هذا الموضوع ملخص محاضرة قيمة جدا القاها الدكتور عيسى أمين رئيس جمعية تاريخ واثار البحرين في مقر الجمعية وقد حضرها الكثير من المهتمين الذين اشادوا بالمحاضرة ولذا ننقلها لكم وللباحثين حيث تحوي الكثير من المعلومات القيمة المتعلقة بهذه المرحلة.
منذ عام 1934م بدأ الخطاب الإصلاحي الشعبي في البحرين يأخذ شمولية أكبر، فلقد أصبح الهم الإصلاحي حديث المدينة والقرية ولم يكن الحديث آنذاك حديثاً مطالباً بحقوق طائفية أو فئوية بل حقوق وطنية شاملة، ومع حلول 1938م كان الخطاب الشعبي قد وجد امتداداً له في الإعلام العربي، فكانت المقالات في مجلات العرب مثل الناس في البصرة والمستقبل في بغداد والرابطة العربية والشباب في القاهرة والنهار وصوت الأحرار العربية في بيروت والعمل القومي في دمشق والبيان في نيويورك كانت كلها تضع في مقدمة مقالاتها المطالب الشعبية في البحرين والتي تتلخص في:
1. إنشاء مجلس تشريعي يتألف من 20 عضواً برئاسة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة.
2. جميع شئون البلاد من أحكام وبلديات وجمارك وأمن ومعارف تكون بيد المجلس.
3. المرجع الوحيد للمجلس الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة.
4. منع الأجانب من التدخل في شئون البحرين وتجريدهم من كل سلطة – نشر في 14 سبتمبر 1938م في جريدة الرابطة في القاهرة.
أعتقد بلجريف بأن أحد الأشخاص الآتية أسمائهم وراء هذه المقالة وهم منصور العريض – إبراهيم العريض – علي التاجر – محمد دويغر – محمد العلوي –
عبد الله الزايد أو محمد صالح الشيراوي.
في 27 أكتوبر 1938م يكتب المعتمد البريطاني في البحرين إلى المقيم السياسي في بوشهر ويقول أن أعضاء الحركة الإصلاحية هم محسن ومحمد التاجر و السيد سعيد بن السيد خلف و عبد علي العليوات ومنصور العريض والسيد أحمد العلوي والشيخ عبد الله بن محمد صالح وعلي بن خليفة الفاضل ومحمد الفاضل وخليل المؤيد.
رداً على هذه المطالب أعلنت الحكومة في 31 أكتوبر 1938م بأنها سوف تؤسس المحكمة الجعفرية والقضاة هم الشيخ باقر العصفور والشيخ علي بن حسن والشيخ محمد علي القاري.
في 3 نوفمبر 1938م زار كل من منصور العريض والسيد خلف محسن التاجر ومحمد التاجر بلجريف وطالبوا بإصلاحات في البلدية والتعليم ولم يتم ذكر أي شي عن المجلس التشريعي وكانت المطالب هنا طائفية مما أكد للمستشار نجاح الخطة (خطة التفرقة) إلا أن هذا الإجراء لم يوقف المطالبين بالإصلاح، ففي نوفمبر 1938م أعتقل سعد الشملان وأحمد الشيراوي بتهمة تحريض العمال على الإضراب وبعد نجاح الإضراب أعتقل خليفة الفاضل وإبراهيم كمال، وقبل نهاية العام تم تداول منشورات موقعة بأسم شباب الأمة تطالب بالإفراج عن المعتقلين.
تدارك الرواد الأوائل للحركة الإصلاحية (هدف السلطة) فقاموا في 12 نوفمبر بتقديم وثيقة مشتركة تم التوقيع عليها من قبل يوسف فخرو – السيد سعيد السيد خلف – منصور العريض – محسن التاجر وعيسى بن صالح، وطلبوا في هذه المرة من الحاكم الشيخ حمد:
1- تشكيل مجلس للمعارف من 8 أعضاء
2- إصلاح المحاكم دون تقسيم طائفي
3- إصلاح البلديات
4- نقابة للعمال
5- ومجلس من 6 أعضاء لتمثيل الأهالي لدى الحكومة
نلاحظ هنا التنازل عن المجلس التشريعي مرة أخرى والتركيز على خمسة مطالب إصلاحية الهدف منها خدمة كافة المواطنين، بعد خمسة أيام فقط، في 17 نوفمبر 1938م قام كل وجهاء الحد بتقديم رسالة إلى الحاكم ينكرون فيها أي علم بالرسالة الأولى بل ويرفضون المطالب ولا يطلبون أي تغيير، هذه الرسالة الأخيرة كانت في حقيقتها جهود مضادة لحركة الشباب ومطالبها.
كان تعليق المقيم السياسي في بوشهر إلى المعتمد في البحرين في نوفمبر 1938م بأن " أي تنازل تحصل عليه الحركة الوطنية في البحرين سوف يعتبر نجاحاً ليس على حكومة البحرين بل علينا نحن".
كما نلاحظ في قراءتنا للحركة الإصلاحية أنه ومنذ البداية كانت هناك مجموعة وطنية من الطائفتين لها مطالب إصلاحية شاملة تقابلها مجموعة أخرى ترفض هذه المطالب وتؤكد للسلطة بأن موقفها معها، أما الطرف الثالث فهو خطاب المقيم والذي يبدوا منه تراجع الإنجليز عن خطاب الإصلاح الذي نادوا به من بداية القرن الماضي سواء من قبل اللورد كرزون أو المعتمد هارولد ولسون أو المعتمد ديلي.
ويقترح المقيم أن يقوم الحاكم بتعيين مجلس شورى أو استشاري، في نهاية خطابه يتدارك المقيم بأن موقفه المذكور سوف يجعل من بريطانيا في الطرف المعادي للحركة الوطنية والتي يجب إعطاء ممثليها الشعور بالصداقة واعتبار الانجليز مرجع لهم كما حصل في أعوام الهيئة 1954م – 1956م.
أما الموقف الرسمي والذي وافق عليه المعتمد البريطاني وبلجريف فهو رفض مثل هذا المجلس.
أرجوا أن نلاحظ بأن وفي نفس الفترة الزمنية كانت هناك حركة إصلاحية في الكويت وأخرى في دبي وعلى علم واتصال مع الحركة الإصلاحية في البحرين والتي كانت نتائجها تشكيل مجلس تنفيذي برئاسة عبد الله السالم الصباح الذي لم يسمح له بوضع دستور وتم تعيين مجلس استشاري بدل منه.
وهناك تقارب شبه كامل بين مطالب حركة الكويت وحركة دبي مع مطالب الحركة الإصلاحية في البحرين.
وفي مراجعة سريعة للسنوات الواقعة بين 1938م و 1954 نجد أن المطالب الوطنية لم تهدأ وخاصة في أوساط العمال والمثقفين والمنتمين إلى التيار القومي العربي هذا إلى جانب محاولات البعض استمالة إيران لاحتلال البحرين وإشاعات عن توجه الحزب الشيوعي في إيران لتأسيس حزب مماثل في البحرين من خلال إرسال قياديين من الحزب إليها مثل علي أكبر باقر زاده وإسماعيل كاظمي.
بين هذه الآراء المتباينة والتوجهات السياسية كانت البحرين على موعد مع أحداث طائفية اختلفت الروايات (وليست الوثائق) في سرد مسبباتها ففي كل رواية موقف ملتزم أما بخطاب طائفي أو بآخر وطني مع إنكار السلطة بأنها كان لها دور في تلك الأحداث.
في 20 سبتمبر 1953م العاشر من محرم حدثت مناوشات أثناء مرور المواكب (مواكب العزاء) في الصباح تلاها أحداث في السوق في 21 سبتمبر وفي المساء هجوم بالأسلحة النارية من جهة البحر على قرية عراد.
أعلن بعدها الحاكم منع التجول ومنع التجمعات.
نعود إلى الأقطاب الرئيسية وموقف كل منها مع أول بادرة للأحداث السياسية المرتقبة في البحرين.
في 13 أكتوبر 1953م وفي رسالة سرية يكتب المقيم السياسي ب أ ب بوروز رسالة إلى أنتوني ايدن وزير الخارجية في لندن في هذه الرسالة في الفقرة الثانية يقترح المقيم الحل الأمني وذلك بالاتفاق مع المستشار بلجريف بتقوية الشرطة وتدريبها بصورة أفضل وفي الفقرة الثالثة تُتهم جهات أجنبية شرق أوسطية والتي تعمل من خلال الصحافة والراديو على أحداث الفوضى.
نلاحظ أن الحل الأمني واتهام الجهات الأجنبية كانا ومنذ البداية الحل الجاهز من قبل السلطة والوجود البريطاني لأية مطالب إصلاحية أو أحداث سياسية.
شُكلت لجنة حكومية لتقديم تقرير عن الأحداث ولم تذكر المصادر البريطانية أية نتائج أو تقارير بهذا الخصوص ولكنها تؤكد أن الصحافة المحلية منعت من ذكر هذه الحوادث.
كان بلجريف متهماً رئيسياً في فترات لاحقة بأنه كان وراء هذه الحادثة بينما تذكر المصادر السرية بأن المستشار أجتمع مع وجهاء الطائفتين في 21 سبتمبر " للذهاب إلى القرى والبلدات لتهدئة المواطنين " الأمر الذي استغله البعض وصرح بأنه بديل للسلطة التي فقدت السيطرة على البلاد.
هذا ما ذكرته التقارير الأولية عن أحداث العاشر من محرم 1953م وبعيون راصدة للوضع يتابع الإنجليز كتابة التقارير السرية.
ففي رسالة سرية أخرى من المقيم السياسي إلى انتوني ايدن وزير الخارجية في يونيو 1954م يذكر فيها أن هناك حركة وطنية تجمع بين الطائفتين سوف يقوم الممثلين عنها بالتقدم بمطالب إصلاحية وإنهم في حقيقتهم ليسوا من المواطنين أو الوجهاء المحترمين وأنهم سوف يتقدمون بمطالب لا يعتقد المقيم بأن الهدف منها التوافق الوطني بين الطائفتين وأن الحل الأفضل هو نزع المبادرة منهم إذا ما قام الحاكم بتأسيس لجنة يكون الهدف منها دراسة الأسباب التي أدت إلى الكراهية القائمة، الحكومة من طرفها رفضت هذه الفكرة التي يقول عنها المقيم في الفقرة الثامنة " أنه من الطبيعي من طرفنا أن الاقتراح المقدم سوف يكون من الأفضل إذا ما جاء من المواطنين الذين يتحدثون الآن عن الديمقراطية هؤلاء إذا ما أعطوا الفرصة فإن الوضع سيكون أفضل في البحرين ".
لغاية الآن يبدو أن السلطة لا تفاوض ولا تعترف وترى الحل الأمني سبيلاً أفضل، بلجريف في جانب السلطة والإنجليز يدركون ما قد يؤدي إليه الحراك السياسي وخاصة إذا جاء في صورة اتحاد أو وحدة وطنية تصبح فيها المواجهة بين قطبين وعلى الإنجليز اختيار الوقوف إلى جانب أحدهما دون الآخر.
يبدو أن القرار لم يكن في يد الإنجليز بقدر ما كانت الأحداث تتطلب منهم تغيير المواقف بصورة متكررة استجابة لما يطرأ على الأرض من متغيرات وهذا الوضع يبدو واضحاً من البرقية السرية التي أرسلها المقيم السياسي للخارجية البريطانية.
في أول يوليو 1954م والتي يذكر فيها أحداث القلعة (نذكر الحادث) وكما يذكر فإن القتلى اخذوا إلى بيت الدولة (دار الاعتماد) وطالبوا الحماية في حين كان المعتمد مع الحاكم في الرفاع يطلب منه إدخال الإصلاح في النظام القضائي في حين أن المتظاهرين لدى دار الاعتماد كانوا يطالبوا بالحماية البريطانية وتسريح الشرطة والقبول بالجيش البريطاني بديل عنهم.
بالمقابل كان الإنجليز يطالبون بإصلاح نظام القضاء مع تعيين مستشار قضائي وتعيين ضابط شرطة إنجليزي خبير وتقوية جهاز الشرطة.
في الطرف الثالث وزعت منشورات في 8 يوليو تحدد مطالب شعب البحرين:
1. تشكيل مجلس استشاري
2. لجنة قانونية للتشريع القانوني
3. إصلاح المحاكم
4. انتخاب مجالس بلدية وصحة وتعليم
5. إصلاح الشرطة
6. تعويضات لضحايا الأحداث من 10 محرم 1953م
7. معاقبة المسئولين عن حادثة القلعة
قبل ذلك بيوم 7 يوليو اجتمعت مجموعات كبيرة في الرفاع تطالب بالتسليح وبإرسالهم إلى المنامة لفتح الأسواق المغلقة بالقوة ومواجهة المطالبين بما جاء في المنشورات بالسلاح.
نتيجة لأحداث القلعة شكلت لجنة لتقصي الحقائق لأحداث القلعة أشارت في نهاية تقريرها بأنه لولا طلقات مسدس من الأهالي في اتجاه القلعة لما أطلقت الشرطة الرصاص على المتظاهرين وأن الشرطة تصرفت حسب الوضع آنذاك ومع ذلك المطلوب تدريبهم للتعامل مع المظاهرات واستبدال البنادق بأسلحة أخرى أقل ضرر على المتظاهرين.
كان تقرير لجنة الحقائق واجتماع الرفاع من قبل المطالبين بالسلاح عملية تحديد مواقف وتأكيد التزام كل طرف واختيار موقعه من الأحداث وخاصة إذا علمنا بأنه في 3 يوليو تقدمت مجموعة من أهالي البحرين إلى الحاكم بالمطالب التي جاءت في منشورات 8 يوليو إلى جانب فقرة جديدة لم تذكر في المنشور وهي العفو العام عن المسجونين والمبعدين.
كان موقف المعتمد السياسي من هذه المطالب: (نسخة إلى المستشار والمقيم) إقناع الحاكم بإصلاح الشرطة والمحاكم ورفض المجلس الاستشاري أو أية انتخابات ما عدا البلدية.
نتيجة لهذه الأحداث المتتالية والتي كان من الممكن أن تأخذ منحى طائفي بحت وأن ينقسم الشعب إلى معارض يطالب حماية الإنجليز ومؤيد يطالب بالسلاح ومتردد بين الأمرين إلى جانب عدم وضوح الموقف البريطاني الحقيقي من المطالب الشعبية واتجاه السلطة بالحل الأمني أو أحياناً الوسطي في الاستجابة للمطالب الإصلاحية.
في هذه الأجواء التي تكاد تشبه واقعنا الحالي يرسل المعتمد السياسي في البحرين إلى المقيم السياسي مذكرة سرية في 25 أكتوبر 1954م يذكر فيها:
الفقرة السابعة:
يقول المقيم لا أعلم من وراء الدعوة الدستورية ولكن أعلم أن هناك اجتماع في أربعينية الحسين في مسجد مؤمن وفيه ألقيت خطب عن الإصلاح.
الفقرة الثامنة:
لقد عقد اجتماع كبير في المسجد (مسجد العيد) وتحدث فيه شخصيات من كلا الطائفتين واذكر الشاعر عبد الرحمن المعاودة – محمود المردي موظف في البنك البريطاني في الخبر والذي تحدث عن المجلس التشريعي عبد العزيز الشملان موظف في البنك البريطاني والذي تحدث عن الصحة والمحاكم وعبد الرحمن الباكر الذي تحدث عن جبهة أو مجموعة مواجهة في طور التكوين، هذه أول مرة تذكر أسماء مؤسسي الهيئة في رسائل سرية.
الفقرة التاسعة:
سوف تقوم الجماهير باختيار مائة مؤسس ثم هؤلاء يختارون خمسون أعضاء في الهيئة التنفيذية وسوف تختار الهيئة ثمانية يمثلونها ويتقدمون للحاكم بالطلبات الإصلاحية والذي إذا ما تم رفضها سوف يتوجهون للقاهرة لتعيين وكيل أو محامي يصيغ طلباتهم ليتم تقديمها في لندن بواسطة أحد الأعضاء وفي بيان للهيئة التنفيذية العليا أبلغت المواطنين بأن أسماء أعضاء الهيئة سوف تبقى سرية بينما يكون الثمانية الممثلين هم المعروفين.
الفقرة 11:
يذكر المقيم في الفقرة الحادية عشرة بأن الشيخ سلمان رافض كلياً للمطالب المذكورة والمقدمة من طرف الهيئة التنفيذية العليا.
الفقرة الثالثة عشرة:
يحدد المقيم موقف بريطانيا كما يتصوره بأن المعارضة قد أثبتت عدالة مطالبها في إصلاح القضاء ولكن هناك رفض من قبل السلطة لأية حركة أو مقترحات دستورية.
الفقرة الرابعة عشرة:
يذكر المقيم بأن بلجريف لا يعتقد بأن الزعماء في هذه الحركة لهم أية قوة لأنهم (أكياس هواء صحفية) ومع ذلك فإنهم وحدهم يملكون اليوم الخطاب الديمقراطي والذي يلاقي التأييد من قبل الواعين من شعب البحرين.
كانت هذه المذكرة السرية وما جاء فيها ناتج بحث مع العديد من الأشخاص الذين لهم علاقة مباشرة مع دار الاعتماد والمقيم السياسي وتعبير عن قلق بريطاني ناتج عن نجاح أول إضراب عام للسيارات في 25 سبتمبر 1954م، كان الإضراب سببه الضرائب وأنظمة التأمين، واختيار أصحاب السيارات منصور العريض ويوسف أنجنير لينقلوا للمستشار مطالبهم والتي تحقق البعض منها مثل تأمين الطرف الثالث وإنشاء صندوق تعاوني.
في 28 أكتوبر 1954م، تقدم الأعضاء الممثلين للهيئة التنفيذية وهم:
السيد علي السيد إبراهيم – عبد الرحمن الباكر – عبد علي العليوات – إبراهيم بن موسى – عبد العزيز الشملان – الحاج عبد الله أبو ديب – إبراهيم محمد حسن فخرو.
إلى الشيخ سلمان حاكم البحرين بالمطالب التالية:
بعد المقدمة التاريخية والتي تذكر ربع قرن من المطالب الإصلاحية:
1. تأسيس مجلس تشريعي
2. إصلاح القضاء والقانون المدني والجنائي
3. السماح بالنقابات
4. تأسيس محكمة استئناف
مؤكدين بأن هذه المطالب ليس القصد منها التعدي على سلطة الحاكم أو العائلة الحاكمة إنها بداية لمسيرة العدل والمساواة والديمقراطية التي يتمتع بها مواطن الأوطان الحرة.
في التاسع من نوفمبر جاء رد الحكومة بعدم التفكير في المجلس التشريعي ولكن بالمقابل سوف تقوم الحكومة في إجراء الإصلاحات في نفس الوقت ركز الإنجليز في اجتماعهم مع الشيخ سلمان على أهمية تقوية الإعلام الحكومي ونشر إنجازات الحكومة إلى جانب إصلاح وتطوير جهاز الأمن.
واقترح المقيم في رسالته السرية المؤرخة في 1 ديسمبر 1954م بأنه وحسب توجيهات حكومة صاحبة الجلالة لابد من تعيين لجنة من قبل الحاكم تقوم بمقابلة المواطنين لجمع معلومات عن ما يقوله المواطن، وأن حكومة صاحبة الجلالة سوف تدعم هذا التوجه بالشكل الكامل.
وحاول المقيم في لقاء مع عبد الرحمن الباكر والسيد علي في 2 ديسمبر 1954م إقناع أعضاء الهيئة بالتحاور مع اللجنة المعينة من قبل الحاكم، طلب كل من
عبد الرحمن الباكر والسيد علي، ضمان حيادية اللجنة أو أن يُعين ثلاثة من المواطنين وتقترح حكومة صاحبة الجلالة أسماء ثلاثة آخرين مع التأكيد بأن مطالب الهيئة سلمية، ولا تتهاون مع أي تطرف، وأعلنت الإضراب العام من أجل الاستجابة لمطالبها، وشكرت المواطنين والأجانب في بيانها المؤرخ في 4 ديسمبر للتعاون والتعاطف من أجل القضية الوطنية.
في 11 ديسمبر 1954م أعلنت الحكومة اللجنة المقترحة من قبل الإنجليز وكانت عضويتها تتألف من 3 من العائلة الحاكمة – مدير الجمارك – واثنان من المواطنين فقط.
بطبيعة الحال رفضت الهيئة التعاون مع هذه اللجنة: (الشيخ عبد الله بن عيسى – الشيخ مبارك بن حمد – الشيخ إبراهيم بن محمد – أحمد يوسف فخرو وسالم العريض ومستر سميث).
(صلاحيات هيئة التحقيق: ص94) صورة – في القرص عرض على الشاشة.
في عام 1955م ونتيجة لإصرار الهيئة على مطالبها أصبح من الممكن إنجاز قانون العمل بمشاركة الهيئة وفي نفس العام في مارس كتبت الهيئة رسالة إلى سكرتير الخارجية في حكومة بريطانيا مؤكدة الإصرار على مطالبها وجاء الرد أن على الهيئة التعاون مع الحكومة.
في سبتمبر 1955م التقى الحاكم بصورة شخصية واستثنائية مع أعضاء من الهيئة وتمت الموافقة على تشكيل 3 لجان نصف أعضائها منتخب والنصف الآخر معين للإشراف على التعليم والصحة والبلديات.
في نفس العام حددت حكومة بريطانيا في مذكرتها السرية في 25 يناير 1955م الصادرة من الخارجية بأن حكومة بريطانيا ترغب في أن تأخذ حكومة البحرين موضوع مطالب الهيئة بالتأني خوفاً من ازدياد المعارضة وأن لا يكون موضوع إنهاء الهيئة موضوع نقاش في الوقت الحالي.
في 9 فبراير 1955م أصيبت الهيئة بالقلق من وجود احتمالات العنف وعدم السيطرة على الوضع فأرسلت مذكرة موقعة من قبل ثمانية أعضاء إلى الشيخ سلمان للنظر في المطالب السابقة قبل تدهور الأوضاع:
السيد علي السيد إبراهيم – محسن التاجر – إبراهيم بن موسى – عبد الله
أبو ديب – إبراهيم فخرو – عبد علي العليوات – عبد العزيز الشملان –
عبد الرحمن الباكر.
ص: 120 – 121 – 122 – 123 – 124 – 125 (عرض)
صورة من الرسالة التي أرسلت في نفس الوقت إلى سكرتير الخارجية انتوني ايدن في البحرين وهو في طريقه إلى كراتشي وبانكوك.
موقف بريطانيا من المذكرة:
" اجتماع سكرتير الخارجية مع الحاكم في قصر الشيخ عبد الله في المحرق
21 فبراير 1955م أكد فيه دعم حكومة صاحبة الجلالة لحكومة البحرين وأخذ القرارات المناسبة في هذا الشأن حسب تطور الظروف ولكن في نفس الوقت لا يمكن إهمال الوضع الخاص في البحرين والتي لدى مواطنيها الوعي الكامل بحقوقهم".
في 5 مارس 1955م يؤكد المقيم أهمية السماح لصحافة حرة في البحرين وإبقاء الجريدة الرسمية الناطقة باسم الحكومة وأنه من المفروض تعيين واحد أو اثنان من الهيئة أعضاء في الحكومة المذكورة سابقاً وأن تكون هناك طاولة حوار والإصرار على إصدار قانون العمل.
وأن تكون هناك استقلالية جزئية للمجالس البلدية ولابد أن تنشر الحكومة تقارير لجنة الحكومة من الصحة والتعليم حتى ولو كانت فيها تجاوزات ومخالفات، ولكن يجب أن نكون متيقظين لأية عناصر متطرفة والتي سوف تلجأ للعنف من أجل تحقيق أهدافها لأنه إذا ما قامت بذلك سوف تفقد تعاطفنا".
وجاء جواب سكرتير الخارجية في 21 فبراير على رسالة الهيئة ونختصر كما يلي: شرح كامل لإنجازات الحكومة في البلدية والصحة والشرطة وعدم التقدم في المشاركة الأهلية في المجالس التشريعية والتي لابد من وجود تمثيل أهلي فيها ولوم الهيئة في نفس الوقت بصفتها مجموعة ليس لديها أية صفة دستورية أو قانونية وطلب منهم أن يتعلموا المشي قبل الجري وأن يبتعدوا عن العنف لأنهم سوف يفقدون تعاطف حكومة بريطانيا "
في فبراير صدر قانون العمل واقترحت الحكومة تشكيل لجنة العمل وهي كما يلي: اثنان من العائلة الحاكمة – موظف إنجليزي – موظف أمريكي أو بريطاني من شركة النفط عضو من أكبر شركة مقاولات أو أحد التجار ممثل عن عمال بابكو وممثل من عمال الحكومة وعضو واحد فقط تختاره الحكومة من بين أربعة أسماء تقدمها الهيئة ".
" في 22 مارس 1955م قام المقيم بتقديم رد وزير الخارجية انتوني ايدن البريطاني إلى عبد الرحمن الباكر بعد قراءة المحتوى أعلن الباكر في هذا اللقاء أن الهيئة سلمية وأنها تتبع أسلوب غاندي في (SATYAGRAHA) المطالبة بحقوق المواطنين ".
29 مارس 1955م رد الهيئة التنفيذية على رسالة أيدن 148 – 149 – 157 والتي تعبر عن خيبة أمل في موقف حكومة صاحبة الجلالة.
بعد هذه الرسائل بدأت بعض المنشورات تظهر مرة بأسم اتحاد شباب البحرين والمناضلين من أجل الحرية وكلها بوادر تطرف في الشارع البحريني.
في 10 سبتمبر 1955م (ص175) أرسلت الهيئة مذكرة إلى الحاكم تطالبه مرة أخرى بالإصلاح وكما تذكر المصادر البريطانية كان شرط الحاكم التخلي عن المطالبة بالمجلس التشريعي.
في 24 سبتمبر رسالة أخرى إلى الحاكم ص178
بلاغ رقم 27 ص181
بداية الأعمال التخريبية والعنف وموقف الهيئة:
كانت هذه الأعمال عبارة عن رد فعل للعرائض الموقعة من قبل أعداد كبيرة من التجار يؤيدون فيها الحكومة ويرفضون الاعتراف بالهيئة وكما يعلق الإنجليز كانت التوقيعات مدفوعة الأجر.
" في 19 سبتمبر 1955م في رسالة سرية من المعتمد يؤكد فيها أن المواجهة مع الهيئة باتت قريبة وأن الحكومة لابد من إثبات سلطتها وأن على الإنجليز الاستعداد واستدعاء مدمرة للمياه البحرينية ".
" في 26 سبتمبر 1955م وافق الشيخ سلمان في مقابلة اثنان من الهيئة تقدموا له بالمطالب على أمل استمالتهم في عملية اختراق لم تنجح ".
في 7 أكتوبر 1955م دعت الهيئة إلى اجتماع جماهيري تحدث فيه إبراهيم الخياط – عبد الرحمن المعاودة – تقي البحارنة – الشملان – الباكر، أعلن في هذا الاجتماع موافقة الحكومة على مقترح الهيئة لتشكيل المجالس الآتية: الصحة – التعليم – البلديات – والإعداد للقانون القضائي والجنائي.
ص 192 إعلان الحكومة – تشكيل اللجان
ص 194 إعلان الحكومة – عمل اللجان
في 28 نوفمبر 1955م في مذكرة سرية يذكر المقيم بأن هناك تأثير مصري واضح على الهيئة بعد عودة الشملان من القاهرة.
" في مارس 1956م أصبح موقف الإنجليز وبلجريف والحكومة موحداً ولذلك تم وضع خطة لاعتقال أعضاء الهيئة بتهمة التحريض على العنف (برقية سرية دار الاعتماد ورئاسة الخليج تؤكد موقف الإنجليز وبلجريف والحكومة وإنها مسألة وقت، إذ أنه من المتوقع حسب حديث بلجريف أن أحداث تخريب وعنف سوف تحصل في المستقبل القريب وعليه فإن على الحكومة أن تتحرك آنذاك "
أما الإنجليز فقد طلبوا من الحكومة في بريطانيا إمكانية إرسال قوات بريطانية في حال قرار اعتقال أعضاء الهيئة في مناورة جديدة تصرح الحكومة موافقتها في الاعتراف بالهيئة إذا ما غيرت اسمها من هيئة تنفيذية إلى مسمى آخر (هيئة الاتحاد الوطني) ويصر الإنجليز بأن اتهام الهيئة بأحداث الثاني من مارس 1956م ليس مبني على حقائق على الأرض.
ولذا لابد وأن تكون هناك مواجهة جديدة تعطي الإنجليز والسلطة المبرر الكامل للتدخل.
في 12 مارس 1956م حدثت حادثة البلدية ( خمسة قتلي وستة مجروحين جروح خطيرة).
تلا ذلك إضراب لم تدعوا إليه الهيئة بل إنها وافقت الحكومة على الإعلان على إنهاء العنف والإضراب.
ماذا عن حوادث مارس:
" في 2 مارس 1956م حادثة سلوين لويد مع المقيم السياسي حفل عشاء في القصر الجديد وبعدها دار المقيم وثم المطار أربع ساعات تأخير إلى نيودلهي ".
في 5 مارس 1956م وصلت إلى البحرين أول شحنة مسيل الدموع.
في 21 مارس 1956م أعلنت الحكومة عن تأسيس المجلس الإداري بعضوية كل من: الشيخ عبد الله بن عيسى – الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة – الشيخ دعيج بن حمد – الشيخ خالد بن محمد بن عبد الله – السيد سميث – السيد أحمد العمران – السيد سالم العريض – السيد يوسف الشيراوي.
يعتبر هذا المجلس بديلاً عن الهيئة والمطلوب منه النظر في طلبات المواطنين.
" في 16 مارس كان بلجريف قد أصدر إعلان أعلن فيه عن اعتراف الحكومة بهيئة الاتحاد الوطني ويعلن موافقة الحكومة على تشكيل لجان أهلية لتقديم المقترحات للحكومة – على أن تتم موافقة الحكومة على تشكيل هذه اللجان والغرض منها أولاً ".
في تشكيل المجلس الإداري وطلب تشكيل اللجان الشعبية سحبت الحكومة المبادرة من هيئة الاتحاد الوطني والتي سوف تفرض عليها العزلة حتى نهايتها وفي وجود انتوني ايدن رئيساً للوزراء في لندن 1955م – 1957م وسلوين لويد وزيراً للخارجية سوف تتغير مواقف بريطانيا من الهيئة في فترة لاحقة.
في 13 مارس 1956م تؤكد الوثائق البريطانية وجود نية لدى الحكومة في اعتقال أعضاء الهيئة ونية بإنزال قوات بريطانية من قبل الإنجليز، كان ذلك شعور لدى الإنجليز بعد إن كانت لدى الحكومة نية إصدار إعلان تمنع فيه المظاهرات أو الإضرابات العمالية وسوف يكون الاعتقال عقاب المخالفين".
" في 15 مايو 1956م التقى الشيخ سلمان مع أربعة من أعضاء الهيئة وفي هذا الاجتماع تمت الموافقة على تشكيل مجالس للدوائر الحكومية (أربعة تعيين وأربعة انتخاب دون وجود أعضاء من الأسرة الحاكمة ".
في 13 يوليو 1956م
أرسلت الخارجية البريطانية برقية سرية إلى المقيم في البحرين تطلب فيه أن يخبر الحاكم بأن في لقاؤه مع أعضاء الهيئة بأنه لن يقبل بأي إضراب في المستقبل وأنه لن يعلن عن رغبته في تقاعد بلجريف أو إنهاء خدماته وأنه يصر على بقاء المجلس الإداري – وبالفعل أدرك الشيخ سلمان بأن ذلك يعني وقوف الإنجليز إلى جانبه الآن وطلب ترجمة التعليمات باللغة العربية لكي يبلغها لأعضاء هيئة الاتحاد الوطني.
في 9 سبتمبر 1956م في مذكرة سرية يذكر المقيم السياسي بأن الإنجليز لا يستطيعون التعاطف مع مطالب الهيئة، وأنهم برغم قيامهم بدور الوسيط في عدة مناسبات إلا أنهم الآن أصبحوا يطالبون التجار وأفراد الطبقة الوسطى في الوقوف في وجه مطالب الهيئة في حين أن دار المقيم تعتقد بأن الوضع القائم سوف يؤدي إلى مواجهة بين الهيئة والحكومة التي ربما تستدعي تدخل الإنجليز.
في 29 سبتمبر 1956م
صدر إعلان الحكومة منع المظاهرات والإضراب مع غرامات بين 3000 إلى 5000 روبية أو السجن 3 سنوات أو أكثر في حال عدم سماح الحكومة بذلك.
في بداية ديسمبر 1956م
أعلن الحاكم بأن الظروف في البحرين لا تسمح بانتخابات المجالس لذا قرر أن يقوم بتعيين أعضاء هذه المجالس وكانت المجالس المعينة للبلديات – التجارة – الغوص – القاصرين – الأوقاف – الزراعة والماء، مع تثبيت المجلس الإداري المعين سابقاً وتأكيد تعين مجلس الصحة وتعين مجلس التعليم لاحقاً.
في 26 يوليو 1956م
أعلن جمال عبد الناصر تأمين قناة السويس (كلمة السر – ديلسبس) 13 مرة في الخطابات في الإسكندرية وذلك بعد انسحاب البريطانيين في يونيو 1956م من منطقة القنال.
بعد اتفاق بن جوريون وموشي ديان وإسحاق بيريز مع أنتوني إيدن وسلوين لويد وبينو وموليه في 29 أكتوبر قاد أريل شارون المضلين الإسرائيليين إلى سيناء للزحف على منطقة القنال وبدء العدوان الثلاثي.
في 2 نوفمبر وبموافقة الحكومة خرجت جماهير البحرين بقيادة هيئة الاتحاد الوطني في مظاهرة احتجاج على العدوان الثلاثي في هذه المظاهرة حصلت أعمال حرق وشغب وتكسير مما أدى إلى اعتقال أعضاء الهيئة.
كان هذا القرار قد أتخذ بمساعدة ومساندة بريطانيا وحكومة صاحبة الجلالة، فالحكومة المهزومة في السويس لا يمكن أن تسمح بأي تغيير في شرق منطقة السويس أو أن يعطي أي شخص الفرصة للنيل من هيبتها وخاصة إنها كانت تخطط في إنشاء ناتواسيوي من بغداد والأردن وباكستان وإيران وتركيا كمشروع سياسي عسكري للوقوف أمام المد القوي العربي والتوجه السوفيتي في المنطقة.
ص 306 – 307 – 308 – 309 نهاية الهيئة.
1) عدم وجود تنظيم خطب حماسية وتحريك للشارع وعدم وجود كوادر.
2) الاعتقاد بأن الإنجليز سوف يقفون معهم.
3) عدم فتح قنوات حوار مع المعارضين.
4) الاعتماد على مصر في أشكال مختلفة من التوجيه.
5) الإضرابات المتواصلة والمرهقة.
6) عدم إدراك خطة الحكومة وطول النفس.
7) تحول الحركة السلمية إلى حركة عنيفة.
8) تغيير الخطاب الوطني إلى خطاب قومي عربي.
9) عدم إدراك العزلة المفروضة على الهيئة.
10) عدم وجود العنصر البديل في حال غياب الهيئة.
ــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: محاضرة للدكتور عيسى أمين رئيس جمعية تاريخ واثار البحرين