الشيخ راشد بن فاضل بن سيف البنعلي العتبي (1877م/1960م) ، ربان ومؤرخ ونسابة ، وأحد أعلام أسرة آل بن علي العتوب والعارفين بتاريخهم وأنسابهم ، ولد بمدينة الحد في البحرين ثم أنتقل مع والده إلى قطر حيث أستقر بها مدة وأتصل بحكامها وصار له عندهم حظوة ، ثم أنتقل منها أخيراً إلى بلدة دارين حيث توفي فيها. ألف عدة كتب أبرزها كتاب (مجموع الفضائل في فن النسب وتاريخ القبائل) فصّل فيه نسب وتاريخ أسرته المذكورة ، وأضاف إليه نبذة عن تاريخ إمارات الخليج وأسرها الحاكمة.
وتطرق في كتابه المذكور إلى تاريخ البحرين والوقائع التي جرت عليها في أواخر القرن الثامن عشر من دخول العتوب وسيطرتهم عليها وما تبع ذلك من أحداث. ثم عقد بعد ذلك فصلاً في ذكر سكان البحرين آنذاك ، من القبائل التي رافقت العتوب في دخولهم إلى البحرين ومن أستوطنها من الهولة أو عرب جنوب إيران وغيرهم ممن نزل وأستقر بها.
وقد أشار أثناء ذلك بشكل صريح ، إلى أصالة شيعة البحرين (البحارنة) وأقدميتهم فيها على من سواهم ، حيث وصفهم بقوله : (الشيعة القديمين من عبد القيس ، أقدم من غيرهم).
ولهذه الوثيقة أهمية خاصة ، إذ أنها صادرة من أحد أعلام العتوب ومؤرخيهم ومن يُرجع إليه ويركن إلى قوله في معرفة تواريخهم وأنسابهم (1) ، إضافة إلى أن أسرة آل بن علي التي ينتمي إليها المؤرخ كانت لهم تجارة قديمة في البحرين ، أثناء أستقرارهم بمدينتي الزبارة وفريحة في قطر، وكان لهم معرفة وتعامل مع أهل البحرين منذ زمن بعيد ، وهو ما تثبته بعض وثائق تلك الأسرة.
نص الوثيقة :
(ذكر أشهر قبائل البحرين آنذاك :
الخليفة ، آل بن علي ، المعاودة ، الجلاهمة ، المنانعة ، السادة ، المضاحكة ، الفاضل من الخليفة ، البوعينيين ، النعيم ، السلطة ، الدواسر ، آل فاضل ، أفضول ، السعود ، القمرة ، البوفلاسة ، المهاندة ، البوكواره ، الشيعة القديمين من عبد القيس أقدم من غيرهم ، وكذلك كثير تبلد وكثير في البحرين من إيرانيين(2) ما نعرف لهم قبيلة معلومة).(3)
***
فائدة : أورد محقق كتاب (مجموع الفضائل) في آخره صورة لوثيقتين نادرتين تعودان لأسرة آل بن علي ، تتعلقان بشراء نخل من البحرين ، حيث كانت الأسرة مستقرة آنذاك بمدينتي الزبارة وفريحة من قطر وكانوا ينزلون البحرين بقصد التجارة وشراء صرم النخل وصيد اللؤلؤ (4). والأمر الملفت في هاتين الوثيقتين إضافة لكونهما ترجعان إلى الفترة السابقة لسيطرة العتوب على البحرين أو لبداياتها ، هو أن جميع الشهود والبائعين والكتَاب في هاتين الوثيقتين هم من البحارنة تحديداً. وإليك صورتهما:
الوثيقة الأولى :
وهي وثيقة شراء نخل من جزيرة سترة من أعمال البحرين ، مؤرخة بالثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 1111ه (الموافق 1699م) أي أنها كتبت قبل ما يزيد على 300 سنة ، ونصها كالتالي :
(مضمونه الصحيح أنه قد باعت المسترة مريم بنت أحمد السندي جناب الأمجد الممجد الشيخ سلامة بن سيف الصرمة المعلومة بينهما المعروفة بصرمة منيخل الكائنة بسيحة القرية من سترة بجميع مالها من حدود وحقوق وتوابع ولواحق من نخيل وفسيل وصناء وماء وأرض وسماء ومجرى ومرمى وجميع المتعلقات الشرعية والعرفية واللغوية على العموم والإطلاق بثمن قدره وعده ماية محمدية وعشرون محمدية نصف ذلك عن الريب ستون محمدية من السالك في المعاملة بيعا صحيحا شرعيا مرعيا معتبرا مشتملا على أركان الصحة من إيجاب وقبول وقبض واقباض وإسقاط جميع الغبن والايمان والدعاوى والخيارات مطلقا فبذلك لم يبقى للبايع حق ولا مستحق ولا دعوى ولا جهالة ولا غرر بل صار ملكا للمشترى يتصرف فيه حيث شاء كتصرف الملاك في أملاكهم وذوى الحقوق في حقوقهم وجرى البيع باليوم الثاني شهر ربيع المولد سنة 1111 هجري وكتب شاهداً الأقل عبد الله بن محمد الستراوي عفي عنهما.
الشهود :
1-وقع ذلك بمحضر المقدس مرهون بن يوسف بن علي القروي الستراوي.
2-يشهد بذلك الأكرم عبد الله بن شعبان القروي الستراوي.
3-وقع ذلك بمحضر الأكرم درباس بن الحاجي علي القروي الستراوي وكتب عنه بأمره.
4-يشهد بذلك الأكرم علي بن إبراهيم القروي الستراوي وكتب عنه بأمره.
5-وذلك بمحضر الأكرم الحاجي أحمد بن الحاجى عبد الحسين القروي الستراوي.
6-وقع ذلك بمحضر الأكرم درويش بن عبد الله أبودبوس).
الوثيقة الثانية :
وهي وثيقة شراء نخل وصرمة في جزيرة النبي صالح من البحرين ، وهي مؤرخة بالثاني والعشرين من شهر شعبان سنة 1219هـ ، أي بعد دخول البحرين تحت سيطرة العتوب بنحو عشرين عاماً فقط. ونصها كالتالي:
(دل مضمون هذا الصك بغير مين ولاشك على انه قد باع صالح بن عبد العال الجزيري لقيامة مقام جمعة بن عذبي الجلهمي جناب أخيه عبد الله بن عبد العال لقيامة مقام محمد بن درباس العتبي تمام وكمال النخل المعلوم بينهما المعروف بستيان مع الصرمة التابعة له المسماة بابن جبر الكائنة بساحة الجزيرة من أعمال البحرين بجميع ماله من حدود وحقوق وتوابع ولواحق وضمايم وعلايق من نخيل وفسيل وصنا وماء وارض وسماء ومرمى ومجرى الماء وجميع المتعلقات وكافة المنسوبات على العموم والإطلاق بثمن قدره خمسة عشر ألف محمدية عبارة عن مائة وخمسين تومانا النصف سبعة آلاف محمدية وخمس مائة محمدية بيعا صحيحا صريحا شرعيا مرعيا معتبرا بتا بتلا لا ثنيا فيه ولا خيار فبموجبة ومقتضاه وصريحه وفحواه انه لم يبق لجمعة فيما بيع حق ولا مستحق ولا دعوى ولا طلب بوجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب بل هو ملك لمحمد بن درباس يتصرف فيه كيف أراد تصرف الملاك في أملاكهم وذوى الحقوق في حقوقهم وجرى ذلك في اليوم الثاني من شعبان سنة 1219 هجري التاسعة عشرة والمائتين والألف وكتب شاهدا به الأقل الجاني عبد العلي بن أحمد بن علي الجد علي البحراني.
الشهود :
1-حمد ابن راشد ابن ….. ؟ ….. العتبي.
2-الشيخ سلطان ابن سلامة ابن سيف العتبي.
3-يحيى ابن حمد ابن درع العتبي.
والله خير الشاهدين
4-وقع البيع بمحضري وأنا الأقل الجاني عبد الله حسين بن حسين بن محمد البحراني.
5-فمن يشهد بصحة ما رقم فقير ربه المدين عبد العلي بن أحمد بن عبد العلي آل عصفور عفي عنهم.
6-وقع ذلك كذلك بمحضري الأقل حسين بن حسن الحجري.
7-شهد بذلك حسين ابن عبد القاهر الحسيني الإصبعي.
_____________________________
1-يذكر أن القاضي أحمد بن حجر أرسل برسالة إلى الشيخ راشد بن فاضل يسأله فيها عن نسبه وعن قرابتهم مع آل بن علي ، فأجابه الشيخ راشد بجواب مسهب يدل على مدى براعته ودرايته بهذا الفن. راجع مقدمة المحقق لكتاب (مجموع الفضائل).
2-لعله قصد بالإيرانيين هنا عرب جنوب إيران المعروفين بـ(الهولة) ، إذ لو كان يقصد الفرس أو العجم لما قال بأنه لا تعرف لهم قبيلة.
3- كتاب مجموع الفضائل ص 70.
4-راجع التحفة النبهانية لمحمد بن خليفة النبهاني ، ص85
المدون: أحمد علي/ التراث البحراني