وقعة الشربة والحصار

الشربة
وقعة الشربة من اشهر الاحداث التي وقعت في مطلع القرن الماضي في البحرين، وقعت في المنطقة الشرقية قبل تقسيم وترسيم الحدود، في تلك الحادثة عاش اهل البحرين في اوال والساحل الشرقي اياما صعبة اذ قام البدو بمحاصرة اهل القطيف وجرت بين الطرفين معارك وقتال استمر لاكثر من شهرين، كنت ابحث عن معلومات حول هذه

الواقعة فوجدت موضوع مختصر يتحدث حول وقعة الشربة وحصار القطيف ولذا سأنقله هنا لقف على هذا الحدث المهم في تلك الايام والموضوع منقول من واحة القطيف.
وقعة الشربة
وقعة الشربة هي الحرب التي نشبت بين الحاضرة والبادية في القطيف وذلك في العام 1326 هـ الموافق لعام 1908م. ويعرف العام الذي الذي نشبت فيه هذه الحادثة بعام «الحصارة». والمقصود بالبدو هم الذين لا يستقرون على صعيد واحد، فهم يرحلون من تلعة لأخرى، ومن وادي لآخر، ومن سفح أخضر إلى سفح ممرع، يبحثون عن الكلأ، والماء، فلا تستقر مضاربهم في محل واحد، ولا مأوى لهم ولا وطن معين، فهم يضربون في كبد الصحراء الملتهبة طولاً، وعرضاً، ويؤوبون إلى مدينة عنك  إحدى قري القطيف  في فصل الصيف، حيث يبيعون ما أنتجته ثروتهم الحيوانية من ماشية، ومن معز، وإبل، ويقط، وسمن، فيتاجرون بها. وفي إطلالة فجر الخريف يقبضون غلات نخيلهم، فيبيعونها، ويرحلون إلى الصحراء لا يعودون إلى عنك بالقطيف إلا في فصل الصيف من العام القادم، ولهذا الترحال أطلق عليهم أسم البدو لأنهم يبدون، ولا يستقرون.
سوق الدهن وبداية الحرب
في سوق الدهن بالقطيف يتكثف البشر، ويزدحم، ويأتي على مدرج خطوات ضيقة متراصة في هذه السوق، فلشدة الزحام، وحرارة الجو، وأشعة الشمس يشتد بهم الظمأ. فيستغلُ هذا الموسم، وهذا الظمأ أُناسٌ يغتنمون هذه الفرصة الثمينة، فيتكسبون، ويعملون، ويمتهنون مهنة سقي الماء – وهو عمل شريف لأنه من عرق الجبين – فيستعدون لهذا الموسم من مساء الأربعاء، فيهيئون ما يستطيعون من أوعية يملكونها، فيملئونها ماء، ويبردونها لصباح يوم الخميس. فإذا ما انتظمت سوق هذا الموسم في دورها التجاري، جاء بائع الماء حاملاً شربته، وكأسه، يطوف بها ليبيع منها على المتسوقين العطاشى، وهو ينادي بأعلى صوته – باللهجة القطيفية: « الماء البارد، الكأس بحدج» – وهو العملة للحكومة التركية في ذلك العصر، أي ما تعادل ريالاً في هذا الوقت، فيربحون من هذا العمل.
وفي يوم الخميس الثامن عشر من جمادى الأولى عام 1326هـ، الموافق 18 يونيو 1908م، طاف أحد الباعة وهو الحاج مكي بن الحاج ابراهيم الدبوس، من أهالي الدبابية، حاملا شربته فطلب منه شخص من البدو الرحل ابتياع كأس من الماء، وعندما شربه طلب منه الدبوس ثمن ذلك الكأس، فرفض دفع الثمن، فثارت بينهما عاصفةٌ كلامية فيها حروف مُشادة، وثارت الأعصاب فوقع بينهم مضاربة بالأيدي، فجُرح أحدهم، فتوتر الحزبان القطيفيون، والبدو.  فنُمى العلم إلى السيد إبراهيم المشكاب – وهو جد السيد إبراهيم المشكاب، صاحب مكتبة الساحل الموجودة اليوم – فثارت ثائرته فجاء وهو يحمل بندقيته  وأطلق من بندقيته رصاصة أودت بحياة ذلك البدوي. فثارت لقتل ذلك البدوي عشائر السنّة من الصبيح ومطير والعجمان والعوازم والمهاشير وغيرهم.
بداية الحصار «الحصارة»
حاصر البدو القطيف من كل جانب، حيث جاء البدو بجمع كثيف وعسكروا في الجهة الغربية من القطيف وفي النخيل المجاورة للدبابيّة، ثم واصلوا الزحف الى القطيف للإنتقام، وكانت المدينة (القطيف) تتكون يومئذ من الشويكة والدبابية والكويكب والشريعة وميّاس والمدارس وباب الشمال والجراري والقلعة التي كانت أكثر تحصيناً ومنعة، فأُدخل فيها النساء والأطفال والعجزة والشيوخ. وبرغم لجوء سكان قرى القطيف إلى القلعة، غير أن المعركة لا تزال خارجها حامية الوطيس، فهي تدور خارجها بين القرى، والنخيل، تأكل من الطرفين ما ظفرت به، ويعيث البدو تخريباً في ثمار النخيل، والشجر، ويحرقون الأخضر، واليابس. وقيل استمرت هذه الواقعة طيلة سبعين يوماً، وقيل أكثر من ذلك، وقيل أقل. فيخرجون مسلحين من القلعة للدفاع عن القرى، ورد البدو عنها، وإيقافهم عما يعيثون فيه، فيشتبكون معهم، فراح من الفريقين ضحايا لا تعد ولا تحصى.
ولم يسجل لنا التاريخ أسماء الضحايا، أو بالأحرى لم يعرف سوى البطل الشهيد الشاب جعفر بن حسن علي بن الحاج حسن الخنيزي، حيث قُتل في  في 18/7/1326هـ، ودُفن في القلعة في المقبرة المجاورة لبيت آل أبي السعود. كما أُصيب أخوه أحمد حسن علي الخنيزي برصاصة في إحدى يديه، تركته «أعضباً» – أي مشلول اليد -، حتى اختاره الله، ولم ينجه من الموت إلا قبيلة «الخزور»، حيث ألقوا أنفسهم عليه، ورفعوا شعاراً متعارف بين القبائل البدوية : «هذا خفيرُنا» – أي في عهدتنا وذمتنا – لما بينهم وبين والده من صلة حميمة، ورباط وثيق. فكرّموه وأخذوه ضيفاً مدة ثلاثة أيام، وعالجوه، واستخرجوا الرصاصة من يده، وبعد ثلاثة أيام أوصلوه إلى بيت والده بالقلعة فأكرمهم والده، واحتفى بهم.
خطة الشيخ النمر للقضاء على حصار البدو
كان الشيخ محمد بن نمر، وهو رجل دين ضرير، ضمن الحاضرين والذي أتخذ له بيتاً ثانياً في الدبابية، ففي يوم يقيم فيه، وآخر يقيم بالعوامية مسقط رأسه. فاقترح عليهم الشيخ بأن يجعلوا الرجال على طول محيط السور، وفي البروجالشيخ محمد بن نمر، وكان سورها يومئذ حائطاً بالبيوت إلا البروج، وقال للمواطنين فإذا رموكم فلا ترموهم، انتظروا حتى ينفذ ما عندهم ثم ابتدءوا بالرمي، وليكن بصورة متقطعة، وقبل كل شيء ضعوا قلال التمر على امتداد الجدر الأمامي من الداخل، وبقدر الإمكان اجمعوا التراب والرماد فإذا اشتدت الرماية من قبلهم عليكم فألقوا به من أعلى من جهتي الغرب والشمال، وعندئذٍ يظنون أن الحاجز الأمامي قد انهار، فيتقدمون إليكم بجمعهم يريدون دخول البلدة من هذا المكان وهم لا يبصرونكم من شدة الغبار، وكثافة التراب، وأنتم لهم مبصرون بإطلالكم عليهم حتى إذا اقتربوا منكم فعندئذٍ ارموهم رمية رجل واحد، وبهذه الخطة سينهزمون إن شاء الله تعالى. وبالفعل نفذ أهل القطيف هذا التخطيط البارع الذي اختطه لهم الشيخ محمد بن نمر، وبالفعل كانت نتيجتها المباشرة انهزام البادية عن القطيف. وقد نظم هذه الحادثة وما جرى فيها العلامة الشيخ رضي بن الحاج إبراهيم المحروس الشويكي المتوفي يوم الاثنين 1/1/1352 هـ، نظمها أرجوزة طويلة
ولكن النهاية الفعلية لهذه الحرب يعتقد أنها جاءت بالصلح بعد نكسة عسكريّة تعرّضت لها القبائل بعد أن كانت متفوّقة طيلة مدّة حصار القطيف وقراها، في حين يرى البعض أن البدو تراجعوا بمجرد أن استقدمت القوات التركية المحاصرة قوات إضافية محمّلة بحراً من البصرة، حينها تراجع البدو، وبدا أن حصارهم للقرى لن يؤدي الى نتيجة، اللهم سوى شدّة انتقام العثمانيين، فسعوا الى مصالحة، كان الجميع راغباً فيها: السلطة المحليّة، والسكان المحليين، وقبائل البادية، وحتى الإنجليز أنفسهم، الذين خشوا من انعكاسات الإضطرابات على البحرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*