تدمير العشرات من القنوات المائية التاريخية(32صورة)

7

"لا شيء مثل تخريب الآثار، بحجم ما حدث عبر الاعتداء على قنوات الري الأثرية الفريدة، يكشف هزال تعامل البعض منا مع هوية البحرين وثقافتها ومقومات عراقتها في التاريخ"… مقدمة مقال وزيرة الثقافة والإعلام الشيخة مي بنت محمد آل خليفة في الصحافة البحرينية يوم الأحد 18 أكتوبر 2009م، وهي تصلح لتكون مقدمة لهذا التقرير… إلا أن سعادة الوزيرة تكتب المقال على إثر حادثة تأثر إحدى آثار القنوات المائية بمدينة حمد، وما يدعونا لكتابة هذا التقرير ليس تأثر قناة أخرى بل طمس وتدمير العشرات من الآثار

التاريخية للقنوات المائية بقرية كرزكان وخصوصاً في الجانب الشرقي منها منذ عقود واستمرت وتيرته السنوات الأخيرة دون أن يحرك أحد ساكناً!
فالوزيرة المحترمة تقول "لقد وقع المحذور الآن، على نحو لم يسبق الاجتراء على فعله من قبل. وما أفظع ما وقع، والمهم هنا أن يدفعنا هذا الفعل الطائش دفعا إلى إعادة النظر في أسلوب معالجتنا لمثل هذه الانتهاكات، فالاعتداء المرتكب أكد أننا نحتاج إلى حمل مسئوليتنا عن آثار وتاريخ وهوية البحرين على محمل الجد"…
لقد حدث ذلك من قبل – يا سعادة الوزيرة – على نحو سبق الاجتراء على فعله من قبل – وما زال – حيث دمرت وتدمر الجرافات آثار عشرات القنوات المائية التاريخية شرق قرية كرزكان لغاية مدينة حمد أو ما أصبح يعرف بمشروع اللوزي الإسكاني، فقد بدأت عملية الطمس والتدمير منذ يناير 2008م وحتى اليوم، بحجة إنشاء الوحدات السكنية.
وإن كان المقال يتحدث عن "اعتداء سافر على معلم أثري مسور"، فلماذا لم يتم تسوير الآثار التاريخية والقنوات المائية شرق كرزكان فهذا لا يتعارض مع إنشاء الوحدات السكنية في كرزكان ومشروع اللوزي بعد تسويرها وحفظها فمساحتها لن تؤثر على المخطط الإسكاني بالطبع.
تقول الوزيرة في المقال "كان يفترض بالموقع الأثري أن يكون أنقاضا. كما كان يفترض بقنوات الري التي تعود إلى الفترة الإسلامية المبكرة أن تطمس إلى أبد الآبدين، كان يفترض ذلك لو أن من اعتدى على حرم هذه القنوات نفذ مخططه كاملا من أجل مصالح ومكاسب ضيقة وغير مكترث بثروة البلاد"… نعم يا سعادة الوزيرة، إن "لو" التي جاءت في مقالك ويبدو خلفها اهتمامك الكبير بالمعاني التاريخية السامية لآثار بلدنا العزيز قد نفذت المخطط كاملاً في شرق قرية كرزكان وغرب مدينة حمد، ولم تعد القنوات المائية التي ننشر صورها في هذا التقرير إلا أنقاضاً طمست إلى أبد الآبدين!
لقد تمت تسوية أغلب القنوات بالأرض دون أن يتكلم عنها أحد رغم أن المسئولين عن المواقع الأثرية في وزارة الثقافة والإعلام لم يتغيروا منذ سنوات بعيدة وإن تغيرت مناصبهم اليوم لتزداد مسئوليتهم أكثر وأكثر، وما زال الأمر بيد المسئولين إن أرادوا حفظ العدد الضئيل من هذه القنوات المدمرة، فزيارة موقع القناة في مدينة حمد ليس أفضل من زيارة مواقع العشرات من القنوات الأثرية المدمرة في كرزكان لحفظ ما بقي منها.
وكم يتمنى الكرزكانيون أن لا يتم تكرار سيناريو تدمير الآثار التاريخية في قريتهم، فهم ما زالوا يتذكرون الآثار التاريخية المعروفة بتلال كرزكان التي طمست بالكامل، وقد جاء في كتاب "جزر البحرين… دليل مصور لتراثها، تأليف: أنجلا كلارك" ما نصه: " شهدت قرى دمستان وكرزكان والمالكية نشاطات تتعلق بالتنقيبات الأثرية خلال فترة نصف القرن الماضي، وفي عام 1978م أجرت إدارة الآثار تنقيبات في تلال كرزكان الواقعة جنوب مدرسة كرزكان الابتدائية للبنين".
يصف المعمر الكرزكاني الحاج صالح بن إبراهيم آل الشيخ القنوات المائية التاريخية بـ"النهر العظيم" الذي كان يسقي مزارع القرية (على الساحل الغربي للبحرين) قادماً من جهة الشرق (مدينة حمد حالياً) ووصولاً إلى عالي، وكان الآباء يسمون النفق التي تجري فيه المياه تحت الأرض بـ"الساب" والقنوات المائية بـ"الثـُـقَـب".
وما زال منزل آل الشيخ يضم بداخله آثاراً لإحدى القنوات المائية في شكل بئر ماء (لاحظ الصورة يساراً)، حيث كانت بعض القنوات تتوزع على عدد من المواقع في القرية على جانبي القنوات المائية لاستخدام المياه من قبل الأهالي.
وما زال الآباء يتحدثون باعتزاز عن "الساب العتيق" ويصفونه "من عجائب الزمان"، فهو نفق محفور ضمن كتل صخرية تتخلله قنوات مياه تم حفرها كآبار لتجمع المياه والسقاية، ولو لم تتعمد الأيدي في تدميرها لظلت صامدة قوية (كما هو موضح في مشهد الفيديو الذي يظهر إحدى القنوات التي قام فريق الموقع بزيارتها في فبراير 2008 رغم محاولات تدميرها).
لقد كانت القنوات المائية تعتبر المصدر الرئيسي للمياه لأهل المنطقة والبحرين عموماً، ومن شدة الحر كان الأهالي في الصيف ينتقلون للسكن في منطقة المزارع قرب البحر، وهو ما يسمونه بـ"المضاعن" كما يقول الحاج المرحوم علي بن جعفر البصري، ويقول بأن السلطات حينها كانت تحذر الأهالي من الاقتراب إلى "الساب" إذا حان موعد إطلاق المياه فهي تجرف كل ما تلاقيه من قوتها.
ويروي البصري أن اثني عشر من "الدرامكة" حفروا الساب بدون ثقب ولما وصول إلى عين الماء جرفتهم المياه، حتى أن أحدهم وصل كرزكان وكان يقول "يا ماخذة امــوالنا… لا يصيبكم ما صابنا، واحنا اثنا عشر درمكي… نبغي زكاة أموالنـا".
وما زال الحاج محمد بن عيد يتذكر أسماء مواقع القنوات المائية في "الساب العتيق"، فهي حسب قوله "أم حادث" شرق المقبرة و"الحمام الشرقي" عند بيت البصارى، و"عين مجرد" وتقع قرب محطة البترول في مدينة حمد حالياً، و"عين أم جراي" شرق كرزكان جنوب اللوزي. ويضيف عيد أن "الساب كان يتفرع منه سبعة سيبان كلها تصب في الساب العتيق. وكان الساب يغطى بالفروش (القطع الصخرية) وكانت توجد ثقب في الساب لتنظيفه.
وفي زيارته عام 2000 لموقع القنوات المائية والمعروفة أيضاً في القرية بـ"دور مبارك"، قال الأستاذ حافظ المدهون – الذي نشر بحثاً تاريخياً عن القنوات المائية بموقع كرزكان الإلكتروني – أنه تتبع مجرى القنوات المائية القادمة من جهة منطقة اللوزي (مدينة حمد) إلى القرية فوجدها عدة مجاري (سابات) تلتقي في النهاية في ساب واحد متجه إلى كرزكان.
ويتذكر المدهون عندما كان ابن السبع سنوات ويذهب مع أطفال التعليم الديني إلى رحلات تحت أشجار ونخيل "الغابة" التي كانت تغطي هذه القنوات، ويقول أن أيدي العابثين أزالت الكثير من القنوات التي كانت شرق مقبرة القرية وربما وجود هذه الأشجار الكثيفة منعت هذه الأيدي من تدمير بقية القنوات، وأغلبها مطمور تحت الأرض.
وتحدث المدهون في بحثه عن النظام المتطور للقنوات المائية في عصور قديمة مرت بالبحرين، فقد كان نظاماً متقدماً للري والتزود بالمياه، بل أنه عُدّ من عجائب ما صنع الإنسان في ذلك العصر، إذ كان الأقدمون يحفرون القناة بعمق يصل إلى 30 و 40 متراً تقريباً وفي أسفل كل قناة يتم حفر شبكة من الخنادق لجريان المياه بصورة متدرجة من الأعلى إلى الأسفل.
ففي قرية كرزكان تنحدر المياه قادمة من قرية عالي وتمر بمنطقة اللوزي، ومن أجمل ما يميز القنوات وجود خدمات للأهالي على جانبيها آنذاك، وتشمل المقاعد الصخرية للجلوس والراحة ومحلات للطبخ وحمامات للسباحة بعضها مخصص للنساء والأطفال. ويشير عدد من كبار السن في القرية إلى أن عدد من حكام البحرين والمسئولين آنذاك كانوا يستمتعون بالمجيء إلى كرزكان في الصيف للاستحمام والتنزه في المزارع وأمام ساحل القرية مع الأهالي.
لمزيد من التفاصيل التاريخية راجع البحث التاريخي "كنزكان في التاريخ" بموقع كرزكان الإلكتروني، أقسام "مصادر المياه"، و"التنقيبات الأثرية"، و"لقاءات مع كبار السن":
تقرير خاص – كرزكانـ.ـكم

 

1

 

2

 

3

 

4

 

5

 

رسم يبين كيفية حفر الأقدمين لقنوات المياه

6

 

صور التقطت للقنوات المائية في كرزكان في التسعينات

 

7

 

8

 

9

 

صور التقطت للقنوات المائية في كرزكان بتاريخ 30 نوفمبر 2007

 

10

 

11

 

12

 

13

 

صور التقطت للقنوات المائية في كرزكان بتاريخ 2 فبراير 2008 بعد تدمير المنطقة أعلاه

 

 

14

 

15

 

16

 

17

 

18

 

19

 

20

 

21

 

22

 

23

 

24

 

25

 

26

 

27

 

28

 

29

 

30

 

31

 

32

فكرتين عن“تدمير العشرات من القنوات المائية التاريخية(32صورة)”

  1. محمد الدمستاني

    عندما كنا صغار نلعب في هل القنوات وصدق كانت كبيرة وتخووف , احين خلاص راااحت بدوون رجعة بعد ما سو الاسكان , وكان في حفرة اسمها “الساري” كانت مشهورة وغزيرة

  2. السلام عليكم من ابو منار انا اتذكر عندما كنا اطفال كان يوجد في هذة القنوات ماء في سنة 1996ولكن الان ذهبت دون رجعة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *