تاريخ موكب العزاء في قرية المعامير يمتد إلى بداية نشأة القرية، فمنذ السنوات الأولى حتى يومنا هذا مر الموكب بالكثير من التحولات والتطورات التي لا يسع المجال لذكرها في صفحات معدودة حيث ان الموكب في الماضي والحاضر يحويان العديد من الجوانب التي تستحق الوقوف عليها وتوثيقها وهذا يحتاج إلى بحث دقيق ومفصل، والمراد هنا هو الوقوف على الصورة أو الكيفية التي كان عليها الموكب في الماضي.
من أبرز الجوانب المهمة في موكب عزاء المعامير هو ان
المعامير لا يوجد فيها غير موكب واحد رغم تمدد مساحة القرية وازدياد عدد السكان الذي يقترب من السبعة أو الثمانية آلاف نسمة وهذا من أبرز الجوانب المشرقة في تاريخ وحاضر الموكب، وهذا الأمر له الكثير من الدلالات الايجابية التي تجسم التماسك والترابط الذي يمثله المجتمع القروي ووحدته.
كان موكب عزاء القرية قبل الستينات من القرن الماضي غير منظم حيث كان الموكب يجوب الطرقات والأزقة في القرية بطريقة عشوائية، والمعزون فيه يلطمون على رؤوسهم وصدورهم بحرقة وهم يبكون دون أن يلتزموا بحركات إيقاعية واللطم على الصدر بصورة منتظمة وفي نفس الوقت كانوا يرددون القصائد الرثائية القصيرة والتي كان يحفظها الكبار والصغار.
في ذلك الوقت عندما ينتقل أغلب أهل المعامير للمصيف (المضعن) في نخيل بربورة في فصل الصيف كان موكب القرية بعد القراءة الحسينية يخرج من المأتم ويجوب أزقة القرية وسط الظلام ثم يسير إلى مشارف القرية ويتوجه ذاهبا إلى مصيف بربورة مشيا على الأقدام، وكلما ضاق الوقت عليهم كانوا يهرولون وهم يلطمون على صدورهم حتى يصل الموكب إلى وسط النخيل في بربورة، وحينها لم يكن أحدا من المعزين يلبس نعلا أو حذاء بل كانوا يحزمون ثيابهم ويلبسون إزارا وقميصا ليسهل عليهم الحركة وإذا وصلوا بقرب مضاعن بربورة كان الناس هناك يخرجون للمشاركة معهم في العزاء، ومضاعن بربورة كانت عبارة عن خليط من أهالي المعامير وسند والنويدرات وباقي القرى، ما إن يصل الموكب إلى قرب العرش (مفردها عريش) حتى يخرج الناس ويشاركون في العزاء وكل ما مر الموكب على العرش و(البرستجات) كان الناس يخرجون وينضمون إلى الموكب، وإذا انتهوا من العزاء كان بعض أهل المعامير يبيتون هناك إلى نهار اليوم الثاني وقسم منهم يعودون للقرية وسط الظلام فيقطعون الطريق بين النخيل والأنهار وهم يلطمون صدورهم، أما عدد المشاركين في الموكب في ذلك الوقت لم يكن يتعدى المئات من المعزين وأغلب المشاركين فيه هم من كبار السن والرجال وهذا كان يخلق أجواء روحانية تجعل الجميع يتفاعلون في العزاء حيث الجميع يشارك في الموكب ولا يوجد من يتفرج على المعزين دون المشاركة معهم.
تنوع القصائد الرثائية اليوم هو من أبرز التطورات في الموكب رغم ان البعض يعتبر هذا التطور سلبيا لما له من تعقيد يرتبط بوزن القصيدة والألحان المعقدة.
في الماضي كانت فقرات العزاء ذات معان بسيطة وأبيات قصيرة يفهمها ويحفظها الجميع على ظهر قلب مما يشجعهم على المشاركة عبر ترديد الأبيات.
في فترة الستينات وصاعدا كان جميع المعزين يرددون بعض الأبيات بصوت واحد، وأحيانا كان الموكب ينقسم إلى قسمين كل قسم يردد أبيات معينة ثم يرد القسم الآخر بأبيات أخرى، ومن العادات القديمة في الموكب هي الوقفة حيث كان الموكب يتوقف بعد كل خمسين متر تقريبا ويقوم المعزون بإقامة الوقفة أو (بالتجنيزة) وهي عبارة عن أبيات قصيرة يكررها المعزون بعد وقوفهم عن المسير لمدة دقيقة أو دقيقتين واللطم في التجنيزة عادة يكون أسرع من اللطم في المسير، والوقفة مازالت موجودة حتى يومنا هذا لكنها تقام مرتين فقط من بداية خروج الموكب حتى عودته.
ولعل من أبرز الفوارق في موكب العزاء بين الماضي واليوم هو ان الرادود يلقي القصيدة بالحان مختلفة والمعزون فقط يلطمون على الصدور وهم يتأملون المعاني حيث لا يشاركون إلا في المستهل القصير الذي لا يتجاوز البيتين من الشعر، أما في الماضي فكان الوضع مختلفا تماما حيث كان كل الموكب يردد بعض الأبيات البسيطة دون أن يكون هناك رادود معين، وأحيانا كان الموكب يخرج ويعود بنفس البيت وعلى سبيل المثال انقل بعض الأبيات الشهيرة التي كان يرددها الموكب قبل بروز الرواديد الأوائل ومنها: (اتهلهلي يانجوم على لحسين المظلوم) و(تبجي عليك اسكينه آه يا شيال العلم، وتقول عمي وينه آه يا شيال العلم) و( مأجورة يازهراء مأجور يا حيدر علي). أما الرواديد الأوائل في الموكب فمنهم على سبيل المثال لا الحصر:
المرحوم الحاج علي بن مرهون
المرحوم الحاج عباس بن الحاج على بن مرهون
المرحوم الحاج حسين بن محمد آل عباس
المرحوم الحاج حسين بن حميد
المرحوم الحاج عباس بن يوسف آل حسين
المرحوم الحاج علي بن يوسف بن أحمد آل حسين
الحاج هلال بن الحاج صالح بن هلال
الحاج مهدي بن الحاج علي بن مرهون
الأستاذ عبدالقادر بن الحاج حسين محمد آل عباس
الحاج علي بن أحمد بن علي بن الشيخ
الأستاذ عبدالله عيسى بن محمد علي بن عبدالله.
الحاج جعفر بن الحاج مهدي بن علي مرهون
الملا علي بن الحاج أحمد بن يوسف آل سعيد
وفي وقتنا الراهن يوجد العديد من الرواديد الذين لا يسع المجال لذكرهم.
سابكي الحسين ورهطه من يوم مولدي الى حين اقبروا واذا قرائتم فى الوصية اننا اوصيكم بالبكاء وهذا كل ما لديا