في كل بلد في العالم هناك لهجة مسيطرة وأخرى مهمشة وبطبيعة الحال لابد وأن يشوب الصراع بينهما عملاً بمبدأ " البقاء للأقوى " بإستخدام شتى الوسائل المتاحة لبسط النفوذ والسيطرة لإضعاف "المهمشين" ولهجاتهم . هنا سوف أبدأ بنظرية الصراع لـ فريد الذي تحدث عن أهمية التدرج الطبقي الاجتماعي والطريقة التي يسمح بها جهاز الدولة بظهور طبقة اجتماعية يكون بإمكانها الحصول على وضع مسيطر والحفاظ عليه .(1)
بدراسة معمقة في الحالة البحرينية نجد أن
الصراع قائم بين من يعتبرون أنفسهم " صفوة " وبين من يشعرون بالتهميش أي بين لهجتين وأكثر – بين لهجة "مسيطرة" ولهجات "مهمشة "فالطبقة المسيطرة "أي الصفوة" وحتى تستطيع فرض سيطرتها ونفوذها على كافة الجماعات تحاول نشر لهجتها وتكريسها من خلال الإعلام و الأماكن الرسمية وغيرها . في الإعلام مثلاً سواءً المسموع أو المرئي نشاهد البرامج التي تكرس اللهجة السنية "وهي لهجة الطبقة المسيطرة" ، ومن هذه البرامج مثلاً ( حياكم معانا ) ، ( فرجان لوّل ) .. الخ " هذه البرامج تبث بلهجة أهل السنة " ، في حين إن من يتابعون هذه البرامج هم أيضاً من غير أهل السنة وهم شريحة كبيرة جداً من البحارنة . هذه البرامج بلهجتهم تنطق بهذه الطريقة ( حياكم ويانا ) ، ( فرگان لوّل ) ، أما مقدمي هذه البرامج " من البحارنة أيضاً " فهم يتحدثون بذات اللهجة " السنية " – لكن ماذا عن المسلسلات المحلية وهل ساهمت في تكريس ذلك أم لا ؟
نعم – لقد ساهمت مسلسلاتنا المحلية في تقديم صورة نمطية تحمل في طياتها السخرية والإستهزاء بالآخر، حيث تصور هؤلاء " متحدثي اللهجة البحرانية " على أنهم سذج ،سراق،نصابين، مختلين عقلياً . فعلى مدى سنوات لم نرى إلا تلك الصورة السيئة إلى أن تغيرت بعض الشيء في السنوات القليلة الماضية.
هذا بالإضافة إلى أن اللهجة السائدة في الدوائر الرسمية هي ذاتها لهجة الطبقة المسيطرة، وبالتالي نجد الطوائف الأخرى الموجودة في البحرين تقوم بتقليد تلك اللهجة إلى أن تتخلى تدريجياً عن لهجتها الأم ، وهذا ما سمعته فعلاً من بعض الأفراد الذين ينتمون إلى ما يعرفون بإسم البحارنة، حيث لاحظت أنهم يتكلمون باللهجة السنية فيما تخلوا عن لهجتها الأم " اللهجة البحرانية " .
وسوف أذكر هنا أحد الأمثلة – في أحد الأيام وبينما كنت في زيارة إلى مستشفى كانو الصحي في مدينة حمد ( وهو مجتمع مختلط به عدة طوائف بلهجات متعددة ) ، جلست إلى جانبي أثنتين من الفتيات البحرينيات فكانت إحداهما سمراء البشرة والأخرى بيضاء ، وكان عندي فضول بأن اتعرف على لهجتهن وهوياتهن ، فسألتهن عن ذلك فأجابت إحداهن بأنها بحرانية إلا أني سمعتها تتحدث "باللهجة السنية" أي كما تتحدث صديقتها.. فقلت لها- هل بإمكانك أن تخبريني عن الفرق بين لهجتكِ الأساسية كبحرانية ولهجة صديقتك هذه ، فأخذت تذكر لي بعض هذه الفروقات منها مثلاً:
ظهرنا مقابل طلعنا ( خرجنا ) ، ملفع مقابل شيلة ( قطعة القماش التي تغطي الرأس ) ، نعالتي مقابل نعالي ( نعل ) ، ديباج مقابل برنوص ( اللحاف ) ، جمعية مقابل منتزه ( سوبرماركت ) ، دكان مقابل برادة ، حريجه مقابل حريگه ( حريق ) ، آنه مقابل أني ( أنا ) ، بايي مقابل بجي ( سوف آتي ) ، باجله مقابل باگله ( نوع من البقوليات ) ، جمعه مقابل يمعه ( يوم الجمعة ) ، إرمضان مقابل رمضان ( شهر رمضان ) ، دختر مقابل مستشفى ،دختور مقابل دكتور ، يوعانه مقابل جوعانه ( جائعة ) ، يهال مقابل جهال ( أطفال ) ، يابر مقابل جابر ( اسم شخص ) الخ .
والسؤال الذي أخذ يتبادر إلى ذهني – ما الذي يجعل تلك الفئة من البحارنة وغيرهم من الجماعات ذات اللهجات الهامشية " كالمقيمين والمجنسين" من أصول عربية إلى تقليد اللهجة المسيطرة ( لهجة أهل السنة ) وبالتالي التخلي التدريجي عن لهجتها " الأم " بينما لا نجد ذلك عند أهل السنة إلا نادراً.
وللإطلاع على ذلك قمت بتوجيه هذا السؤال إلى الدكتور ناذر كاظم ( الباحث في الشأن البحريني ) فأجاب:
في كل مجتمع هناك لهجات هامشية ولهجة مسيطرة وهي لهجة الطبقة المسيطرة ( اي الصفوة ) وتسعى تلك الطبقة إلى تكريس لهجتها من خلال الإعلام وغيره ، وحتى لا تتعرض الجماعات الأخرى الهامشية المتحدثة باللهجات الهامشية ، إلى الاستهزاء والسخرية من قبل أصحاب اللهجة المسيطرة فإنها تلجأ إلى تقليد تلك الجماعات في لهجتها .
وفي ذات السياق ومن وجهة نظري الشخصية أجد أن الطبقة المسيطرة ( الصفوة ) ، لا تقتصر فقط على الصفوة الحاكمة وخاصة في مجتمعنا البحريني ، حيث أن هناك طبقات تعتبر نفسها بأنها الصفوة وأن الآخرين هم هوامش . فنرى مثلاً أهل المنامة من الشيعة يطلقون مصطلح " الحلايل " على الأهالي المنتمين إلى القرى البحرانية عامة ، وهذا المصطلح يكمن في مضمونه إستهزاء بالآخر وإنتقاص من شأنه ومن لهجته وثقافته " مال لوّل " باللهجة البحرانية . على إعتبار أن أهل المنامة يفوقون أهل القرى وأنهم الأفضل منهم والأرقى سواءً في اللهجة أو العادات.. الخ .
ولا يختلف الوضع كثيراً عند أهل السنة في البحرين ، حيث إن هناك مناطق تعتبر نفسها الأرقى أيضاً سواءً في اللهجة أو الثقافة أوالعادات ؛ مثال ذلك : عندما سألت إحدى النساء وإسمها "رقية " وهي سنية من منطقة الرفاع ومتزوجة من شخص من نفس الإنتماء الديني من منطقة المنامة تقول بأن لهجة أهل المنامة" السنة " تتميز بـ " المياعه " وقلة الإختصارات بعكس لهجة أهل الرفاع الكثيرة الإختصارات .
مثال ذلك كما تقول رقية – عندما يكون إسم فتاة شمة يطلق عليه في الرفاع شوشو " مختصر" وينطبق ذلك على جميع الأسماء وكذلك أهل الرفاع يعيبون على أهل المحرق بـ " المياعه " أيضاً والتصنع في الكلام ؛ وبالتالي فإن المحصلة تعني " إن أهل الرفاع يعتبرون لهجتهم " اللهجة الصفوة " أي الأفضل والأرقى وبالتالي يتم تهميش اللهجات الآخرى بإعتبارها الأدني على الرغم من أنها من ذات اللهجة " السنية " .
ومن ناحية آخرى وعندما قمت بجمع المفردات والإلتقاء بالأفراد من مناطق متعددة في البحرين " شملها البحث " كانت العبارة التي سمعتها مراراً وتكراراً من تلك الأفراد :
إن لهجتنا عادية جداً , ولا يوجد فيها أي خلل ، على إعتبار أن لهجتهم هي الأفضل على لهجات المناطق الأخرى ويقولون ( إذا أردتي أن تبحثي في اللهجات عليكِ بـ " لهجة أهل سترة " التي هي من وجهة نظرهم – الأدني ).
وبالتالي نرى أن هناك عدة طبقات في المجتمع البحريني تدعي بأنها الصفوة فقد تكون الدولة ذات السلطة ، وقد تكون طبقة أهل السنة المتمثلة في "أهل الرفاع" وقد تكون طبقة أهل الشيعة المتمثلة في "أهل المنامة" وقد تكون مؤسسات و أحزاب تعتبر نفسها هي الصفوة ، فجميع هؤلاء يمارسون دور الصفوة على الأخرين الذين من وجهة نظرهم "هوامش " .
وبالرجوع إلى الجماعات الهامشية من أصول عربية ( كالمقيمين والمجنسين خصوصاً ) فإننا نشاهدهم في الأماكن العامة في البحرين وهم يرتدون اللباس البحريني المشابه للباس أهل السنة ويتحدثون بلهجتهم، للإيحاء بأنهم بحرينيون .وهناك فروقات التي لا يمكن أن يخفيها هؤلاء بين لهجتهم الجديدة وبين لهجة أهل السنة ( حيث أن لهجتهم الجديدة – مزيج بين اللهجة الأم ( يمنية أو سورية الخ ) وبين اللهجة السنية البحرينية ) ، وهذه الفروقات عادة ما تكون في الصوتيات واللحن بحيث تظهر المفردات والكلمات والتعبيرات السنية بلحن سوري أو يمني الخ . وبالتالي هي مزيج بين اللهجتين وإن حاول البعض إخفاء ذلك ( هذا بالنسبة للأباء والأجداد من المقيمين والمجنسين ) . وتقل هذه الفروقات اللهجويةً في حالة الأشخاص المولودون في البحرين حيث أنهم عاشوا وتعلموا واندمجوا في المجتمع البحريني واكتسبوا لهجته أول بأول ، وبالتالي من الصعوبة التعرف على أصولهم ( هل أن أصولها بحرينية أو عربية مجنسة ) ، لأنهم " أي المجنسين " اكتسبوا اللهجة واللباس والثقافة المحلية البحرينية وأخذوا يمارسونها كما البحرينين فلا فرق بينهما .
اللهجو المحليه تسود في مناطقها البحراني الذي يعمل في المحرق او ساكن المحرق يتكلم اللهجه المحرقيه القحه وهي ليس لها علاقه بالسنة او الشيعه فالزياني وال ضيف والبنائين والصفافير تكلموا اللهجه المحرقيه والمسلم والمحمود والخدري والمالود اهل الحد استخدموا لهجة اهل الحد
السنة الذين سكنوا النعيم استخدموا لهجة اهل النعيم لا اقصد حالة النعيم بل نعيم المنامه وهكذا
ليس اللهجه فقط بل اخذوا من كلامهم الصالح والطاله
عندي خادمة اثيوبيه تكلمني بلهجة لبنانيه تعلمت العربية عندهم واخذت مصطلحاتهم
اسال الله ان يكون هذا البحث من اجل البحث فقط وان لايكون مصدر من مصادر التفرقه
عندما اكون في سوق جدحفص او في الكويت او في السعودية احاول التحدث بلهجاتهم
ليس ترفع ولا تحقير للهجتهم ولكن اندماج مع مجتمعاتهم
عجل ويش بنت عمي
اهلا اخي محمد الزياني
نعم هذا مجرد بحث توثيقي فاهل البحرين سنة وشيعة هم واحد والتوثيق بامانة قد تختلف معه او تتفق ولكن لا للطائفية البغيضة فحبل الله يجمعنا والوطن يحتضن الجميع
تقبل تحياتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا أجد أن هناك الكثير من المغالطات الموجودة في هذا المقال حيث أنني نشأت وترعرعت في ربوع المنامة ولم أجد أي من أهل المنامة يترفع أو يدعي بأنه من الصفوة بحيث يهمش الآخرين بل على العكس وجدت أهالي المنامة من الأخلاق والتواضع والكرم بحيث أنهم يقدمون الآخر على أنفسهم في كثير من المواقع ولا يفرقون. أما ما وجدته وأجده في الدراسة أو في العمل أو في السفر بأننا نحن أهل المنامة المهمشين! إذ ما أن يسألك أحدهم من أين أنت؟ وتجيب بأنك من المنامة حتى تفاجأ بتغير تعابير الوجه والمعاملة بل قد تبتعد عنك الجماعة بأكملها وتقصيك وتهمشك لا لذنب الا لأنك من المنامة التي يدعي البعض بأن أهلها يهمش الآخر ويصدق الكثيرون بدون أي دليل.
إنني أرى أنه من باب الأخلاق والدين الإسلامي أن يتم التعامل مع الآخر حسب أخلاقه لا حسب منطقته حيث أنني لا أفضل شخصا لأنه من هذه المنطقة أو تلك وإنما أتعامل حسب الأخلاق وما يوجبه علي ديني على عكس ما يقوم به البعض من التعصب لمنطقته والتظاهر بالمظلومية والتهميش في حين أنهم من يقوم بذلك استنادا على ادعائاتهم الباطلة.
لقد استغربت كثيرا من التلميحات والألفلظ التي كثيرا ما سمعتها كتلميذة من بعض الطالبات اللاتي ابتعدن عني ما ان عرفن اني من المنامة! ثم سرعان ما احبوني وصادقوني لطيبي وحسن خلقي ومساعدتي لهم في شتى الأمور واخبروني بأنهم سمعوا كلام مغلوط وغير صحيح عن أهل المنامة وأن أهاليهم ومحيطهم هو من يربيهم على ذلك.
أحسد الفئات الأخرى والأديان الأخرى بل والمذاهب الأخرى على ترابطهم وعدم تفرقتهم بين بعضهم البعض حيث أنه لا يتوفر لدينا ذلك.
شكرا لملاحظتك يا فاتن وشكرا على المرور
إلى المدعوا (محمد الزياني)
أقول روح كل شريدة أحسن لك بدل هادا الكلام الفاضي يا ولد أمك!