بقلم الاستاذ حسين حسن سلهام
ذكرنا العديد من القرى البحرانية المندثرة في جزيرة البحرين واليوم ننقل لكم تقرير لاحدى القرى البحرانية التي اندثرت وتقع في المنطقة الشرقية (القطيف) التي كانت جزء من البحرين علما بانه توجد الكثير من القرى البحرانية المندثرة في شرق الجزيرة العربية والتي لم يسلط الضوء عليها، لذا نتمنى على الاخوة في المنطقة الشرقية ان يسعوا لتوثيق القرى المهجرة وتصوير الاثار والمعالم الباقية لتكون هذه التقارير في متناول الجميع لاسيما اهل البحرين في اوال والمنطقة الشرقية.
من خلال هذه الأسطر الآتية أزيح بعض الغبار الذي كاد ان ينسينا الكنز التاريخي المخبأ في رمال منطقة القطيف، محاولا أسلط الضوء على هذا الكنز الذي لا يقدر بثمن لينعكس توهجه على الأجيال القادمة، وسنستمر في هذا الطريق لاستخراج كنوز القطيف، ومن تلك الكنوز قرية «الشنية» الدارسة.
موقع قرية الشنية القطيفية:
من المتعارف عليه أن فرع شن بن أفصي من قبيلة عبد القيس هو الفرع الذي قاد قبيلة عبد القيس إلى إقليم البحرين قبل الإسلام في القرن الأول الميلادي بعد الحرب القبلية التي وقعت بين قبائل ربيعة وأدت الى تفرقها فاتجهت قبيلة عبد القيس إلى منطقة البحرين «الخط والقطيف وهجر».وحاربوا حلف تنوخ «قضاعة والازد وأياد» وهزموهم وسكنوا ارض البحرين وقيل المثل المعروف «عرف النخل أهله» وسكن فرع شن بن أفصي في قريتهم القطيفية التي درست وبقيت بعض آثار تلك القرية شامخة حتى عام 1428 تقريبا ومنها عين الشنية آخر دليل مادي لفرع شن العبدي، تلك العين كانت تقع بالقرب من قرية الجش وبالتحديد في الجهة الغربية الجنوبية منها خلف مدينة الأمير نايف بن عبد العزيز الرياضية وبالقرب من قرية «الجعبة» في سيحة سيهات من الجهة الجنوبية الشرقية «ارفق بعض الصور للعين التي سبق ونشرتها في شبكة راصد»، في الحقيقة أن هذه المنطقة كانت تتجاور فيها القرى الدارسة ومنها قرية آفان الدارسة وقرية برزة وقرية الحناة وقرية القرين وغيرها من قرى عبد القيس حتى ان المسعودي قال انها هي القطيف «الدارسة» في رسمه لقرية آفان القطيفية، وقد أزيلت مؤخرا آخر آثار قرية الشنية وهي تلك العين التي تحمل أسم القرية الشنية وأصبح في موقعها مخطط سكني تابع لقرية الجش «القطيف»، وقد شاهدتها قبل أزالتها وقد هدم نصف بنائها ودفنت حجارتها بالرمال والإسفلت وأصبح منتصفها يقع تحت إحدى شوارع ذاك المخطط دون أدنى اهتمام أو احتجاج من قبل هيئة السياحة والآثار ودون مراعاة لقيمتها المعنوية في حياة الشعوب «على كل حال» من هذه العين تعرفنا على موقع قرية الشنية مرابع فرع شن بن أفصي من عبد القيس.
عرف أفراد فرع شن العبدية «عبد القيس» بالشني:
قال الحازمي: " الشني منسوب إلى شن بن أفصي بن عبد القيس بن أفصي بن دعمي بن جديلة ابن أسد بن ربيعة، بطن منهم: الصلت بن حبيب الشني يروي عن سعيد بن عمرو صاحب النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم، وعمر بن الوليد الشني يروى عن عبد الله ابن بريدة وعقبة بن خالد الشني يروى عن الحسن وابن سيرين وجماعة سواهم.[1]
في قرية الشنية صنع القنا الخطية:
بنو شن بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار هم أول من ثقفوا القنا بالخط، وهم من قادوا عبد القيس الى البحرين، ومنهم نبي قومهم «عبد القيس» رئاب الشني، قال ابن حزم: " ولد شن بن أفصى: هزيز بن شن، وهو أول من ثقف القنا بالخط؛ وعدي؛ والديل. ومنهم: عمرو بن الجعيد بن صبرة بن الديل بن شن بن أفصى ابن عبد القيس، وهو الذي ساق عبد القيس من تهامة إلى البحرين؛ وكان يقال له الأفكل؛ ومن ولده: المثنى بن مخربة، صاحب علي -رضي الله عنه-؛ وعبد الرحمن بن أذينة؛ قاضي البصرة؛ وعبد الله بن أذينة أخوه. ومنهم: رئاب ابن البراء، يقول قومه إنه كان نبياً. ومنهم: الأعور الشني الشاعر "الذي فاق أهل زمانه" [2]
أشتهرت الشنية بتربية الشياه العبدية:
اشتهرت قبيلة عبد القيس بالشاه العبدية وتلك الشياه إنتاج ذاك الفحل المعز الذي أهداه النبي محمد لعبادة بن عمرو الشني عندما كان ضمن وفد عبد القيس، وذكر الحميري تلك الحادثة قوله: " وذكروا أن رجلا من وفد عبد القيس يقال له عبادة بن عمرو الشني قال للنبي صلى الله عليه و(آله) وسلم عند وفادتهم عليه ودعائه لهم: يارسول الله إني رجل أحب الشاه، فدفع له رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فحلا جليلا من المعز وقبض بيده على أصل أذن ذلك الفحل حتى استدارت أصابعه الكريمة فصار في أذنه كالسمة، فقدم به عبادة بلاده فأطرقه شياهه فجاءت بالشاة العبدية فحملها أهل البصرة من البحرين، وهم يذكرون أن ما من شاة موصوفة كريمة منها إلا وفي أذنها حلقة كالسمة فإذا وجدوها كذلك رغبوا فيها وغالوا فيها، تبلغ الشاه منها خمسين دينارا، وإذا كان في التيس مثل ذلك تنوفس فيه وبلغ عدة دنانير.[3]
كما اشتهرت الشنية بخيولها العربية:
حتى قال سويد بن خذاق الشني في فرسه الشموس:
[4]
من قرية الشنية ضرب المثل العربي الصَّيْفُ ضَيَّعَتِ اللَّبَنَ:
اشتهرت امرأة من بني شن بالمثل القائل الصَّيْفُ ضَيَّعَتِ اللَّبَنَ قال الزبيدي: طَلَّقَ الأَسوَدُ بنُ هُرمُزَ امرأَتَهُ العَنودَ الشَّنِّيَّةَ، من بَني شَنٍّ، وفي سائر النُّسَخ الشَّنيئة على وَزْنِ سَفينَة، وهو خَطأٌ، رغبةً عنها إلى امرأَةٍ جَميلَةٍ من قومِه. وفي العُباب: ذاتِ جَمالٍ ومالٍ، ثُمَّ جرى بينهما ما أَدَّى إلى المُفارَقَةِ، فتَتَبَّعَتْ نفسُه العَنودَ، فراسلَها فأَجابَتْه بقَولِها:
ْ[5]
وكذلك من قرية الشنية قيل المثل وافق شن طبقه:
قال ابن منظور: وشن قبيلة، وفي المثل: وافق شن طبقه، وفي الصحاح: وشن حي من عبد القيس، ومنهم الاعور الشني، قال ابن السكيت: هو شن بن افصي بن عبد القيس بن افصي بن دعمي بن جديلة بن اسد بن ربيعة بن نزار، وطبق حي من إياد، وكانت شن لايقام لها، فواقعتها طبق فانتصفت منها، فقيل، وافق شن طبقه، وافقه فاعتنقه، قال:
وقيل شن قبيلة كانت تكثر الغارات، فوافقهم طبق من الناس فأباروهم وأبادوهم، وروي عن الاصمعي: كان لهم وعاء من أدم فتشنن عليهم فجعلوه طبقا فوافقه، فقيل: وافق شن طبقه، وشن اسم رجل، وفي المثل: يحمل شن ويفدى لكيز.[6]
يعتبر رجال شن من مفاخر قبيلة عبد القيس:
رئاب الشني:
قال ابن كثير: " عن المسعودي أنه كان من عبد القيس، وكان اسمه جرجيس، وفي كتاب المعارف " لابن قتيبة" سمع هاتف في الجاهلية قبل الإسلام بقليل يهتف ويقول: ألا إن خير أهل الأرض ثلاثة: بحيرى، ورئاب بن البراء الشني، والثالث المنتظر، وكان الثالث المنتظر هو الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم، قال ابن قتيبة: وكان قبر رئاب الشني وقبر ولده من بعده لا يزال يرى عندهما طش وهو المطر الخفيف.[7]
كما ذكره المسعودي في قوله: " وممن كان في الفترة رئاب الشني، وكان من عبد القيس، ثم من شن، وكان على دين المسيح عيسى بن مريم قبل مبعث النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم، فسمعوا مناديا ينادي من السماء قبل مبعث نبي، خير أهل الارض ثلاثة رئاب الشني، وبحيرة الراهب، رجل آخر لم يأت بعد، يعني النبي وكان لايموت أحد من ولد رئاب فيدفن إلا رأوا واسطا على قبره [8]
الأعور الشني:
أحد أشهر الموالين لأهل البيت وله مواقف مشرفة ومنها موقفه في حرب صفين عندما احتج أهل اليمن على معاوية حيث أمر عليهم في الرياسة رجال من قريش فغم ذلك أهل اليمن وقالوا في ذلك شعرا، فقام الأعور الشني من أصحاب علي وقال: يا أمير المؤمنين، إنا لا نقول لك كما قال صاحب أهل الشام لمعاوية، ولكن نقول: زاد الله في سرورك وهداك، نظرت بنور الله فقدمت رجالا، وأخرت رجالا، عليك أن تقول، وعلينا أن نفعل، أنت الإمام، فإن هلكت فهذان من بعدك، يعني حسنا وحسينا وقد قلت شيئا فاسمعه قال: هات فأنشده:
[9]
الاعور الشني: هو بشر بن منقذ من عبد القيس. وكان شاعراً محسناً. وله ابنان شاعران أيضاً، يقال لهما جهم وجهيم. وكان المنذر بن الجارود العبدي والي إصطخر لعلي بن أبي طالب فاقتطع منها أربع مائة ألف درهم، فحبسه علي، حتى ضمنها عنه صعصعة بن صوخان، فخلى عنه، فقال الأعور الشنى:
وكان يكنى أبا منقذٍ، ويهاجى بني عصرٍ، ولهم يقول:
[10]
وذكرها ايضا السماوي قوله: " بشر بن منقذ المعروف بالأعور الشني العبدي من عبد القيس، كان فارسا شجاعا له في صفين وغيرها مآثر وإخلاص لأمير المؤمنين ، ولى المنذر بن الجارود أصطخر، فاقتطع منها مائة الف فحبسه ، ضمنها صعصعة بن صوحان العبدي عنه، فقال الشني:
[11]
وقال الأعور الشني شعرا يعبر عن التقوى والايمان:
[12]
وفي شعر له قال:
[13]
وقال شعرا عندما مكث علي في الكوفه بعد حرب الجمل ومنه:
[14]
كما أشتهرت قرية الشنية بصحبة رجالها للنبي ومنهم:
الصحابي أذينه العبدي الشني:
قال الصفدي: " أذينه العبدي والد عبد الرحمن بن أذينه. أختلف فيه فقيل أذينه بن مسلم العبدي من عبد القيس في ربيعة، وقيل أذينة بن الحارث بن معمر بن العوف، وقد قال فيه بعضهم: الشني بالشين المعجمة والنون المشددة.[15]