الشيخ يوسف البحراني " صاحب الحدائق "

الكشكولبحر من العلم ، جبل من الحلم ، قلم من الألم ، كتاب من الحياة وتجسيد لمعالم الأخلاق . هكذا وجدته أمامي لما أراد أن يكتب عنه قلمي.
من مواليد عام 1107هـ وجاءت ولادته المباركة في قرية الماحوز من قرى البحرين الكريمة وتربى أولاً في حجر جده المرحوم الشيخ إبراهيم ( قدس الله روحه ) وكان جده كريماً رحيماً ينفق جميع ما في يده على الضيوف والأرحام ومن يقصده من أهل الإسلام ، كان يذهب إلى الغوص ويتاجر باللؤلؤ ، فما كان ليدخر شيئاً ولا يحرص على شيء إلا وأظهره لساحة الاكرام .
وقد جعل للشيخ يوسف من يعلمه القرآن الحكيم والكتابة التي يقول عنها الشيخ نفسه .

( كان خطي وخط والدي في غاية الجودة والحسن ) وكان الشيخ يؤمنذ ابن الخامس من عمره تقريباً .
يكتب الشيخ يوسف البحراني عن ترجمة نفسه في ختام كتابه المعروف " لؤلؤة البحرين " حول تراجم بعض علماء الإسلام والبحرين ما يلي :
" وفي هذه السنة صارت الواقعة بين الهولة والعتوب ، حيث أن العتوب عاثوا في البحرين الفساد ويد الحاكم قاصرة عنهم – وكان الحاكم آنذاك من آل مذكور منصوب على البحرين بدعم الحكومة الإيرانية – فكاتب شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبدالله بن ماجد الهولة – يعني الإيرانيين – ليأتوا على العتوب وجاءت طائفة من الهولة ووقعت الحرب وانكسرت البلد إلى القلعة أكابر وأصاغر حتى كسر الله العتوب ، وللوالد ( رحمه الله ) أبيات في ذكر هذه الواقعة وتاريخها لم يحضرني منها إلا البيت الأخير المشتمل على التاريخ وهو قوله :
قضية القبيلة المعذبة *** وعام تلك شتتوها فاحسبه
ثم واصل الشيخ يوسف البحراني دراسته الحوزوية في البحرين عند والده المرحوم الشيخ أحمد إلى أن اتفق مجيء العتوب لأخذ بلاد البحرين فحصل العطال والزلزال بالتأهب لحرب أولئك الأنذال – على حد تعبير الشيخ نفسه .
يكتب الشيخ البحراني عن هذه المرحلة من معاصرته للحرب قائلاً :
" وفي أول سنة وردوا لأخذها ، رجعوا بالخيبة ولم يتمكنوا منها وذلك لشدة المقاومة الشعبية لمسلمي البحرين وكذلك في المرة الثانية بعد سنة مع معاضدة جميع الأعراب والنصاب لهم – لم يفلحوا في احتلال البحرين – وفي المرة الثالثة حصروا البلد لتسليطهم على البحر ، حيث انها جزيرة ، حتى ضعفوا أهلها وفتحوها قهراً وكانت واقعة عظمى وداهية دهما ، لما وقع من عظم القتل والسلب والنهب وسفك الدماء ، فهربت الناس – سيما أكابر البلد –
يكتب الشيخ البحراني عن هذه المرحلة من معاصرته للحرب قائلاً :
" وفي أول سنة وردوا لأخذها ، رجعوا بالخيبة ولم يتمكنوا منها وذلك لشدة المقاومة الشعبية لمسلمي البحرين وكذلك في المرة الثانية بعد سنة مع معاضدة جميع الأعراب والنصاب لهم ، لم يفلحوا في احتلال البحرين وفي المرة الثالثة حصروا البلد لتسليطهم على البحر ، حيث أنها جزيرة ، حتى ضعفوا أهلها وفتحوها قهراً وكانت واقعة عظمى وداهية دهما ، لما وقع من عظم القتل والسلب والنهب وسفك الدماء ، فهربت الناس – سيما أكابر البلد – منها إلى القطيف وإلى غيرها من الأقطار ومن جملتهم الوالد ( رحمه الله ) مع جملة العيال والأولاد فإنه سافر بهم إلى القطيف وتركني في البحرين في البيت الذي لنا في قرية الشاخورة حيث أن في البيت بعض الخزائن المربوط فيها بعض الأسباب من كتب وصفر وثياب فإنه نقل معه جملة إلى القلعة التي قصدوا الحصار فيها وأبقى بعضاً في البيت مربوطاً عليه في أماكن خفية ، فأما ما نقل إلى القلعة فإنه ذهب بعد أخذهم القلعة قهراً وخرجنا جميعاً بمجرد الثياب التي علينا ولما سافر إلى القطيف بقيت أنا في البلد وقد أمرني بالتقاط ما يوجد من الكتب التي انتهبت في القلعة واستنقاذها من أيدي الشراة ، فاستنقذت جملة مما وجدته وأرسلت به إليه مع جملة ما في البيت شيئاً فشيئا ومرت هذه السنين كلها بالعطال ، ثم إني سافرت إلى القطيف لزيارة الوالد وبقيت شهرين أو ثلاثة ، فضاق بالوالد الجلوس بالقطيف لكثرة العيال وضعف الحال وقلة ما في اليد ، فعزم على الرجوع إلى البحرين وإن كانت في أيدي الخوارج ، إلا أن القضاء والقدر حال بينه وبين ما جرى في باله وخطر فاتفق أن عسكر العجم – أي الإيرانيين – مع جملة من الأعراب جاؤوا لإستخلاص البحرين من أيدي الخوارج في ضمن تلك الأيام ، فصرنا نرقب ما يصير من أمر ذلك وما ينتهي الحال من هذه المهالك حتى صارت الدائرة على العجم فقتلوا جميعاً وحرقت البلاد وكان من جملة ما حرق بالنار بيتنا في القرية المتقدمة – أي الشاخورة – فازداد الوالد ( رحمه الله ) غصة حتى توفي – بعده بشهرين ولما حضره الموت لزمني وقال : لا أبرئ لك ذمة إن جلست على سفرة وليس أخوتك حولك ومعك وذلك لأن إخوتي كانوا من أمهات أخر وأكثرهم أطفال وأكثرهم قد توفيت أمهاتهم ولم يكن لهم مرجع ، فلا علاج أني ابتليت بالعيال والحمل لثقل هؤلاء الإخوان من الكبار والأطفال وبقيت في القطيف بعد موت الوالد ( رحمه الله ) ما يقرب من سنتين " .
كل هذه الصعوبات التي مرّ بها العلامة البحراني – بداية من الحروب ومروراً بمشاكل الهجرة والهروب حتى وفاة أبيه وخلافته على العيال وزحمة الأحوال – ما كانت لتهزمه وتقعده عن تحقيق مراده وهو في مطلع شبابه وتطلعاته ، فما كان منه إلا أن يشدّ حزامه بعزم الأنبياء ويرصّ قوامه بحزم الأوصياء ويقرر أن يكون واحداً من العظماء وهكذا كان .
ألم تأت العظمة من بطن المحنة ؟
أليس الفجر يأتي من رحم الظلام ؟
وأليس المؤمن كالجبل الراسخ لا تهزه العواصف ؟
بل هو أقوى من الجبل ، لأن الجبل يستقلّ منه والمؤمن لا يستقلّ شيء من صموده في الدين واستقامته على قول ربنا الله ؟
من هنا بدأت مسيرة جديدة من حياة الشيخ يوسف البحراني ( عليه رحمة البارئ ) ، حيث واصل الدرب نحو معالي العلم ولآلئ العمل ، فبدأ يقرأ دروسه الإسلامية في القطيف على يد أستاذه الجليل الشيخ حسين الماحوزي الذي خرج بدوره من البحرين بعد وقوع الحرب فيها وتصاعد القتل في صفوف المؤمنين .
يقول الشيخ يوسف ( عليه الرحمة ) عن هذه المرحلة من حياته :
" وأنا فيما بين ذلك – أي الدراسة – أتردد إلى البحرين لأجل ما لنا فيها من النخيل لإصلاحها وجمع حواصلها – بحثاً عن لقمة العيش لليتامى وأرجع إلى القطيف واشتغل بالدرس إلى أن أخذت البحرين من أيدي الخوارج صلحاً بعد دفع مبلغ خطير لإمام الخوارج لعجز ملك العجم ةضعفه وأدبار دولته بسوء تدبيره ، فرجعت إلى البحرين وبقيت فيها خمس أو ست سنين وأنا مشتغل بالتحصيل درساً ومقابلة – أي المباحثة والمحاورة – عند شيخنا الأوحد الشيخ أحمد بن عبدالله البلادي ، ثم بعده عند الشيخ عبدالله بن علي وسافرت في ضمن تلك المدة إلى حج بيت الله الحرام وتشرفت بزيارة سيد الأنام وأبنائه الكرام ( عليهم صلوات الله الملك العلام ) وسافرت إلى القطيف لأجل تدقيق الحديث على شيخنا الشيخ حسين الماحوزي – أستاذه المتقدم – حيث أنه – أي الماحوزي – بقي في القطيف ولم يأت البحرين ، ثم رجعت إلى البحرين وضاق بي الحال لما ركبني من الديون التي أوجبت لي الهموم بسبب كثرة العيال وقلة ما في اليد واتفق حراب البلد – مرة أخرى – باستيلاء الأعراب من الهولة عليها حتى صاروا حكامها لأسباب يطول نشرها ، بعد استيلاء الأفاغنة على ملك – إيران – الشاه سلطان حسين وقتله ، ففررت إلى بلاد العجم – أي إيران – وبقيت مدة في كرمان ثم رجعت إلى شيراز فوفق الله سبحانه بالإكرام والإعزاز وعطف الله سبحانه على قلب سلطانها وحاكمها يؤمئذ وهو ميرزا محمد تقي وبقيت مدة في ظل دولته مشغولاً بالتدريس في مدرسته وإقامة الجمعة والجماعة في تلك البلاد وصنفت في تلك المدة جملة من الرسائل وشطراً من أجوبة المسائل وتفرغت للمطالعة حتى عصفت في تلك البلاد عواصف الأيام التي لا تنيم ولا تنام ففرقت شملها وبددت أهلها وانتهبت أموالها وهتكت نساؤها ولعب الزمان بأحوالها فخرجت منها إلى بعض القرى واستوطنت قصبة " فسا " بعد أن أرسلت العيال إلى البحرين وجددت عيالاً من تلك البلاد ، فبقيت فيها مشغولاً بالمطالعة وصنفت هناك كتاب ( الحدائق الناظرة ) إلى باب الأغسال وأنا مع ذلك مشتغل بالزراعة لأجل المعاش والكف عن الحاجة إلى الناس وكان متوليها الميرزا محمد علي ( رحمه الله ) في غاية المحبة لي والمراعاة والإحسان معي ولم يأخذ علي خراجاً في تلك المدة حتى نزل بتلك البلاد من حوادث الأقدار ما أوجب تفرق أهلها إلى الأقطار وقتل المتولي لها وهو الميرزا محمد علي المذكور ، فبقي الكتاب – يعني الحدائق الناظرة وهي الموسوعة الكاملة في الفقه الإسلامي وقد نسجت عليه عناكب النسيان ووقع علي فيها – أي قرية الفسا – من البلاء بسبب ذلك الخراب ما أوجب ذهاب أكثر كتبي وجملة أموالي ، ففررت منها إلى الاصطبانات وبقيت مدة أعالج مرارات الأوقات وأنا في ذلك أحاول الفرصة بالتشرف بالعتبات العاليات المجاورة في جوار الأئمة السادات ، حتى منّ الله سبحانه بالتوفيق إلى الشرب بذلك الكأس الرحيق ، فقدمت العراق وجلست في كربلاء المعلى ، على مشرفها وآبائه وأبنائه صلوات ذي العلى ، عازماً على الجلوس بها إلى الممات غير نادم بعد التشرف بها على ما ذهب مني وفات ، صابراً على ما تجري به الأقدار من يسار وإعسار حسبما قيل :
فقربكم مع قلّة المال لي غنى *** وبعدكم مع كثرة المال لي فقر
ووفق الله سبحانه بمزيد من كرمه وفضله العميم وحسن عوائده القديمة على عبده الخاطئ الأثيم بانفثاح أبواب الرزق مع جميع الآفاق وصرت بحمد الله – فارغ البال ، مرفه الحال فاشتغلت بالمطالعة والتدريس والتصنيف وشرعت في إتمام كتاب ( الحدائق الناظرة ) المتقدم ذكره .
فخرج منه من المجلدات كتاب الطهارة يشتمل على مجلدين وكتاب الصلاة يشتمل على مجلدين وكتاب الزكاة وكتاب الصوم في مجلد وكتاب الحج في مجلد وكتابنا هذا بحمدلله سبحانه لم يعمل مثله في كتب الأصحاب ولم يسبق إليه سابق في هذا الباب لإشتماله على جميع النصوص المتعلقة بكل مسألة وجميع الأقوال وجميع الفروع التي نرتبط بكل مسألة إلا ما زاغ عنه البصر وحسر عنه النظر .
حقاً كما قال ( عليه الرحمة ) إنه كتاب لم يعمل مثله ، بل إنه لموسوعة فقهية علمية استدلالية وما أعظمها ! لأنها جاءت بتوفيق من الله وحمد من عبده المخلص والله يعلم حيث يجعل رسالته .
وقد كتب الشيخ البحراني من هذه الموسوعة حتى أحكام النكاح والطلاق في مجلدها التاسع ، حيث فرغ من تأليفه في اليوم الثاني من شهر جمادى الثانية سنة 1185هـ كما صرح في آخره – أي قبل وفاته بسنة – ثم بدأ في تأليف المجلد العاشر في أحكام الظاهر ولم يتمه إذ أدركه المرض ووافاه الأجل وكان آخر كلمة كتبها من هذا الكتاب قوله " بخلاف ما مال إليه قضاتهم وحكامهم أميل " .
وجاءت تكملتها على يد ابن أخيه العلامة الشهيد حسين العصفور في مجلدين سمّاهما ( الحدائق الفاخرة في تتميم الحدائق الناظرة ) .
وإلى يومنا هذا يعتمد المجتهدون في استنباطهم لأحكام الشريعة الإسلامية على هذه الموسوعة القيمة لما فيها من جوامع العلم ومعالم الفقه ، فهي إسم حق لحقيقة لامعة على مرّ العصور ، إنها ( الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة ) ولا ترى مكتبة أحد من الفقهاء والعلماء خالية منها ، بل قد اشتهر الشيخ البحراني بين العلماء باسم كتابه الحدائق أكثر من اشتهاره باسمه الشخصي ، حتى بلغ الأمر اليوم أن البحرين في ألسنة أكثر فقهاء الإسلام تعرف باسم هذا العالم الجليل وصار اسم البحرين يتداعى منه اسم هذا البحر من العلم وكذلك العكس وكفى هذا في بيان عظمة هذا العالم الكبير والشيخ الصابر الجليل ( قدس الله روحه الزكية ) .
وإني لأذكر قبل ثماني سنوات كثيراً ما كنت أسمع من فضائل هذا العظيم على ألسنة العلماء في النجف الأشرف ، فعلى سبيل ذكر الطيبين أذكر منهم عظيمين من الأتقياء ، الأول هو العالم التقي والمرجع الديني أستاذنا في الأخلاق والروايات والحديث آية الله العظمى السيد عبدالأعلى السبزواري ( حفظه الله وأبقاه ) – مؤلف الموسوعة الفقهية الإستدلالية المعروفة باسم ( مهذّب الأحكام في الحلال والحرام ) وهي في عشرين مجلداً حتى الآن – حيث كان يثني على ( صاحب الحدائق ) كثيراً والثاني هو المجاهد الشهيد آية الله السيد مصطفى الخميني ابن الإمام الخميني ( رحمه الله ) .
أتذكر في المرة الأولى التي تعرفت عليه عند باب القبلة من حرم الإمام أمير المؤمنين علي (ع) سألني من أين ؟ قلت : من البحرين . فقال أنت من بلاد صاحب الحدائق الناظرة ، ثم تحدث لي عن فضائله وعظمته وحثّني على الدراسة والاجتهاد .
وأتذكر حينها كان عمري أربع عشرة سنة وكنت أدرس علم النحو والصرف . فسألني – أختباراً ومداعبة – عن صيغة البحرين ؟
قلت له مثنى ومفرده البحر وجمعه يأتي مكسّراً على البحار والأبحر .
قال مبتسماً في وجهي ومصغّره " البحيرة " أليس كذلك ؟
ومن العلماء السابقين الذي أكثروا الثناء على الشيخ وعلى حدائقه الناظرة هو الشيخ البلادي في كتابه ( أنوار البدرين ) في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين يقول :
" حدثني بعض العلماء أن بعض تلامذته رآه في المنام بعد وفاته بقليل وهو في مقبرة الأنصار ( أنصار الحسين سلام الله عليه وعليهم آناء الليل وأطراف النهار ) . فقال له : وصلت إلى هذا المكان العظيم الشأن ؟
أجاب الشيخ يوسف : نعم ولو أكملت الحدائق لكنت أقرب إلى الحسين (ع) من أنصاره وبالجملة فهذا الشيخ من أعاظم العلماء الأعلام وأكابر أساطين علماء الإسلام ومن وقف على كتبه وفوائده ( كالحدائق ) و ( الدرر النجفية ) و ( الرضاعية ) و ( الشهاب الثاقب ) و ( سلاسل الحديد ) و ( لؤلؤة البحرين ) وغير ذلك عرف حقيقة الحال و ( الرجال تعرف بالحق لا الحق بالرجال ) ولا سيما كتاب ( الحدائق الناظرة ) فإنه كما قلت فيه مادحاً له لتعظيم شعائر الله وترويج آثار أولياء الله . قلت هذه الأبيات :
هذا كتاب الفقه للذاكرين *** هذا رياض العلم للمجتنين
( حدائق ناظرة ) للورى *** قد أثمرت فقه الرسول الأمين
وفقه أهل البيت سادتنا *** العترة الطاهرة الطيبين
أشجارها مثمرة دائماً *** أنهارها تجري بماء معين
تجري ولكن من عيون ٍ لها *** صافية لذّا إلى الشاربين
قطوفها دانية المجتنى *** دائمة الأكل إلى الآكلين
أنوار تحقيقاتها للورى *** طاهرة نوراً إلى المؤمنين
تسرّ من شايع أهل العبا *** تسرّ أهل الحق والناظرين
غارسها ربّ التقى يوسف *** أطعم من أثمارها كلّ حين
وعمّنا الرحمان من فضله *** بالعلم والتقوى وحسن اليقين
والفوز بالرضوان في جنة *** فإنّ ربي أرحم الراحمين
ثم صلاة الله تترى على *** محمد مع آله الطاهرين
ولا عجب في أن الشيخ البحراني ( عليه الرحمة ) هو أقرب إلى الحسين (ع) من أنصاره ، لو كان يوفق لإكمال حدائقه الفقهية الناظرة ، ذلك لأن مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء – كما في الحديث – بداهة أن العلماء الرساليين هم الذين يصنعون بأقلامهم الإسلامية الهادفة من يحمل رسالة الإسلام ويستشهد في سبيل الدفاع عن قيمها التي أراد الله أن يقوم بها الناس في حياتهم .
من هنا فإنه ليس كل مداد هو أفضل من دماء الشهداء ، بل الذي يصنع القناة إلى الله لدماء الشهداء ويعبّد الطريق إلى الله لأرواح المجاهدين . أما المداد الذي يضيع الطريق السويّ على الناس ويثبط عزائم الذاهبين إلى الشهادة ويشوّه صورة الإسلام الجميل ، فإنه مداد الشياطين بكل تأكيد .
ومن الجدير هنا نقل رؤيا صادقة من عالم واثق في مكان لائق .
قال خادم محيي الحديث الشريف النبوي محمد المدعو بحسن الشريف السبزواري :
رأيت في عالم رؤياي مولانا الصاحب ( عجل الله فرجه ) في ليلة السادس من شهر شعبان المعظم سنة إحدى وثمانين ومائة بعد الألف من الهجرة النبوية ، بأوصاف وصف وزبر وسطر في كتبنا ، فسلمت عليه وردّ الجواب بأحسن ما سلمت عليه وهو مشغول بوضوء الصلاة في كمال الخضوع والخشوع ، لما فرغ من الوضوء أقبل إليّ وأخذ يتكلم معي .
قلت يا سيدي تفضل عليّ بحق الله الذي لا إله إلا هو وقل حسبك ونسبك ، ما رأيت مثلك فينا قط بهذه الفصاحة والبلاغة ، من أنت ؟ قال لي : أنا حجة الله عليكم وإمامكم .
لما سمعت هذا الكلام من الإمام أخذت أقبل يده ورجليه . قلت – جعلني الله فداك – فما سبب اختفائكم عن الناس وهم محتاجون إليكم ؟ قال : من الله ، لمصلحة استأثر الله بعلمها أو من العدو وقلة الناصر .
قلت :- جعلت فداك – أقريب ظهور دولتكم ورفاه شيعتكم ؟ قال : لا .
قلت : لم ؟
قال : الوقت لا يصلح والعصر لا يقتضي .
قلت : نحن في ضلالة وحيرة من أمور ديننا وما رجل عالم فينا يستقيم رأيه في المسائل ، كل من لاقاه يقول على خلاف غيره وما نعلم بقول من نعمل في أمور ديننا – ومن الإتفاقات الحسنة كان في يدي كتاب ( الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة ) ، من جملة مصنفات العالم العامل الفقيه الكامل الباذل شيخ المشايخ العظام ومرجع الناس في هذه الأعصار والأيام على الأنام من عند الملك العزيز العلام شيخنا المقدّم وأستاذنا المفخم الشيخ يوسف الدرازي البحراني – أدام الله تعالى وجوده بمنّه وجوده .
قلت : جعلت فداك – هذا الكتاب مشتمل على أخبار وأحكام عن أخبار الأئمة الأعلام عليهم صلوات الملك العلام – تصنيف الشيخ يوسف البحراني وانا الآن مشغول بكتابته .
لما سمع مني هذا الكلام التفت إلى الكتاب المزبور غاية الإلتفات وأخذ الكتاب من يدي وطفق ينظر فيه ولما نظر فيه مدة مديدة أقبل نحوي وقال : إعمل ولا تتحير . ولما انتهيت أيقنت أن التصنيف على درجة القبول بهذا التأليف ويجب علينا العمل .
وللمصنف مرتبة عظيمة جليلة . هذا ما رأيت في عالم الرؤيا في كربلاء المعلى في جوار سيد الشهداء (ع) .
هذا وللعلامة الشيخ يوسف البحراني أكثر من ثلاثين كتاباً ورسائل وبحوث حول العقائد والفكر والفقه الإسلامي والأخلاق والحديث والشعر والأدب العربي الرفيع .
كان يكتب أجوبة المسائل الشرعية لما يبتلى به المسلمون في أمورهم اليومية . هذه الطريقة كانت يؤمنذ بمثابة الحلول الإسلامية التي يطرحها علماء الإسلام لمشاكل المسلمين ومن الجدير بالذكر أن طائفة من علماء البحرين الذين وزعتهم حوادث الأيام على عدة بلدان كانوا يراسلون الشيخ يوسف ويرجعون إليه الناس في أحكامهم الشرعية منهم المرحوم المقدس السيد عبدالله ابن السيد علوي البحراني الذي كان يقطن مدينة بهبهان في إيران والشيخ إبراهيم ابن الشيخ عبد النبي البحراني والشيخ أحمد بن يوسف بن علي بن مظفر البحراني والشيخ أحمد ابن المقدس الدمستاني البحراني والسيد عبدالله ابن السيد حسين الشاخوري والشيخ محمد ابن الشيخ علي بن حيدر النعيمي وغيرهم .
يقول الشيخ يوسف البحراني ( صاحب الحدائق ) بعدما يذكر أسماء كتبه : " وغير ذلك مما جرى به قلمي من حواش وأجوبة مسائل فإنها عديدة ولكن هذا الذي جرى بالبال الآن " .
وفي آخر ترجمة نفسه من كتابه ( لؤلؤة البحرين في الإجازة لقرتي العين ) وهما ابنا أخويه الشيخ خلف ابن الشيخ عبدعلي والشهيد الشيخ حسين ابن الشيخ محمد يقول حيث يوصيهما بوصيته الشريفة :
" وقد أجزت لكما رواية جميع ذلك مشترطاً عليكما – دامت النعم الإلهية لديكما – ما اشترط عليّ من سلوك سبيل الإحتياط في العلم والعمل ، لتأملنا بذلك من الوقوع في مهاوي الخلل والزلل وأن لا تنسياني من الدعاء في الحياة وبعد الممات ، سيّما في مظانّ الإجابات وأعقاب الصلوات .
وقد أوصيت لكما بجميع مصنفاتي المكتوبة بيدي وغيرها من كتب ورسائل وأجوبة مسائل ، فاحتفظا بها وأكثرا من نسخها محافظة على بقائها والإنتفاع بها لمن يأتي بعدكما – إن شاء الله تعالى – مدّكما الله تعالى بالعمر السعيد ومتعكما بالعيش الرغيد حيث أنه لم يكن لي ولا لآبائكما خلف سواكما ، أدام الله تعالى علاكما ووقاكما من كل محذور وكفاكما " .
ثم إن الحديث عن حوادث البحرين أخذ مواضع كثيرة من كتاب ( لؤلؤة البحرين ) إذ يتعرض الشيخ ( قدس الله نفسه ) في تراجم علماء البحرين إلى ما جرى عليهم من الحوادث والحروب ولكن بصورة موجزة ذلك لأن الكتاب موضوعه الإجازة في الرواية وبيان السلسلة الطية من العلماء والمحدثين البررة .
ويفتتح ثناء كتابه هذا بقوله :
( الحمد لله الذي جعلنا من أهل الرواية ونور قلوبنا بأنوار المعرفة والدراية وأوضح لنا سبيل الرشد والهداية ونجانا من ظلمات الريب والغواية الذي رفع بالعلم درجات العلماء العاملين وجعلهم خلفاء سيد المرسلين بعد أولاده الأئمة المعصومين ( عليهم جميعاً صلوات رب العالمين ) ، فهم حفظة الدين ومنار المهتدين وقدوة المقتدين والصلاة والسلام على مؤسس قواعد الدين وقامع شوكة المعتدين ( الحجة القائم المهدي ) .
وللشيخ البحراني ( رضوان الله عليه ) رسالة رائعة حول أحداث البحرين ذكرها في المجلد الثاني من كتابه القيم ( جليس الحاضر وأنيس المسافر ) المعروف ( بكشكول صاحب الحدائق ) وأكثر مضامينها ما نقلناه في ترجمته هذه عن حوادث البحرين .
كما ويذكر في المجلد الثالث من الكتاب المذكور في صفحة ( 238 ) قصيدته الهادفة حول ما جرى له في إيران فيعكس في شعره مشاعره النبيلة ويكشف عن شعوره الإنساني الحي تجاه شعبه وبلاده ، فيقول عن نفسه وهو يمهّد قصيدته :
" لجامع الكشكول ( عفا الله عنه ) وقد كان ساكناً في قصبة ( فسا ) من توابع شيراز فقصدها " نعيم دادن خان " لظلم أهلها بعد أن خرب شيراز بما أوقعه فيها من الظلم والفساد ، فتفرّق أهل فسا في الصحاري والجبال والبلدان وكان الفقير ممن فرّ بجملة العيال بعد ترك جميع الأسباب والأموال إلى الجبال ، ثم إلى قصبة الأصطهبانات وكان مريض البدن أشد المرض ، بعد ذلك فجرت هذه الأبيات على البال وتضمنت حكاية الحال وكان الفرار من قصبة فسا تاريخ غرة شهر المحرم سنة 1164هـ من الهجرة المحمدية على مهاجرها أفضل الصلاة والتحية :
يحول السقم في جسمي مداماً *** ويسقيني الردى كاسات صاب
برى عظمي وزعزع طود ركني *** وأوهى قوتي وقوى عصابي
فها أنا منه في وجد ٍ وكرب *** عليل مدنف الاحشاء كابي
وديني الدّوار شرباً نهارا *** وليلي في أنين واضطراب
وقد أصبحت في دهر كنود *** به الغارات تشعل بالتهاب
وقتلٌ للنفوس بغير جرم *** وهتك فروج رّبات الحجاب
به الأموال قد صارت هباء *** بسلب وانتهاب واغتصاب
وقد خلت المساكن من ذويها *** فراراً في الوهاد وفي الهضاب
مصائب قد غدت منها دواماً *** دموع العين تجري بانسكاب
علتني نارها فغدوت منها *** طريداً في الصحاري والشعاب
أجوب البيد بالأهلين جمعا *** ومن قدمت بي في الإنتساب
ومالي فرقة يمنى ويسرى *** بجملته ترى حتى شباب
وأعظم حسرة أضنت فؤادي *** تفرّق ما بملكي من كتاب
فكم لي من كتاب مستطاب *** عفته فليس نرجو الا ياب
وكم أنعمت فكري في كتاب *** جمعت فمزقته بشرّ ناب
وأعفت ذا السقام فقام ناعي *** مصابي نادباً عصر الشباب
ولم أحسب بأن أبقى فألقى *** زماناً مثل ذا في الإنقلاب
لقد ضاقت عليّ الأرض طرّاً *** وسدّ عليّ منها كل ناب
طوتني النائبات وكنت ناراً *** على علّم بها طيّ الكتاب
فبينا منزلي ظهر الثريا *** إذا أنا معرّض لفم الذئاب
تحطّمني الزمان وفلّ عرشي *** بأرض طال في كنها اغترابي
وفرّق أسرتي وأباد قومي *** وأبدلني بهم شرور الذئاب
إلى كم يا زمان تذيب جسمي *** وترميني منك بالعجب العجاب
كأنك بالكرام ملئت غيظا *** فنكست الرؤوس إلى الذباب
ومنّا بصرتني فردا وحيدا *** غدوت تذيقني جرع المصاب
سرت عني أهيل الحي سرا *** ويمّم سائراً حادي الركاب
تسير بهم إلى الأخرى قباب *** فليتني كنت في تلك القباب
تداعوا للمقام بظلّ مولى *** جليل العفو عن حصر الحساب
وكم يممت للتقويض ركني *** وقطعت العلائق للذباب
إلى النجف الشريف وما حواه *** من المجد المنيف المستطاب
عسى أقضي بها عمري هنيئاً *** وأسعد في ثراه إلى الإياب
فتحجبني العوائق عن مرادي *** وتقصر دون ما أبغي طلابي
وأرضى بالقضاء ولو دعانا *** فعاقبة الرضا حسن الثواب
إلى الرحمان أشكوما ألاقي *** من البلوى فقد طال اكتئابي
وله رسالة ذات أبعاد تربوية رائعة كتبها إلى ابنه الشيخ محمد من إيران لما أراد التوجه إلى العتبات المقدسة في العراق وهو في الطريق ( شهر رجب سنة 1254هـ .
يقول في جانب من هذه الرسالة البليغة :
( أما بعد حمد الملك المنّان على ما أنعم من الجود والإحسان والصلاة على سيد ولد عدنان ، بل سيد الإنس والجانّ وآله أمناء الرحمان : فإني أوصيك بوصيتي ، فهذه وصيتي إليك أيها الولد العزيز ثمرة القلب والمهجة المرجو للسرور والبهجة لوصيتي هذه فاتبعها وأهديك نصيحتي هذه فخذها ولا تضيعها .
إعلم – هداك الله تعالى سبيل التوفيق وجعله لك خير صاحب ورفيق – أني قد أتعبت في تأديبك قلبي وقالبي وجعلتك همي في دنياي ومآربي وأطلت في عرفات تكميلك وقوفي وشحذت لمعرك أمرك ونهيك سيوفي وكشفت عن جوهر فهمك خبث الغباوة وصقلت مرآة فهمك بما أزال عنها صدأ الغشاوة ، حتى إذا أيقنت أن جوهرك صاف من الأكدار ولؤلؤك يفوق لآلئ البحار ، طفقت أحمد لله الواهب على جزيل العطايا والمواهب أسأله إتمام تلك الرغائب بإسبال ذيول العناية عليك في جميع المآرب وهدايتك إلى أعلى المراتب ، فاحرص – وفقك الله تعالى – على ما به سعادة داريك ونجح أمريك وهو العلم الذي به تدخل في حقيقة الإنسان الذي هو أشرف نوع الحيوان عند الملك المنّان وله أعدت المنازل العالية في أعلى قصور الجنان وهيأت له الحور والولدان وسخرت له الملائكة والإنس والجان ومن تخلى عن العلم – وإن تحلى بحلية الإنسان وشابهه في الجوارح والأركان – فهو إنسان قشري وبسر قسري ، فإنك اذا حققته لم تجده إلا من أحد البهائم أو السباع لما قد اكتسبه منها من الأخلاق والطباع .
وإذا أردت بيان حقيقة هذا الكلام لئلا تظنه مجازاً أو من جملة الأوهام فاعلم أنه قد أطبق أرباب الحقيقة وقصاد تلك الطريقة أن الإنسان ليس إنسان باللحم والجسد ولا بالجوارح المركبة فيه مدى الأبد بل بالروح والنفس الناطقة لا من حيث هي كذلك بل من حيث استكمالها بكمالاتها اللائقة بما هنالك ولله درّ من قال :
يا خادم الجسم كم تشفي بغلّته *** وتطلب الربح ممّا فيه خسران
فلازم – وفقك الله تعالى له – الدروس والنظر :
أقبل على النفس واستكمل طرايقها *** فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان
وإياك والرغبة فيما لا يهمك ولا يعنيك ، بل ربما يغمّك ويعيبك من أمور هذه الدار المملؤة بالهموم والأكدار والإشتغال بكثرة الكتابة للمجاميع والقراطيس مما يمنعك عن نيل ذلك الجوهر النفيس ، فاصرف أيدك الله تعالى للعلم همّتك وبيض لأجله لمتك وأغلق له دكانك وشدد له أركانك واهجر له صحبك وإخوانك واعطه كلك عسى أن يعطيك بعضه ولا يوليك هجره وبغضه وانتهز الفرصة فإنها تمر مرّ السحاب وخذ الأهبة قبل أن يغلق الباب ، فليس أبوك بباق لك مدى الأوقات ولا زمانك يفي لك بالسلامة من الآوقات والمخافات :
عليك بالعلم وتحصيله *** والسعي كل السعي في نيله
والجدّ في تحقيق أبوابه *** والشرب من كاسات تبجيله
واجعل له الليل نهاراً عسى *** تكشف عن فجر دجى ليله
والزم له العزلة في خلوة *** كيما ترى أنوار تأويله
وأعطه كلّك كي ربما *** يعطيك منه بعض تفصيله
ودع لداعي الجهل أربابه *** فالكل مشغول بتضليله
وأوص على التقوى لتقوى به *** على العلى في حمل إكليله
فإن بالعلم تنال المنى *** في الدين والدنيا بتفضيله
وتغتدي رأساً تدوس الورى *** فيهرع الكل لتقبيله
تخدمك الأملاك في أرضها *** نصاً عن الصادق في قيله
والإنس والجن كما قد روي *** فضلاً من الله ومن طوله
وترتجي ذخراً إذا ما عرى *** خطب يشيب الرأس من هوله
يعنو لك السلطان في جنده *** يبدي لك العزّ بتذليله
فاشرب بكأس النصح من والد *** يرجو لك العزّ بتكميله
فإنني أرجوك عند الوغا *** من صارم الهند ومصقوله
وفّقك الله لما ارتجي *** من العلا والجدّ في نيله
وقد أرسلت إليك بنظمي ونثري ولم آل جهداً في نصحك دهري ، فاختر لنفسك أحد النجدين وأوقفها على أحد الحدّين . هداك الله تعالى بمنّه سبيل الرشاد وأيّدك بالتوفيق والسداد والسلام الختام ) .
هكذا يكون من ربّته رسالة الإسلام وحوادث الزمان ولا شك أن خريجي هذه المدرسة العظيمة يختلفون في صياغتهم الفكرية والسلوكية حسب مقتضيات عصورهم ، إنما المحتويات الرسالية هي المراد لهذه المدرسة ، مدرسة الجهاد الإسلامي والقيم العادلة .
وإذا أردنا أن نعرف عظيمنا البحراني هذا الشيخ العلامة معرفة أفضل لنتأمل في قصة حقيقية ذكرها المرحوم الشيخ محمد جواد المغنية في كتابه ( مع علماء النجف الأشرف ) نقلاً عن كتاب ( تنقيح المقال ) للشيخ عبدالله المامقاني والقصة هي درس وعبرة لمن يريد التحرّر في الفكر والتمسك بالحق والتخلّق بآداب المتقين ، يقول الشيخ المغنية :
( سئل المولى البهبهاني عن الصلاة خلف الشيخ يوسف صاحب ( الحدائق ) – وكانا متعاصرين – فقال : لا تصح !
وسئل الشيخ يوسف عن الصلاة خلف البهبهاني ، فقال : تصح !
فقيل له : كيف تصححها خلف من لا يصحح الصلاة بصلاتك ؟!
وقال : وأية غرابة في ذلك؟! إن واجبي الشرعي يحتم عليّ أن أقول ما أعتقد وواجبه الشرعي يحتم علي ذلك وقد فعل كل منّا بتكليفه وواجبه وهل يسقط عن العدالة لمجرد أن لا يصحح الصلاة خلفي ؟ أرأيت إلى هذا القلب الكبير الذي لا ينبض بغير الإيمان ؟
أرأيت إلى هذه النفس الطاهرة من العجب والتكبر ، هذه النفس التي لا تعرف إلا الصدق والإنصاف والتواضع ؟
وليس من شك أن هذا المنطق غريب على الأكثرية الغالبية من شيوخ هذا العصر ، لأن كل شيخ من هذه الأكثرية أو الكثرة يرى الدين مجسماً في شخصه بالذات ، فعدم الثقة به معناه عدم الثقة بالدين وهذا هو حد الكفر أو الفسق على الأقل .
أما من جمع بين الدين والعلم والعقل ، أما من ينوب عن المعصوم حقاً ويمثله في حماية الشريعة وإحيائها فلا يرى في هذا المنطق أية غرابة ما دام الدين يحتم الصراحة وإعلان الحق ، حتى ولو كان على النفس . ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين ) ولا أدري كيف يسمح أحدنا لنفسه أن يتكلم بأسم الدين ويدعي النيابة عن المعصوم ويدعوا الناس إلى الإقتداء به ، مع العلم بأنه لا يقتدي بمن أدعى النيابة عنه ، عندما يمتحن بكلمة تشبه كلمة البهبهاني بحق الشيخ يوسف ، بل يتنكر لقائلها ويبخسه جميع حقوقه ويسلبه أظهر ما تحلى به من صفات وإذا نصحه ناصح بالكف أو حقوقه ويسلبه أظهر ما تحلى به من صفات وإذا نصحه ناصح بالكف أو الإعتدال ، قال إن واجبي الشرعي يحتم عليّ هذا وأكثر من هذا ) .
هذا ولعل السبب في الخلاف الذي كان بين العلامة البحراني والعلامة البهبهاني هو الطريقة في الأخذ بأدلة الأحكام الشرعية ، حيث أن الحرية الفكرية التي طرحها الإسلام في ساحة العلماء والمفكرين أنتجت كثيراً من التقدم الفكري لدى الفقهاء والإنفتاحية العصرية في العقول الإسلامية وعلى هذا الأساس رأى بعض العلماء بأن الأدلة الشرعية لأحكام الشريعة هي الكتاب والسنة فقط ثم جاء بعض هذا البعض وقال إن الكتاب لا يجوز لأحد أن يفسره إلا بشاهد صريح من السنة فكانت النتيجة حصر العمل بالسنة فقط ومع إلغاء دور العقل والغموض في مصداقه وحدوده صارت النتيجة الإكتفاء بظاهر الأحاديث الواضحة فقط ، بينما اجتمع أكثر العلماء والفقهاء على أن الأدلة الشرعية هي الكتاب بكل ظواهره المحكمة والسنة بكل مفاهيمها الرسالية الثابتة والأصول العقلية بكل بداهاتها الواضحة عندما يوافق الأصول الكلية للإسلام ولم يعثر على نص صريح للكتاب والسنة ، بهذه الشروط يخرج هؤلاء العلماء ( العقل المتأثر بالأهواء ) عن سدّة الحكم والقضاء فيكون المطلوب هو العقل الوارد عنه في الأحاديث بأنه حجة الله الباطنة .
أما الإجماع فقد رفضه أكثر الفقهاء بما فيهم الشيخ الأنصاري في كتابه ( الفوائد ) المعروف بالرسائل ، ذلك لأن الإجماع لا موضوع له في الشرع ولا حاجة إليه في العمل ( أي مرحلة الإثبات ) ولربما لسلامته على مستوى النظرية ( أي مرحلة الثبوت ) قد ذكره بعض العلماء في صفّ الأدلة الشرعية لا أكثر .
هاتان النظرتان إلى طريقة الإستفادة من أدلة الأحكام لاستخراج حلول الشريعة الإسلامية وتطبيقها على الحوادث الواقعة في كل عصر جعلتا أصحاب النظرة الأولى يعرفون بالأخباريين وأصحاب النظرة الثانية بالأصوليين وإننا لا ننكر بأنه قد لعبت شهوات الحاقدين مع الحكام دوراً كبيراً لإبراز هاتين النظريتين بشكل يوحي إلى خلاف عميق بين الشيعة الإمامية وذلك لكي يتسنى للأعداء التحرك على قاعدته لإضعاف الشيعة كلهم حيث عرفوا في التاريخ بثوراتهم على الحكام المفسدين .
إذ العدو يستغل كل ثغرة في جبهة المعارضة وقد شاهدنا في التاريخ أن كثيراً من العلماء الذين يختلفون في الرأي كنتيجة طبيعية للحرية العلمية وحق الإجتهاد الممنوح لهم شرعاً أنهم يجتمعون معاً ويتزاورون أيضاً بينما الجهال هم الذين ينفخون في القضية فيتأثر البعض الآخر تحت ضغط العاطفة وهم لا يشعرون أن المستفيد ليس إلا أعداء الإسلام وأعداء شعائر الله وان تظاهروا أحياناً بالدفاع عن طرف فإنه للدفاع عن أنفسهم في الواقع وعندما ينهزم واحد من الطرفين يسهل عليهم أن يهزموا الطرف الآخر لينفردوا على السلطة بلا مزاحم لأهوائهم .
ونحن إذ نتعرض لبيان واقع التفكير الأخباري والتفكير الأصولي ، إنما لنبيّن واقع الخلاف بين هاتين المدرستين بانه خلاف طبيعي وجزئي كأي خلاف عند الفقهاء المجتهدين المسلمين وانه لا يستدعي أن ننسى المشتركات والمتفقات بين الجميع ولا سيما في أصول الدين والعقائد الإسلامية وفروع الدين والأحكام العملية والأخلاق والآداب والتاريخ وكل القيم الرسالية التي من أجلها جاهد النبي (ص) وأهل بيته (ع) واستشهدوا في سبيل إقامتها بين الناس .
فإن مجتمعاً قد صدق شعبه ما عاهد الله عليه لقادر على تمزيق نوايا المفسدين وتفنيد مآرب المستكبرين وتفتيت أحلام المترفين الومنافقين ، في هكذا مجتمع يكون الشيعي شيعياً والسني سنياً والكل على مذهبه ومدرسته ما دام الله الخالق جعل في جوف كل إنسان حجة من العقل والضمير اليقظ وما دام الإسلام منح الحرية في التفكير لكل إنسان والعمل في حدود مصلحته ومصلحة الآخرين وسلامة النظام الحق الذي يحكم مجتمع المسلمين ، الجميع حر في اختيار المذهب والمدرسة ما داموا على ذمة الإسلام فهم مسلمون ولهم ما لكل مسلم وعليهم ما على كل مسلم .
هذه الحرية الإسلامية الواقعية قد جسدها عباد الله الأحرار وعلماء الإسلام الأبرار وكان شيخنا العلامة وفقيهنا البحراني صاحب الحدائق واحداً من أولئك الأحرار وبما أن الحرية أساسها الشجاعة ، فكان الشيخ يوسف البحراني شجاعاً على اتخاذ الحق مهما كلف الثمن ما دام العمر يفنى والحق يبقى والحساب يوم القيامة عسير ولا ثمن لنفس الإنسان إلا الجنة فلن يبيعها الإنسان المؤمن بغيرها من المظاهر الفاتنة الفانية ، يقول المرحوم العلامة ، الكاتب الإسلامي الكبير الشيخ المغنية في كتابه المذكور ( مع علماء النجف الأشرف ) – وهو كان قد زار البحرين في رمضان المبارك سنة 1386هـ 1967م وألقى على جماهيرها خطاباته الرائعة يقول :
" أشرت في مقدمة الكتاب إلى أنه ليس بكتاب تراجم وأن موضوع بحثه يختص بالحديث عن ظاهرة أو أكثر من حياة عالم من علمائنا الأبرار تصلح للعبرة والعظة ، لذا سأترك الحديث عن حدائق الشيخ يوسف البحراني ودرره ولؤلؤته وسائر آثاره النافعة الخالدة وأتحدث عن فضيلتين لهذا العظيم ، هما من أمهات الفضائل ، بل لا يكمل العالم بدونهما وإن بلغ الغاية من الذكاء والمعارف والتأليف والتصنيف ، الفضيلة الأولى الإعتراف بالخطأ والعدول عنه والثانية إنكار الذات .
كان الشيخ في بدء أمره على طريقة الأخباريين وحين تقدم في مداركه وعلومه عدل إلى طريقة المجتهدين – الأصوليين – وأعلن خطأه على الملأ وقامو يدعوا إلى الحق ويشهد بالقسط ويرد على الأخباريين بمنطق العقل والدين ، خاصة على محمد أمين الأخباري الأستر آبادي الذي أكثر من التشنيع على المجتهدين بعامة والعلامة الحلي بخاصة . قال الشيخ يرد على هذا الأستر آبادي في كتاب ( الدرر النجفية ) ص 255 :
" إن المجتهدين ( رضوان الله عليهم ) لم يألوا جهداً في إقامة الدين وإحياء شريعة سيد المرسلين ولا سيما آية الله العلامة الذي قد أكثر – الأستر آبادي – من الطعن عليه والملامة – فإن العلامة بما ألزم به علماء المخالفين من الحجج القاطعة والبراهين حتى أمن بسببه الجم الغفير ودخل في التشيع الكبير والصغير وصنف من الكتب المشتملة على غوامض العلوم والتحقيقات حتى أن من تأخر عنه لم يلتقط إلا من درر نثاره ولم يغترف إلا من بحاره وقد صار له من اليد العليا عليه – أي على الأستر آبادي – وعلى غيره من علماء الفرقة الناجية ما يستحق به الثناء الجميل ومزيد التعظيم والتبجيل لا الذم كما اجترأ عليه به قلمه وعلى غيره من المجتهدين " .
ويضيف العلامة المغنية قائلاً :
"وما الثناء على العلامة والإشادة بمجهوداته والتسبيح بعلومه إلا إيماناً بأقوال المجتهدين وأعمالهم وإلا تقديساً لطريقتهم ومبادئهم وليس من شك أن صاحب الحدائق لو لم يكن من الراسخين في العلم لما أدرك عظمة العلامة ( الحلي ) ولو لم يكن من المؤمنين المخلصين لما رد على الأستر آبادي بهذه الحماسة والحرارة .
لقد أخطأ الطريق صاحب الحدائق في أول أمره وحين تكشف له عدل إليه ووقف هذا الموقف الشريف النبيل وإذا كان الإصرار على الخطأ جبناً ونقصاً يعوق عن التقدم والكمال فإن الإعتراف به والعدول عنه شجاعة وتواضع وتضحية بالرغبات وكمال في الدين والعقل والعلم وكل هذه الصفات ظهرت مجتمعة في صاحب الحدائق بأصدق معانيها .
وقد رأيت من يصرّ على الخطأ مع علمه به لا لشيء إلا الخوف من أن يقال : إنه أخطأ وهذا عين الرياء والنفاق ومن هنا كان الإصرار على الخطأ أشد قبحاً من الجهل المركب لأن الجاهل قد يعذر في بعض الأحيان ، أما المصر فلا عذر له بحال ، لأنه ترك العمل بعلمه عن قصد وتصميم وعناد لله وللحق " .
ويختتم الشيخ المغنية كلامه عن العلامة البحراني بكلمة مقارنة هادفة فيقول :
" سألت شيخاً عاد من النجف الأشرف إلى بلاده . هل بنيتم – سيادتكم – على الإجتهاد ؟ فقال : ألمثلي يقال هذا ؟! " .
وتعرض الشيخ يوسف صاحب الحدائق في كتاب ( الدرر النجفية ) ص 53 لمعنى الإجتهاد – والتنظير الإسلامي – وللشروط المعتبرة في الفقيه ولأقوال العلماء ، ثم قال ما نصه بالحرف الواحد :
" وأنا أقول : وإن كنت ممن يقصر عن السباق في مضمار هؤلاء الفحول ويكبوا جواده عن اللحاق في ميدان تلك العقول " .
وهكذا علماء آل البيت (ع) يزدادون تواضعاً كلما ازدادوا علماً وهؤلاء ترى كيف يعاملهم الله في الآخرة بعد ان عاملهم في الدنيا بهذا الفضل وأعطاهم هذه المكانة العظيمة لما وجد فيهم السعي لما بكل جهد ومجاهدة ؟
وإذا عجبتك هذه العظمة وأحببت أن تكون لك أيضاً فهذا بابها مفتوح على مصراعيه لكل الساعين إليها وإلى سمو معانيها وشموخ معاليها .
ولكي تقترب إلى استيعاب هذه العظمة الإلهية التي تجلّت أنوارها في هذا العالم العظيم ( عليه الرحمة والرضوان ) ، نقرأ معاً السطور التي كتبها عنه العلامة البلادي في كتابه ( أنوار البدرين ) :
" هذا الشيخ العلامة من أكابر علماء الإيمان والإسلام ومن أعاظم أرباب النقض والإبرام وقد ذكره كل من تأخر عنه وأثنوا عليه الثناء الجميل علماً وعملاً وتقوى ونبلاً ولقد حدثني من أثق به والظاهر أنه من علماء النجف الأشرف سلام الله على مشرفه وآله عمن حدثه : أن السيد السند والركن المعتمد العلامة الطباطبائي السيد مهدي بحر العلوم ( تغمده الله برحمته ) – وهو السيد الجليل الذي تشرف بقاء الإمام الحجة (عج) وله قصص معروفة – أمر بعد صلاة العصر من يوم الجمعة بوضع فاتحة ولم يكن يتجاسر على السؤال إليه والكلام معه أحد لهيبته ، هيبة التقوى ، إلا السيد الفاضل السيد جواد العاملي تلميذه ، صاحب ( مفتاح الكرامة ) فسأله عن هذه الفاتحة ؟ فقال السيد ( رحمه الله تعالى ) : لشيخنا الشيخ يوسف البحراني . – ولم يكونوا سمعوا بمرضه – ، فقال له : هل أتاك خبر بوفاته ؟ فقال " السيد بحر العلوم " : لا ولكني نمت نومة القيلولة – وهي نومة مستحبة لفترة قليلة بعد آذان الظهر – فرأيت في المنام كأني في جنان الدنيا " وادي السلام " وإذا بأرواح المؤمنين ولا سيما العلماء العاملين كالشيخ الكليني والصدوق والمفيد والمرتضى علم الهدى وغيرهم من علمائنا الأتقياء كلهم جلوس حلقاً يتحدثون – كما وردت به الاخبار والأحاديث – وكان شيخنا الشيخ يوسف قد أقبل عليهم ، فلما رأوه فرحوا به واستبشروا بقدومه وأقبلوا كلهم إقبالاً شديداً ، فسألتهم عن سبب زيادة إقبالهم عليه دون غيره ؟ فقالوا لي : إنه قادم علينا الآن ولا شك مع هذه الرؤيا في وفاته ، فلما وصل الخبر فإذا هو كما أخبر " .
نعم ، قد أخبر العالم الرباني السيد بحر العلوم عن وفاة الشيخ البحراني في لحظتها ودعا الناس إلى مجلس فاتحة على روحه الزكية قبل أن يصلهم خبر وفاة الشيخ ( عليهم رضوان الله ورحمته جميعاً ) .
وكانت وفاته بكربلاء الشهادة جوار إمامه الحسين (ع) وأنصاره المستشهدين بين يديه وذلك في يوم السبت بعدد الظهر الرابع من شهر ربيع الأول سنة 1186هـ وتولى غسله تلميذه المقدس التقي الشيخ محمد علي الشهير بابن سلطان وتلميذه الآخر الحاج معصوم وصلى على جنازته العلامة الشيخ محمد باقر البهبهاني وهو الذي كان يختلف معه في بعض الآراء وقد سمعت من أحد مراجع النجف أنه صلى عليه بوصية من الشيخ البحراني نفسه وهذا إن كشف لنا عن شيء فإنما يكشف عن مؤشرات اخرى على عظمة علماء الإسلام وبيانهم للناس أن الخلافات الفكرية من حقنا كمجتهدين وليس من حق أحد أن يتدخل فيها وهو لم يحط بجوانبها وإلى هذا أشار الإمام أمير المؤمنين علي (ع) انه : ( لو سكت من لا يعلم سقط الإختلاف ) وهكذا نتمنى أن يكون المسلمون – ولا سيما البحرانيون – قد أخذوا الدروس الشافية والكافية من حياة هذا العالم العظيم وكل العلماء الرساليين .
هذا وقد اجتمع خلف جنازته جمع كثير من الجماهير وصار يوم وفاته يوماً عظيماً ودفن في سرداب مقبرة الشهداء من أنصار الحسين (ع) في ملحمة كربلاء ، فهنيئاً له قبره وقربه وقدره وهل ذلك إلا من قرار نبع من قلبه السليم الذي لم يسكن فيه غير حب الله ( ذلك ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) .
نعم إنه كذلك ولم لا وقد قال تعالى :
( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأنّ سعيه سوف يرى ، ثم يجزاه الجزاء الأوفى وأنّ إلى ربك المنتهى ) .
( ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً ) .
وإن الموت حق مكتوب على الجميع والحياة الدائمة لمن اتصل بالحي القيوم الذي لا يموت .
هذا وقد رثا شيخنا البحراني هذا العملاق الرباني جماعة من أدباء عصره وقالوا في وفاته قصائد صدق خالدة وصوّروا الحادث الأليم في تصاوير حق رائعة ، منهم السيد محمد الزيني حيث يقول في مطلع قصيدته :
ما عذر عين بالدما لا تذرف *** وحشاشة بلظى الأسى لا تتلف
واليوم قد أودى الإمام العالم *** العلم التقيّ أبو المفاخر يوسف
درست مدارس فضله ولكم بها *** كانت معارف دين أحمد تعرف
ما أنت إلاّ بحر علم طافح *** قد كانت العلماء منه تغرق
ويقول في آخرها :
يا قبر يوسف كيف أوعيت العلى *** وكنفت في جنبيك ما لا يكنف
قامت عليه نوائح من كتبه *** تشكوا الظليمة بعده وتأسف
كحدائق العلم التي من زهرها *** كانت أنامل ذي البصائر تقطف
قد غبت عن عين الأنام فكلّنا *** يعقوب حزن ٍ غاب عنه يوسف
فقضيت واحد ذا الزمان فأرّخوا *** قرحت قلب الدين بعدك يوسف
وصدق الله العليم حيث قال في محكم كتابه الحكيم : ( ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفوراً رحيماً ) .
أبرز صفاته وعطائه :
التفقه والهجرة والشجاعة والتأليف .
المصدر: ملتقى شهداء البحرين وضحايا التعذيب

1 فكرة عن “الشيخ يوسف البحراني " صاحب الحدائق "”

  1. نويدري بربوري جدعلاني الأصل

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    رحمك الله يا أبا محمد في مثل هذا اليوم الرابع من شهر ربيع الأول سنة 1186 هجرية ظهر يوم السبت توفي الفقيه المحدّث البحراني الشيخ يوسف بن الشيخ أحمد بن الحاج إبراهيم بن احمد آل عصفور الدرازي البحراني الحائري

    نعم تفخر البحرين أن أنجبت مثل هذا العالم العامل الذي اشتهر بكتابه الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة والذي الفه في فسا أحدى مدن مدينة شيراز وقد تزوجها منها وذريته موجودين هناك كم سمعت والله العالم .

    خادم تراب المؤمنين المدعو النويدري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*