مولده ونشأته: هو الشيخ حسن بن الملا أحمد زين الدين، ولد في جدحفص حوالي 1925 ميلادية، ويتصل نسبه بالأسرة العلمية (آل عبدالسلام) وهي أسرة عليمة برزت في البحرين منذ القرن العاشر الهجري.
نشأ الشيخ حسن مع والده وعمه الملا مهدي زين الدين، وتتلمذ عليهما في مبادئ الشريعة الإسلامية والخطابة الحسينية، وفي صباه تعلم القرآن الكريم والحديث، وعرف منذ صغره بالذكاء والحفظ واعتماده على نفسه في التحصيل العلمي.
وفي عام 1957م توفي والده الملا أحمد زين الدين فأخذ يعتمد على نفسه في تدبير شؤون أسرته. ثم بعد عام توفي عمه الملا مهدي زين الدين – تلميذ الشيخ محمد علي المدني في الفقه والشريعة– وحدث فراغ كبير في عائلة زين الدين، فشمر الشيخ حسن زين الدين عن ساعده في تحمل المسؤولية الكاملة لأشرته وعائلة والده وعائلة عمه، فأخذ في رعايتهم والاهتمام بشؤونهم الدينية والدنيوية، فقام بمضاعفة جهده في الخطابة الحسينية في سائر القرى والمدن في أنحاء البحرين مع مواصلة التحصيل العلمي والفقهي على يد العلامة الشيخ عبدالحسن آل طفل والشيخ محمد صالح العريبي.
زوجاته وذريته:
تزوج المرحوم الشيخ حسن زين الدين من أربع زوجات هن:
1- كريمة الحاج أحمد بن جاسم الشراح – ابنة خاله لأبيه – من قرية السنابس حوالي عام 1946م، وقد ولدت له جاسم – وهو أكبرأبنائه- وهو مدرس متقاعد. وعقد له قرانه عليها المقدس الشيخ محمد علي المدني.
2- كريمة عمه الملا مهدي زين الدين حوالي عام 1949م، وقد ولدت له من الأولاد سته من الذكور وهم أحمد وكاظن وإبراهيم وعلي وعبدالسلام وعبدالرضا، وبنتين. وقد عقد قرآنه الثاني المرحوم الشيخ عبدالحسن آل طفل.
3- كريمة الحاج مكي بن رضي من قرية مروزان – السنابس حوالي عام 1963م، وقد ولدت له من الأولاد تسعة من الذكور وهم محمد وجواد ومكي وعبدالله وناصر وضياء وسعيد وفاضل وسلمان، وثلاث بنات. وقد عقد له قرانه الثالث أيضاً المرحوم الشيخ عبدالحسن آل طفل.
4- كريمة الحاج جاسم بن أحمد الحسابي من قرية دار كليب عام 1973م، وقد ولدت له من الأولاد ستة من الذكور وهم جعفر وماجد وحميد وعباس وحسين وعيسى، وست من البنات. وقد عقد له قرانه عليها الحجة الشيخ إبراهيم المبارك.
خطابته الحسينية:
كان رحمه الله بصوته الشجي المميز خطيباً مميزاً وصاحب مدرسة وطور خاص معروف به. وقد عرف الشيخ حسن زين الدين في خطابته بالإخلاص في القراءة والالتزام في الطرح الخاص لفن الخطابة الحسينية حيث إلهاب العواطف ومخاطبة العقل في نفس الوقت.
فكان يعطي مصائب أهل البيت عليهم السلام من وقت القراءة الكثير وكذلك الالتزام بالسيرة العامة لأهل البيت، والاهتمام بالجانب العقائدي والفقهي العام.
ومن مميزات خطابته التحقيق التاريخي، والإلمام بسيرة أهل البيت، وتفاصيل الأحداث التي رافقت حياتهم المقدسة، وكان بحراً زاخراً من المعرفة بالتاريخ الإسلامي وأحوال العرب قبل الإسلام.
من هنا فأن الشيخ حسن قد حاز الشهرة في هذا المجال لأن استطاع أن يستخدم المنبر الحسيني في الإرشاد والتوعية الإسلامية وربط المجتمع بفكر أهل البيت الذي ينطلق من الإخلاص في الولاء لهم (عليهم السلام).
ولذلك كله فأنه قلَ أن تجد قرية من قرى البحرين لم يعتل منابرها، فعلى سبيل المثال لا الحصر اعتلى منابر دار كليب لما يقرب من أربعة عقود متصلة من الزمان. وكان من الخطباء الذين لم يتسرب إلى خطابتهم الجهل أو أهواء العامة ملتزماً بالمقاييس الشرعية وموازينها في أطروحاته المنبرية ومبتعداً كل البعد عن الإسفاف أو الخروج عن أهداف الخطابة، وهي نشر الوعي الإسلامي الملتزم بخط وفكر محمد وآله وتعميق الصلة المباركة بهم (عليهم السلام)، وفي فترة ما أريد من الخطباء أن يطرحوا فكراً دنيوياً بعيد عن فكر أهل البيت عليهم السلام وأن يروجوا لأشخاص وأفكار بعيدة عن الدين ويسقطوا أشخاصاً معروفين بالتقوى والصلاح بسبب خلافات سياسية.
وفي سبيل ذلك حصل على مضايقات كثيرة كما قوطع في تلك الفترة، فلم يعبأ على الرغم من كثرة من يعولهم حيث كان يعول ثلاث أسر، وبالرغم من الحصار الذي ضرب عليه هو وبعض أقرانه إلا أنه وقف مع الحق الذي يراه، وقال كلمته " هل يريدني أن أشتم الناس على منابر الحسين، وكيف تكون أجرتي حلالاً وأنا أخالف الشريعة السمحاء؟! هل يريد مني أن أروج للمخالفات الشرعية على منبر الحسين عليه السلام؟! لو جعت وجاع أهلي وصرت فقراً لما فعلت ذلك" وقف الشيخ حسن هذا الموقف ولكن منبره بقي على ما هو عليه من الالتزام والوضوح في الرؤية الشرعية وخط المنبر الحسيني الأصيل، ولم يلتفت لجهل الجهلاء، حيث كان يقرأ في محيط أقل مما كان عليه ولكنه كان راضٍ عن نفسه مقتنعاً بما يأتيه من رزق عن طريق الخطابة، ولم نر عليه أي ميل لترويج الأهواء أو استغلال المنبر لأغراض دنيوية لفئة معينة أو إسقاط أشخاص معينين، إذ يعتبر ذلك مخالفاً للشريعة الإسلامية ولأهداف المنبر الحسيني.
مجلسه:
يعد مجلس الشيخ حسن زين الدين بمثابة مدرسة نظراً لكونه مفتوحاً طوال الأسبوع لإستقبال الناس من عامة الناس ومن الوجهاء والعلماء والخطباء.
وكان الشيخ حسن يعطي من وقته الكثير لرواد مجلسه، حيث يرد على المسائل الدينية ويستعرض الحلول للمشاكل الإجتماعية. كما كان مجلسه مدرسة للخطابة الحسينية، حيث كان يقرأ فيه مجلساً حسينياً اسبوعياً.
دخوله المجلس التأسيسي:
أقنع العلامة الشيخ سليمان المدني الشيخ حسن زين الدين بدخوله المجلس التأسيسي لصياغة الدستور في عام 1972، وطلب الشيخ سليمان من الشيخ عبدالحسن آل طفل أن يحث الناس في الجامع على انتخاب الشيخ حسن زين الدين، فكان أن تحدث الشيخ عبدالحسن عن فقيدنا وزكاه وحث الناس على ترشيحه، فكان لهذه الجهود المتضافرة الأثر الكبير في فوز الشيخ حسن في الإنتخابات ودخول المجلس التأسيسي عضواً فاعلاً وصوتاً إسلامياً قوياً، حيث أسهم وجوده مع مجموعة أخرى من رجال الدين في المجلس في تضمين الدستور بعض المواد المهمة التي هي من صميم الشريعة الإسلامية، في ذلك الوقت الذي كان يطغي على المجتمع الفكر اللاديني سواء الأشتراكي أم الرأسمالي.
العلماء الذين عاصرهم وعلاقته بهم:
وخلال عمره المديد عاصر فقيدنا الكثير من العلماء والفقهاء في المنطقة، فقد توفي العلامة السيد عدنان الموسوي وشيخنا المترجم له في الرابعة من عمره، وبحكم علاقة والده وعمه الوثيقة بالمقدس الشيخ محمد علي المدني فقد كان له حضور في المجالس التي يحضرها الشيخ محمد علي المدني، وصلى خلفه الجمعة والإضافة لأستاذيه – والده وعمه – فإنه حضر عند أستاذه الشيخ عبدالحسن آل طفل لتلقي الدروس والخطابة والفقه، وكان له علاقة وطيدة بالشهيد الشيخ عبدالله المدني. هذا بالنسبة لعلماء جدحفص، أن بالنسبة لعلماء البحرين عموماً فقد عاصر الشيخ إبراهيم المبارك والشيخ محمد المبارك وأستاذه الشيخ محمد صالح العريبي، والشيخ باقر العصفور والملا عطية الجمري وابنه الملا يوسف الجمري الذي تربطه بالمترجم له علاقة وطيدة، وغيرهم الكثير.
ومن بين علاقاته بالعلماء ومعاصرته للكثير من الفقهاء كانت علاقته وارتباطه بالعلامة الشيخ سليمان المدني رحمه الله هي أكثر العلاقات تميزاً وأمتنها صلة.
فقد عرف فقيدنا المترجه له العلامة المدني – قدس سرهما – منذ صغره فقد شهد ولادته، ثم ترعرعه وحضوره الدروس عند الشيخ عبدالحسن وهجرته إلى النجف الأشرف. وزادت علاقتهما بعودة المدني من هجرته، وخصوصاً أثناء فترة المجلس التأسيسي ووقوفهم صفاُ في وجه الإلحاد، وشهد المترج له شدتها قبل استشهاد الشيخ عبدالله عام 1976م، كما شهد حصول الفتن المتلاحقة كبدعة السفارة وغيرها، وكان رحمه الله سيفاً مسلطاً على معاقل الشيطان من أحب الناس على قلبه وأقربهم على نفسه العلامة المدني حتى وفاة المدني، حتى نقل عنه عند وفاته أنه قال خسرنا بوفاة الشيخ المدني كل شيء.
مرضه:
إن من الأمور التي لا تخفى على قريب، أنه كان لرحيل الشيخ المدني عن هذه الدنيا أبلغ الأثر على الشيخ حسن زين الدين، وفي العام التالي توعك فقيدنا قم اشتد مرضه في العاشر من المحرم حتى أنه لم يتمكن من القراءة ونقل على إثرها إلى المستشفى، ثم تحسن حاله نوعا ما فعاد إلى الخطابة بصورة أقل من السابق، واقتصرت مجاله على الأعم الأغلب على القراءة في مجلسه فقط إلا في حالات قليل.
ونظراً لمرضه فقد ألح عليه بعض أهله وأصحابه في الطلب منه أن لا يعتلي المنبر في ذكرى وفاة الإمام جعفر الصادق عليه السلام لما يتسبب له من الإنهاك، فقرأ ذلك المجلس الشيخ أحمد العطيش بدلاً منه، ولكنه بعد أن نام تلك الليلة انتبه وطلب من زوجته أن تحضر له كرسياً فجلس عليه وقرأ مجلساً لأهل بيته خاصة، وكان هذا آخر مجالسه.
وفاته:
بعدها بأيام ساءت حالته ونقل أثرها إلى المستشفى الدولي وبقي فيه حتى تحسنت حالته فنقل بعدها إلى مستشفى السلمانية وبقي طريح الفراش حتى وافاه الأجل المحتوم عصر يوم السبت الثامن من شهر صفر 1426هـ الموافق للحادي والعشرين من شهر آذار مارس 2005م.
م: موقع سماحة الشيخ حسن زين –قده
هذه مجموعة من الصور تجمع المرحوم الشيح حسن بن زين والمرحوم السيد جعفر الكربابادي