المعالم الساحلية لسماهيج (2) (الحرف والغليل)
أولاً:منطقة الحرف: من أهم مظاهر السطح للساحل الشمال الشرقي وهي عبارة عن شريط ممتد من الصخور والأعشاب المرجانية ذات رقعة واسعة تبلغ طولها حوالي كيلو متر وعرضها نصف الكيلو وموقع الحرف في الجهة الشرقية من الساحل المقابل لقرية سماهيج , يحده من الشمال البندر (مرفأ ريا) الملامس لحضرة المرادي ويطلق على هذه البقعة بالحرف العالي (الشمالي) ومن الشرق منطقتي
الخوانجة والزغبة ومن الغرب بطح الساحل ومن الجنوب الحد الرفيع الملامس للمد الجنوبي لمسكر مهدي والقريب من قصارجردي, وفي حالة المد تغطي منطقة الحرف المياه أما في حالة الجزر فإن السطح يظهر بالكامل ويرى من على الساحل المقابل وكأنه رسم بريشة فنان ماهر الذي يجذب الناظر اليه بألوانه البنيه الزاهية التي حينما تنعكس أشعة الشمس على قاعه يرى من بعيد وكأنه ذهب يتلألأ, وكلمة الحرف مفرد وجمعها أحرف وحروف ويذكر ابن منظور في لسان العرب أن حرف كل شيء طرفه وشفيره وحده ومنه حرف الجبل ,وهو ماينطبق على منطقة الحرف على انها تكون مثل التله المرتفعة عن سطح البحر في حالة الجزر وتتضح حدودها .
وتقع في فناء ساحة الحرف مجموعة من المصائد البحرية من حضور ومساكر لصيد الأسماك وفي ثنايا الحرف تقع بين الصخور المرجانية فجوات (جسيس) (1) يستغلها البحارة بوضع القراقير لصيد الأسماك وهي طريقة اعتاد عليها بعض الهواة من الصيادين , وتستخدم كذلك في فناء الحرف بظلمة الليل الحالك طريقة صيد (القمبار) , ومد خيوط الميدار لصيد سمك السبيطي .
اما بالنسبة للإستفادة من موقع وأهمية الحرف لدى الممتهنين والبحارة أن سطحه عبارة عن بيئة بحرية مناسبة للأسماك والحيوانات البحرية لكنها غير مستقرة لسبب عدم استقرار الماء فيها وذلك بسبب تعرضها لظاهرة المد والجزر مرتين في اليوم الواحد , الا أن في بعض أجزاء سطحه توجد الحشائش البحرية (الحشيش) الغذاء المفضل لدى الأسماك مما يستثمر ذلك البحارة باستحصاله لعملية (العمآر) بوضعه في القراقير لصيد الأسماك , ويمتاز سطح الحرف بكثرت الصخور المرجانية (الفروش) والذي يستفاد منها لبناء المصائد البحرية مثل المسكر وقد اعتاد الأهالي في قص الصخور من منطقة الدنيب وجلبها الى البر المقابل واستخدامها في بناء المنازل والدور القديمة وكذلك بناء القبور في مقبرة سماهيج وهذه النوعية من الصخور المرجانية المسماة بالفروش لها ميزة خاصة دون الأحجار البحرية الأخرى في بناء المنازل وهي في موسم الشتاء البارد يكون بداخل الغرفة الجو معتدل وفي موسم الصيف تعطي الجو في الغرفة اللطافة والبرودة أي انها تكون حماية في الفصلين ولذلك فطنوا أجدادنا في هندسة البناء وفنه .
وعلى سطح الحرف تترسب بعض القواقع وفصوص المحار وغيرها من الحيوانات البحرية الصدفية التي يستفيد منها البحارة في صيد الأسماك ولهذا كان ملاحظاً في الآونة الاخيرة قبل دفنه في السنوات القليلة الماضية وبالأخص في بعض العطل الأسبوعية والسنوية كان الكثير من الأجانب الآسيوييّن يحرصون للذهاب لهذه المنطقة بغرض السياحة والتنزه وكذلك لإستخراج الحيوانات الصدفية وأخذها بالخارج لقليها على النار ومن ثم أكلها كما هي عادة شعوب جنوب شرق آسيا في أكلاتهم البحرية المفضلة .
ثانياً:منطقة الغليل
يعتبر من أهم المعالم البارزة ذات الأثر البيّن على المنطقة والبحارة , سمي بالغليل (بفتح الغين وكسر اللام) لتوسطه بين موقعين يكونان جافين من ماء البحرفي حالة الجزر وهما الساحل غرباً ومنطقة الحرف شرقاً أي انه يكون متغللاً بين هذين الموقعين أوربما اشتقاق الإسم من كلمة (غل) أو(الغلل) بمعنى الماء الذي ليس له جرية كما جاء في بعض المعاجم اللغوية، وبذلك أطلق على هذا الموقع كلمة الغليل كمايعتقد بعض البحارة أوربما يكون هناك تعريفات اومقاصد أخرى قد طواها الزمن ولم تعد يعرف معناه عند البحارة في الوقت الحالي , وهو أشبه ببحيرة صغيرة أو مستنقع مائي , وموقعه ملامس للساحل في الجهة الغربية للبحر ومن جهة الشرق الشريط المرجاني المعروف بالحرف ومن الشمال بابي الصغير والعود وحضرة الخيط ومن الجنوب فناء الساحل , والغليل غليلان (شمالي وجنوبي) .
أما استخدامات الموقع فهو عبارة عن بندرأومرسى مصغّر للبندر المعروف بـ(ريا) بالساحل فالثاني ترسو فيه السفن والمحامل الكبيرة والاول ترسو فيه القوارب الصغيرة ومنه انطلاق البحارة للإبحار, ومن المميزات التي يحمله الموقع أنه في حالة الجزر يمكن لأصحاب القوارب والزوارق الصغيرة العبور منه الى البحر بكل سهولة عن طريق الباب العود ومن ثم البندر ,كما ان للغليل استخدامات أخرى غير رسو القوارب فيها وهي مهمة التجديف للسفن الكبيرة وقد اشتهر الغليل محل لتجديف وصيانة السفن في حالة الجزر ومنه استفاد الممتهنين للبحراستفادة كبرى وهو يعد من أشهر مواقع التجديف في الساحل الشمال الشرقي مع المواقع الاخرى في شمال الساحل بالقرب من بستان التينة(نصر) وبالشرق بالقرب من بستان المجتّل وكذلك بالقرب من موقع دالية مهدي .
وعملية التجديف هذه تقوم على أساس الصيانة والإعداد لمواسم الغوص فبينما تترك السفن لعدت أيام في أرضية الغليل لهبابها أي تنظيفها وتصفية سطحها الخارجي من (النو) والترسبات من الطحالب والحشائش البحرية التي تلتصق وتبقى على جسم السفينة يقوم أصحابها بدفعها واخراجها الى الساحل للعمل على صيانتها وصقلها بالزيوت والدهون وبعد ذلك ادخالها البحر بالقرب من موسم الغوص بالصيف للإبحار.
وتقع في منطقة الغليل حضرتا (الجوجبية) في الشرق والسيدة في الشمال وكذلك ممر مائي ذات عمق معين يطلق عليه (الخريص) أوباب الخريص وهو أعمق نقطة بالغليل ومن هذا الممر تعبر القوارب الى الباب الصغير والعود ,ويلاحظ في وقت الفجر من كل يوم الكثير من القوارب والطراريد التي تنطلق من هذه النقطة الى عمق البحر للإبحار , ولاتكاد تخلو منطقة الغليل خصوصاً في حالة المد في الأوقات الحارة بالصيف من هواة البحر ورياضة السباحة الذين اعتادوا الغوص فيه وذلك لمنسوبة المائي الجيد للإستمتاع والاستجمام ,والموقع الحالي للغليل انشئ فيه حاليا المشروع الإسكاني لاهالي المنطقة بعد تعرضه لدفن وطمر أرضيته بعد ان كان في السابق يعتبر موقع حضاري وريادي رسمه وأستثمره الماضون من أجدادنا .
______________
1- مصطلح بحري لدى البحاره , من بجس وانبجاس بمعنى الإنشقاق والإنفجار(فانبجست منه اثنتا عشرة عينا) أنظرالصاغاني في العباب الزاخر,ولسان العرب ,ابن منظور , مفردها جسه وهي ثغره ضيقه وصغيره بين الصخور يستخدمها البحار بوضع المصيدة لصيد السمك .
بقلم الباحث: جعفريتيم