وقعة حلة السيف – قرية بحرانية مندثرة

clip_image001_thumbجاء في العديد من كتب التاريخ ان البحرين كانت تضم 360 قرية ومدينة بعدد أيام السنة، ولكن الخراب الذي حل على هذه البلاد جعل اغلب تلك القرى والمدن مهجورة او تحولت الى رماد حيث تعرضت البلاد إلى الحرق والخراب وتم تهجير اغلب شعب البحرين الى مختلف الأمصار والبلدان، التاريخ لم يذكر كل التفاصيل بل اشار الى جزء يسير من تلك المراحل السوداء ولعل ابرز تلك الحقب المظلمة ما ذكره الشيخ يوسف البحراني عن فترة خراب البحرين والتي تم فيها إحراق البحرين لثلاث مرات فأحرقت المزارع والنخيل والبيوت والسفن والقرى، كانت هناك قرى كثيرة لم يتبقى منها شيء غير اسمائها ومواقعها ومعلومات بسيطة.

حلة السيف كانت جنة في ارض اوال حيث تغطيها النخيل الباسقة ويجاورها ساحل البحر الممتد ذو الرمال الصفراء، كانت تتفجر المياه في برها وبحرها وتتدفق في انهارها وساباتها فتسقي النخل والمزارع

 

سبب التسمية

لا نعلم بسبب تسمية القرية باسم حلة السيف فالحلة لها معني متعددة ولعل قربها من السيف او ساحل البحر يقرب المعنى اما الحلة في الاغلب يكون بمعنى لباس أي لباس البحر، ولها معني اخرى مثل: ثوب جيّد جديد وفي معجم اللغة العربية المعاصر يقول حُلَّة الشَّاطئ: ثوب يلبس على الشواطئ صيفًا- حُلَّة رسميَّة: لباس خاصّ بفئة معيّنة دون أخرى، يُلبس في المناسبات الرَّسميّة- كساه حلل الثناء: أطرى عليه ومدحه. والحِلَّةُ تعني منزِلُ القوم. وجماعة البيوتِ. ومجتمعُ الناس. ويقال: حَيٌّ حِلَّةٌ: نُزولٌ وفيهم كثرة. والجمع : حِلالٌ، وأحِلَّة.

 

الموقع

456_thumb1

 

تقع قرية حلة السيف شمال قلعة البحرين –قلعة عجاج- على طرف الساحل المحاذي لها وحاليا تقع ضمن اراضي تم ضمها الى بعض المزارع والنخيل القريبة منها وبعض اجزاءها تم الاستيلاء عليها من قبل بعض المتنفذين.

 

وقعة حلة السيف

أخبرني احد المعمرين من قرية القلعة واسمه الحاج أحمد ……بن ….. يقول ان سبب هجرة أهل هذه القرية هو رجل من المتنفذين اسمه ……..، في أحد الايام بينما كان هذا الشخص يتنزه بالقرب من حلة السيف، لمحة عينيه إحدى الفتيات من القرية المذكورة، بينما كانت تلك الفتاة تعبر من فوق سور ظهر شيء من رجليها البيضاء فأعجبته الفتاة وذهب إلى أهل القرية طالبا منهم تلك الفتاة لتبيت معه تلك الليلة فقال أهل الفتاة نزفها اليك فقال لهم: لا أريد زفافا بل أريد الفتاة بلا زواج وإذا لم تسلموني الفتاة سأحرق قريتكم بما فيها فطلبوا منه أن يأتي ليلا لاخذها مبررين ذلك بحجة تجهيز البنت له فقبل على أن يأتي في تلك الليلة لاخذ الفتاة، وظل أهل القرية 8_thumb3يفكرون في الموضوع، وبينما هم على حالهم من التفكير والحزن، وإذا بثلاث سفن لأهل القطيف متوجه نحوهم، حيث كان أهل القطيف من معارفهم وكانوا يترددون يتنقلون بين القطيف والبحرين، وكانوا يزورونهم وتربطهم بهم عدة علاقات، ولما وصلوا الى ساحل قرية حلة السيف، رأوا أهلها على تلك الحالة من الحزن والخوف فسألوهم عن السبب، فسرد أهل القرية القصة عليهم، فاقترح عليهم أهل القطيف أن يفروا من القرية معهم بالسفن والالتحاق بهم بالسفن المملوكة لبعض الاهالي وينزلوا عندهم بالقطيف، فستحسن أهل القرية الفكرة وصعدوا معهم مصطحبين معهم ما امكن من أمتعتهم والحيوانات كالدجاج والاغنام، فلم يبقى في القرية إلا ثلاثة من أبناءها لينظروا في أمر المتنفذ الذي توعد بحرق القرية، ولما جاء الموعد المتفق عليه، وصل المتنفذ الى القرية فاستقبلوه وقالوا له تفضل للمنزل فقال لهم أريد الفتاة دون تأخير، فقالوا له:تفضل ريثما تجهز ونزفها إليك فرد عليهم قلت لكم لا أريد زفافا ولا زواج ثم دخل معهم للمنزل وبينما هو ينتظر خرجوا من المنزل وأقفلوا عليه الباب من دون أن يشعر وفر الثلاثة في زورق قد أعد لهم مسبقا وصاروا يجدفون وبينما هم كذالك نفذ صبر المتنفذ فقام محاولا الخروج فوجد الباب مقفلا فعرف أنها مكيدة وقع فيها فاراد فتح الباب بكل قوة وبعد ان تمكن من فتح الباب وجد أن الثلاثة قد إبتعدوا بالزورق عن الساحل وكان المتنفذ يملك مسدس –فشقة- فأطلق عليهم ولكن الرصاص لم يصل إليهم حيث أن المسدسات القديمة لم تكن ذات مدى بعيد وبعد أن فروا من يده ناجين بأنفسهم ماكان من المتنفذ إلا أن جاء برجاله وقاموا بحرق تلك قرية التي تحولت الى رماد

 

آثار الواقعة

لا تزال آثار الحريق باقية الى يومنا هذا وقد شاهدت بعض آثارها أثناء التنقيب الذي تقوم به وزارة الأعلام كما انه باستطاعة اي فرد الذهاب إلى موقع القرية والقرى المحاذية لها القريبة من القلعة وكرانة حيث سيجد آثار ذلك الحريق الهائل الذي التهم البيوت والنخيل والممتلكات التي تعود لأهل القرية والقرى المجاورة ما زالت آثاره باقية واذكر انني حين شاهدت آثار الحريق على مسافة متر او متر ونصف اسفل الارض سئلت عمال التنقيب عن سببه فقال بعضهم ربما يكون حريق عادي فمن عادة المزارعين حرق الاعشاب ولكن الغريب في الامر انني شاهدت بعض الاقمشة والقطع الفخارية المحترقة والتي بقى اجزاء منها سالما في باطن الارض والامر الثاني ان طبقة الحريق كانت واسعة جدا وممتدة على اجزاء كبيرة من المساحات التي تم التنقيب فيها لذا حريا بالباحثين ان يتولوا دراسة هذه الواقعة والوقوف على تفاصيلها، نعم هذا الحريق شتت اهل القرية ومحيطها في السواحل الشرقية لشبه الجزيرة العربية حيث وجدوا انفسهم بلا املاك في ارض محروقة خالية من الأمن والامان.

وهنا سارفق صورتين على عجالة تظهر آثار الحريق القديم .

98989

54545

رواية اخرى حول وجهة نزوحهم

ويروي احد اهل المنطقة يقول: روى لي أحد كبار السن أن هذه القرية انجلى عنها أهلها في ليلة ظلماء عند سماعهم أنباء هجوم قد يفني فيه رجالهم وتسبي نساءهم، فسافروا بالقوارب الشراعية إلى البصرة والمحمرة (خرمشهر) والقصبة لحقن دمائهم وصون شرفهم. وأما أهالي الرقعة فقد انضموا إلى الأم «كرانا» وتركوا حسينية يرجع تاريخها إلى نحو 250 عاما.

 

وهنا نرفق تقرير لاحد الاخوة من قرية كرانة واسمه ح . خ

 
ذهبت إلى شاطئ كرانة الأزرق أقضي إجازة العمل ، وعندما مررت من الجانب الشرقي "لروزكان 1" حدس منظري علم أخضر فوق تل صغير مكتوب فيه بعض العبارات الحسينية مثل (العباس ، الله الخ) وقلت بلا شك أن هنا قبر على أقل تقدير، بعد دقائق وأنا أتأمل وأصور هذا العلم وهذا التل مر من أمامي الحاج عيسى بن علي الصيبعي، فقلت له ماذا يوجد هنا؟، وقال هنا يوجد مسجد اسمه (مسجد حلة السيف) استنكرت وجود مسجد في هذه البقعة المهجورة من القرية، وقال لا داعي للاستنكار فهنا يا ولدي كانت قرية في قديم الزمان ووصف لي بعض أسماء المساجد الموجدة هناك، ورسم في الهواء خريطة بسيطة لهذه المنطقة .

 

clip_image001_thumb
صورة الحاج عيسى بن علي وهو يصف المكان

لم يسكن لي بال ، وجئت مسرعاً إلى المنزل ماهي إلا دقائق و أنا في منزل عمي الحاج علي فتيل الخباز ، جلست معه ومن دون أي مقدمات طلبت منه أن يتحدث عن هذا المكان باعتبار أن الحاج علي مثل ما قال مسبقاً إن مولده يرجع إلى روزكان ،

 

clip_image002_thumb

 


صورة فتيل هو يحاول التذكر

قال فتيل أن حلة السيف منطقة قديمة للغاية ، ومن الصعب أن احدد زمنها ومن سكن فيها بكل دقة ، وما المعلومات التي احملها إلا قشور ، تناقلها " أجدادنا " . .
يقول فتيل أن منطقة السيف اندثرت من حوالي ( 100 إلى 200 ) سنة على أقل تقدير ، وكان يقطنها الكثير وهي مطلة على البحر، وعندما جاء آل خليفة إلى البحرين تحول الحال ولم تسلم نساء ورجال وشباب هذه المنطقة من ظلم الحكومة ، فاغتصبوا نساءهم ، وعذب رجالهم، إلى ما هنالك من كل أصناف الظلم ، لم يستطع رجال المنطقة الصبر على هذا الظلم ، وقرر الجميع أن يهاجر ، فجهزوا ( الجالوت ) أو الجلبوت ) وهو عبارة عن عقارب أو بانوش وفي الليل هاجروا من دون رجعة ، ويقال أن أكثرهم ذهب إلى العراق . وهناك عائلات ومناطق تحمل أسماءهم مثل الحلة أو المحمودية أو مسيب ميلاد . المسيب .
وهذه المنطقة حركية ولا ننسى أن البحر يطل عليها ، ولهذا السبب تكون هذه المنطقة تمتلئ بالناس ، ولازال قبل 100 أو 70 أو 50 سنة توجد بعض بيوت ومتبقيات حلة السيف لهذا كان المسجد موجود ويصلي فيه فتيل و الحاج عيسى بن علي على حد تعبيرهم وآباءنا وأجدادنا ، ومن الشخصيات المقربة إلى المسجد هو عالم دين اسمه ( السيخ محمد البرني ) وهو الآن مدفون في أبو صيبع الشقيقة قرب عين البرني ، يقال أن هذا الشيخ كان من المقربين للمسجد ويصلي فيه باستمرار ، وربما يكون هو المآذن أو القيم ،
ويقول فتيل أن البرني كان يقول بيت من الشعر يصف فيه حال ( أهل حلة السيف ) الذين ظلموا وهاجر أكثرهم : يقول . .

فشت الحلة = ورفلي العلة

وللأسف لم أستطع أن أحصل معلومات ولو بسيطة على الشيخ البرني إلا مدفنه والعين التي سمية باسمه ،
وهذا ما استطعت أن أعرفه عن هذه المنطقة ( الكرانية ) من معلومات ،
وختم فتيل هذا الموضوع ببيت من الشعر وهو يتحسر على هذا التراث وظلم أهل ( حلة السيف ) أجدادنا جميعاً :

مررت فرأيتها تشقى وتسعدُ = كما تشقى النفوس وتسعدُ

 

في ما يلي نستعرض صور مسجد حلة السيف :

clip_image003_thumb7
clip_image004_thumb1
clip_image005_thumb1
clip_image006_thumb1
clip_image007_thumb1
clip_image008_thumb1

تراث ثمين يجب أن نبحث عنه ونسأل عنه كي ( يوثق ) ولا يذهب أدراج الرياح كما ذهب تاريخ حلة السيف ، فرحم الله أموات أهالي حلة السيف وأسكنهم جنان الخلد.

 

 

وهذه صور لمنطقة حلة السيف التقطت بعدسة ع. ر

1_thumb1

2_thumb1

3_thumb1

4_thumb1

5_thumb1

6_thumb1

7_thumb1

9_thumb1

10_thumb1

12_thumb1

13_thumb1

14_thumb1

23_thumb1

24_thumb1

25_thumb1

26_thumb1

28_thumb1

29_thumb1

30_thumb1

32_thumb1

34_thumb1

38_thumb1

سنوات الجريش

15 فكرة عن “وقعة حلة السيف – قرية بحرانية مندثرة”

  1. هاني المعتوق

    آه على زمن جميل مضى
    كل يوم ياتي يطلع علينا هذا الموقع الكريم ( سنوات الجريش ) بحكايات غريبة وعجيبة , حكايات ينسج فيها عبق الماضي وتاريخ القرى والأجداد , وما حكاية (واقعة حلة السيف ) الا احدى هذه الروايات .

    القاص والراوي الحاج عيسى بن علي يحمل في جعبته تفاصيل الرواية , والمتذكر الحاج علي الخبار ( الحاج فتيل ) ربما يعلم الكثير عن هذه الحكايات ولكن الزمن وقلة البصر عاقتاه عن التذكر الللازم في الحكاية.

    الصور التي شملت التقرير زادتمن توثيق الرواية , وعمر الكلمات الجميلة في نص الحديث اعطته عمرا اكبر من عمر الكلمات .

    السؤال المطروح ؟
    ماذا بعد التوثيق ؟ وماذا بعد كل هذه الحكايات الجميلة التي تزيد العمر فسحةمن الزمن ؟ وماذا بعد كل هذه الدراسات ؟

    كل الشكر والتقدير لصاحب الموضوع , وكل الشكر والتقدير لهذا الموقع المتميز من سنوات الجريش .

    تقبلوا تحياتنا المتواصلةمعكم على مرّ سنوات الجريش

  2. عبدالله بن رحمة

    شكراً أخ جاسم الموضوع أكثر من رائع..
    بالقرب من حلة السيف وحلة العبد الصالح,يوجد أكثر من قرية مندثر كما تدلل على ذلك الآثار,فالذي يزور هذه الانحاء يرى كثير من الآثار الداله على ذلك,من مساجد وغيرها.

  3. السلام عليكم

    اهلا اخي عبدالله هذا الموضوع والصور هو من جهدك فلك الشكر فانت من دللتنا عليها وننتظر منك ان تدلنا على غيرها من القرى المندثرة

    تقبل تحياتي

  4. طاهرة عبدالامام

    هل تصح الثلاث روايات؟ أي ان القرية احرقت 3 مرات ام انه غير معروف للان اي الروايات فيها هي الصحيحة؟

  5. من خلال المعاينة الميدانية يظهر انها احرقت وآثار الحريق ظاهرة اسفل طبقات الارض بمتر تقريبا

    علما بان هناك اكثر من قرية احرقت في فترات متفاوتة وفي خراب البحرين احرقت البحرين كلها ثلاث مرات

  6. وقائع تاريخية مهمة جدا وتوثيق لشعب لكن الاهم ان تذكر المصادر التي دونت هذه الاحداث من اجل ان تفيد الباحث الذي يكتب عن مرحلة ما اتمنى مخلصا ان تزويدني بالمصادر التي دونت هذه المرحلة مع التقدير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*