مقدمة حول عدد القرى
يذكر (كرستن نيبور) أنه في منتصف القرن الثامن عشر كان في البحرين 365 قرية ومدينة (1)، وهذا القول يذهب له اغلب المؤرخين الذين ذكروا البحرين قديما وكانت المقارنة تتم بين عدد قرى البحرين وأيام السنة 365 يوم، ولكن عدد القرى والمدن في البحرين تقلص بعد اضمحلال حضارة البحرين الكبرى وذلك بفعل الحروب والدمار والأحداث المريرة التي عصفت بالبحرين ككل فاختفت الكثير من القرى والمدن -التي سادت ثم بادت- فأصبح بعضها خرابا بعد رحيل أهلها عنها
وبعضها أصبحت مهجورة فتحولت إلى أطلال متراكمة تصارع النسيان وتخبئ تحت ركامها آثار وشواهد تدل على موقعها وتاريخها، وبعض القرى أحرقت عن بكرة أبيها فتحولت إلى رماد تذره الرياح فاختفت تماما وكثير من هذه القرى أحرقت في عهد خراب البحرين تلك الفترة التي أحرقت فيها بلاد البحرين عن بكرة أبيها كما جاء في كشكول الشيخ يوسف البحراني (قدس).
قرية سلباء
قرية سلبا هي إحدى القرى البحرانية التي هجرها أهلها وما زالت آثارها باقية للعيان وقد احتفظت هذه القرية الساحلية بآثارها المتناثرة كجدرانها المندرسة وهندسة بيوتها القديمة وربما بقيت أثارها بسبب موقعها المعزول والبعيد عن المناطق المسكونة فلم تجرف أرضها او تدفن.
التسمية
لم نعثر على سبب تسميتها ولكن البعض من أهل المناطق القريبة من هذه القرية ينقلون بعض الروايات او الأساطير حول تسميتها فيقولون بان تسمية سلباء تعود إلى امرأة عجوز احتالت على أهل سلباء فأخرجتهم من قريتهم فاختلت القرية من أهلها وتمكنت من سرقة الكثير من ممتلكاتهم وأموالهم فأطلق على القرية اسم سلباء، ولا نعلم مدى صحة هذا القول، ولكننا نرجح ان اسم سلباء يدل على معناه فهذه القرية النائية والمجاورة لقرية الفارسية وشباثة تعرضت للسلب من قبل السراق والوافدين من البحر ونالت نصيبها من السلب والنهب كغيرها من القرى المجاورة لا سيما ان موقعها نائي وبعيد عن التجمعات السكانية مما يجعلها عرضة للمجرمين والقراصنة الذين كانوا يأتون من السواحل القطرية القريبة من الساحل الشرقي وهذا ثابت من خلال الوثائق البريطانية التي تحدثت عن القرصنة والنهب المنظم.
سلباء في المراجع
ذكرها ج.ج. لوريمر في دليل الخليج بمسمى (صلبا) فقال: تقع على الساحل الشرقي على بعد ثلاثة أميال ونصف شرقي الرفاع الشرقي(2).
وقال عنها الشيخ محمد علي التاجر: (سيبه) قرية تقع على الساحل المذكور الشرقي المذكور في رأس ممتد بحرا.(3)
قرية سلبا او سلباء هي إحدى قرى البحرين التي هجرها أهلها في مطلع العشرينات تقريبا، وتقع في رأس ممتد بحرا ويحدها من الشرق والجنوب ساحل البحر ومن الغرب دوحة الفارسية المهجورة ومن الشمال دوحة شباثة الزراعية.
مهن أهلها
يذكر لوريمر ان سلباء تحوي (30) كوخ لبني (يتيل) الذين يعملون بصيد السمك (4).
ولكن يذكر بعض كبار السن من أهل المنطقة ان أهلها كانوا يعملون في الصيد وبعضهم كانوا يعملون في صيد اللؤلؤ، ويقولون انها لم تكن تحوي مزارع او نخيل فطبيعة أرضها القريبة من البحر لا تجعلها صالحة للزراعة بسبب ملوحة البحر، ويذكرون أن أهل سلباء كانوا يستبدلون السمك بالتمر والخضروات من أهالي القرى القريبة منهم كالفارسية وشباثة وسترة.
استيطان المكان
يذكر الحاج علي بن كاظم (بو دهوم) النويدري ان قرية سلباء كانت تضم بعض البرستجات المبنية من الحجارة وأهلها يعملون في البحر وهم من البدو استوطنوها لفترة من العقود ثم رحلوا عنها في فترة العشرينات تقريبا ولكن موقعها كان يعود لقرية قديمة، ويقول كان من جملة الذين سكنوها في نفس لفترة قصيرة أناس من آل ثاني القطريين وكانوا يملكون فيها مجلس واسع وبعد فترة رحلوا عنها وبقت بيوتهم خرائب مهجورة، ويضيف كان بعض البدو يأتون من قطر والجزيرة العربية بحثا عن الرزق ويقيمون قرب السواحل لفترة ثم يرحلون خلف أرزاقهم.
وهذا القول يذهب له الباحث حسين محمد حسن الجمري حيث يقول ان قرية سلباء كانت مسكونة قبل سكناها الأخير حيث كانت قرية قديمة مهجورة وبعد مجيء بعض البدو من الرحالة سكنوا فيها وبنو لهم فيها بعض البرستجات والعرش.
وشخصيا ارج حان سبب رحيل أهل سلباء كان بفعل النهب والسرقات التي تجعلهم يعيشون حالة من التوتر الدائم فرحيلهم كان بحثا عن الاستقرار النفسي والأمني بالدرجة الاولى.
أطلالها المتبقية
من خلال الزيارة الميدانية التي قمنا بها إلى موقع قرية سلباء استطعنا العثور على موقعها وأثارها حيث تقع في منطقة معزولة بالقرب من مضخة شفط مياه التبريد التابعة لشركة نفط البحرين (بابكو)، وبسبب قربها من المنشأة الصناعية أصبحت منطقتها شبه محظورة ولا يقترب منها احد لذا احتفظت القرية ببعض آثارها وأطلالها المتناثرة، وما زالت بعض أساسات البرستجات –الأكواخ- واضحة وتغطيها حجارة الجدران التي انهارت عليها، ويمكن ببساطة تحديد مساحات المساكن وحجمها وإحصائها، ويمكن مشاهدة بعض جدران البرستجات المنهارة بالقرب من ساحل البحر حيث كانت مرتفعة عن سطح الأرض وكانت مياه البحر تصل إليها وتحوط جدران المنازل من الجهات الأربع لذا كان أهل المنزل يستطيعون اصطياد الأسماك عبر إلقاء الشبك (السالية) وهم في منازلهم لاسيما ان ساحل سلباء كان مشهورا بكثرة ووفرة الأسماك بكل أنواعها، وحتى قبل عقدين كان الناس يقصدون ساحل سلباء للصيد واذكر انني قبل 18 عام تقريبا ذهبت بصحبة بعض الإخوة للصيد بالقرب من ساحل سلباء وكان غنيا بالربيان والميد والأسماك المختلفة ولكن ذلك الساحل الرملي والنظيف تحول اليوم الى بقعة سوداء من الوحل والمواد النفطية بسبب التجاوزات البيئية لشركة بابكو.
المصادر:
………………………………..
(1)- كتاب رحلة إلى شبه الجزيرة العربية، كرستن نيبور.
(2)- دليل الخليج، الجزء الأول، القسم الجغرافي، ص: 286.
(3)- عقد اللآل في تاريخ أوال، الشيخ محمد التاجر، ص:32.
(4)- دليل الخليج، الجزء الأول، القسم الجغرافي، ص: 286.
بقلم: جاسم حسين آل عباس- سنوات الجريش
والان اترككم مع الصور التي التقطتها بعدستي واتمنى ان تعجبكم
موقع قرية سلباء على الخارطة
موقع سلباء غني جدا بالطيور المهاجرة
احد الجدران المتآكلة
اثآر احد البرستجات
عملة قديمة تعود لمطلع القرن الماضي عثرنا عليها قرب احد البرستجات في قرية سلباء
اثار الجدران
موقع البرستجات القريبة من بعضها
بناء قديم معزول عن المباني المتراصة
اطلل تخبئ خلفها الكثير من الماضي
معبر قديم يفصل بين بيوت سلباء حيث كانت المياه تغمر الطرقات وهو مبني بالاحجار البحرية
اثار البرستجات الملاصقة للساحل
المعبر الحجري وبجانبه الواح مغروسة كالحاجز
المعبر من الجهة الاخرى
بين الانقاض توجد اثار ما زالت مطمورة تحت التراب
الساحل واثار التلوث الناتج عن شركة بابكو
مخزن ضخم لاحد المتنفذين قرب القرية القديمة
طريق كان احد زقاق القرية
جدار طويل ومتين
برستج مستطيل وحدوده واضحة
من الخلف مضخة بابكو
من الشمال يمر جسر او طريق البا
جدار قرب الساحل
جدران والواح متناثرة
غرب سلباء تقع شركة بابكو
الرمال تحولت الى وحل اسفنجي
منظر جميل لساحل سلباء
لوح قديم يعود لسفينة بحرية
الارض الطينية التي لوثتها بابكو
نلقاكم قريبا في جولة قادمة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيراً ما سمعت بهذه المنطقة ولكن لا علم لي أين هي
لقد وضعت يدك أخي جاسم على موضع السؤال الذي كان يراودني منذ سنوات
سلباء إسم عاش مع أجداد لنا كانوا .
أما اليوم فسلباء أصبحت رماد بعد أن جار عليها الزمان فلم يبقى منها إلا الرسم
شكراً جزيلاً أخي جاسم على التقرير وعلى هذه الصور .
لازلت أعيش حلم العودة الى هذه المنطقة حتى وإن لم أطئ على أراضيها من قبل .
أخوكم ( عبدالمنعم مرزوق )
السلام عليكم :
كم وكم من مظالم لقيها أهل البحرين منذ مجيء الغزاة الغرباء اليها وقد استوقفتني خريطة موقع قرية سلباء فهو قريب الى حد ما من مصنع ألبا بالاضافة
الى تشابه الاسمين ( ألبا ، سلباء ) فهل ياترى هناك علاقة كأن يكون اسم ألبا مشتق من اسم سلباء
نشكر كل الشكر على جهودكم
السلام عليكم
اهلا بك اخي علي راشد
ليس هناك اي علاقة تربط اسم القرية بمسمى شركة البا فالاسم مستحدث
شكرا على مروركم
الأخ جاسم حسين ابراهيم آل عباس المحترم… كم تمنيت ان اكون سباقا لغيري في تصوير هذه الأطلال المندثرة والمتبقية لقرية سلباء،،كنا نعرفها سلبا بدون همزة،، فأنا على معرفة بها قبل 50 عاما تقريبا حيث كنت وبعض الرفاق نذهب لمحرقة بابكو سيرا على الأقدام ونحن في طريقنا للمحرقة نشاهد هذه الأطلال ولكن لانعلم عنها شيئا… والآن وبعد ان شاهدت هذه الصور اصبحت الحاجة ملحة عندي لتصوير هذه المنطقة,,,,, اخي جاسم لك مني خالص تحياتي وتقديري لكل جهد بدلته لتصوير هذه الأطلال……39616637
السلام عليكم
الا الاستاذ جعفر انت احد اشهر مصوري منطقة سترة ونتمنى منك ان تزودنا بالصور القديمة التي تسهم في نشر وحفظ تراث المنطقة لا سيما العكر والمعامير وسترة والمناطق الاخرى
ساتصل بك قريبا
تقبل تحياتنا
أذهلني عثوركم على العملة القديمةوالواقع يقول إن هذه الآثار اولى بالحكومة البحث عنها وحفظها بدلا من إهمالها وتركها.. بارك الله فيكم
لا أعلم لم شعرت برغبة بالبكاء وأنا أشاهد الصور ..
” شُكراً .. لروعة موقعكم “
وجدت رواية تقول ان سلبا بلدة في البحرين أستوطنهـا قسـمٍ من آل بوعينين حتى عام 1335هـ وارتحلوا منهـا إلى الجبيل ومدن البحرين بعد انتشار وباء عام بـها قضى على الكثير منهم وفي ذلك يقول الشاعر :
يصيح البوم في سلبـا بتاده
بلادٍ واشـقى من هي بـلاده
هبيل الراي يامن هو سـكنها
من الأمراض مايرفع وســـاده