدد الثاني
[5] الغزو البرتغالي للجنوب العربي والخليج في الفترة ما بين 1507 -1525م ، محمد حميد السلمان ، مركز زايد للتراث والتاريخ ، 2000م
[6] من تراث البحرين الشعبي، صلاح علي المدني وكريم علي العريض ، الطبعة الثانية 1994 ، وزارة الاعلام بدولة البحرين
[7] المصدر السابق ، محمد حميد السلمان
[8] جزيرة العرب في القرن العشرين ، لحافظ وهبة ، الطبعة الثالثة
[9] تاريخ العتوب ، آل خليفة في البحرين من 1700 الى 1970م ، منى غزال ، الطبعة الأولى ، 1991
[10] البحرين بين الاستقلال السياسي والانطلاق الدولي ، امل الزياني ، 1994
[11] مصدر سابق، منى غزال
[12] مجلة الوثيقة ، العدد الرابع السنة الثانية 1984 ، من تاريخ العتوب في القرن الثامن عشر
[13] مصدر سابق ن منى غزال
[14] المصدر السابق ، مصدر سابق مجلة الوثيقة العدد الرابع
[15] دليل الخليج ، الجزء الثالث ، ج. ج لوريمر ، مطابع العروبة ، الدوحة قطر ، 1967
[16] مصدر سابق ، النبهاني
[17] عقد اللال في تاريخ أوال ، الشيخ محمد على التاجر ، مؤسسة الايام للصحافة والطباعة والنشر ، 1994
[18] مصدر سابق منى غزال ، مصدر سابق مجلة الوثيقة العدد الرابع
………………………………..