" لشراچ ، لشراك احتفالية سادت ثمّٓ بادت

P1010128" لشراچ ، لشراك احتفالية سادت ثمّٓ بادت "

كلمة مشتقة من المشاركة والتشارك لتوفير مستلزمات غداء يومي " لشراچ " من قبل (الوليدات) والنساء والذي يصادف مرور أسبوع على ولادة  الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (ع) الذي يوافق العشرين من شهر جمادى الآخرة .
وقد يسأل سائل لماذا لم يكن يُحتفل بالشراچ

يوم المولد المبارك لفاطمة الزهراء (ع)؟ والجواب أولا: لأن أكثر النسوة يصمن يوم المولد الشريف وثانياً : لامتداد الاحتفال النسائي بالمولد قرابة اﻷسبوع والذي يطلق عليه " المياليد " وهذا الاحتفال متنقل   كل يوم في بيت ، فلكل (ملاية) عدد من البيوت تقرأ فيها " العزية " في الصباح تكون في المركز " الحسينية " و في العصر تكون في البيوت ، ولذلك تم اختيار هذين التاريخين ٢٧ ، ٢٨ من جمادى الآخرة للاحتفال (بالشرا ج) .
لشراچ عادة قديمه عرفها المجتمع النسائي في البحرين عمرها مئات السنين لانستطيع تحديد بداياتها بصوره دقيقة ، توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل ، تحمل في طياتها الحب الأصيل الذي يكنه أهل البحرين الأصلاء لأهل البيت (ع) وخاصة لسيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (ع) .
لم يكن اختيار الجدات والأمهات هذا الشهر للاحتفال فيه عبثاً ، إنه اختيار موفق ، كيف لا؟ ففيه مولد النور ، مولد الطهر ، مولد الصديقة الكبرى ، نبع الخير والبركة ، إنها الكوثر ، هدية السماء لأهل الأرض ، أم أبيها وبضعته وقلبه الذي بين جنبيه صاحبة الشفاعة الكبرى يوم القيامة أم الأئمة الأطهار (ع) ، التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها – صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها .
لشراچ كلمة كنا نسمعها ونحن صغار فتخفق لها قلوبنا شوقاً وتطلعاً لذلك اليوم ، حركة للنساء غير اعتيادية ، البيوت تتحول إلى خلايا نحل ، فهناك من النساء من يقمن بتنقية الرز (العيش) من (الشلب والسبوس ) – فعيش تلك الأيام ليس كهذه الأيام من ناحية النظافة .
وترى أعداد الدجاج متجمعة أمام المرأة التي تنقي العيش طمعاً في الحصول على الشلب والسبوس والشلب هو حب العيش الذي لم تنفصل عنه قشرته الذهبية أثناء الدرس ،وهناك مثل مرتبط بكلمة السبوس والدجاج وهو : " تموت لدياية وعيونها في السبوس " والسبوس عبارة عن عفن يتكون في أكياس العيش نتيجة سوء التخزين وهو على شكل خيوط قطنية تتشابك فيها حبات العيش .ويضرب المثل للشخص الطماع الذي ﻻيشبع حتی وملك الموت ياخد روحه ﻻزالت عيناه متعلقتين بما في أيدي اﻵخرين  مهما كان تافها .
وهناك من النساء من يفرمن البصل وأخريات يجهزن  الربيان والماش وهناك من يقمن بتجهيز القدور … وهكذا .
حركة تجعل الأطفال يعيشون حالة من الفرح والسرور والترقب لوقت (النچاب) فالغداء اليوم مختلف إنه الطبخة الملازمة ليوم لشراچ الطبخة التي لا تتغير " مربين ، موّٓش " لقد ملَّ من الروتين " مكلي مرك ، مرك مكلي " باللهجة الديرية الأصيلة " مقلي ، مرق " بالعربية الفصحى .
لقد تم توزيع اﻻحتفال بالشراچ على يومين اليوم الأول ويوافق ٢٧ من جمادى الآخرة ويسمى " شراچ لوليدات " وهم الأطفال الذين يتعلمون القرآن عند إحدى المعلمات .
واليوم الثاني ويوافق ٢٨ من جمادى الآخرة ويسمى " شراچ لكبار "

شراچ لوليدات :
قبل يوم لشراچ تطلب المعلمة من " لوليدات " إحضار مستلزمات الغداء متمثلة فيما يلي :
عيش – بصل – ملح – بهارات – كأسين من الدهن، الأول يتم إحضاره صباح يوم " لشراچ " من أجل الطبخ والثاني عند الغداء من أجل الدهان – صحن تمر أو رطب – حسب الموسم  – لوقت الغداء وبعد الغداء توضع كمية من العيش في الصحن وتحملها البنت أو الولد للأسرة كبركة – مبلغ بسيط من المال ربما ربية أو أقل أو أكثر   من أجل شراء الربيان والماش من قبل المعلمة . بعض المعلمات يشترين كمية من الحلويات من هذا المبلغ ويتم توزيعها علی لوليدات .    -   بعض الحطب للطبخ  . و على ذكر الحطب، فقبل ظهور وسائل الطبخ الحديثة كان للحطب دولة وصولة وجولة فهو الوسيلة الوحيدة للطبخ وكان له ركن خاص في المطابخ ولكل قطعة حطب قيمة ومكانة ودور حسب نوع الحطب وحجمه .
فهناك " الصَّلب " الغضا "  ويجلب من عمان و من إيران ومن بعض الدول الإفريقية – الچرب ، الكرب – الجريد – لطرافة – الخوص .
ولأهمية الحطب ترى الأطفال – وحتى الكبار – يتجولون على لسياف" السواحل "  وعيونهم تلاقط  إذا فيه لوح مسمر أو قطعة خشب لايفة على السيف فيتسابقون ﻷخذها .
النساء عند خروجهنَّ من " العزية " أو من بيوت الجيران حتى الخوصة الملقاة في الطريق يلتقطنها من أجل " القبسة " باللهجة المحلية " الكبسة " " القبس " فتسمع المرأة تقول لابنتها أو ابنها هاك ها الخوص جيب لينا كبسة من بيت الجيران چان فكبو ضوهم .
لأنَّ " الحطب الكبار لايشتعل إلا بواسطة صغار الحطب"
قال تعالى " فقال لأهله امكثوا إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بقبس " الآية ١٠ من سورة طه
قبل الغداء بقليل ، قبل أذان الظهر يتوجه الوليدات لزيارة المساجد للتبرك كل حسب منطقته فهناك من يتوجه للمسجد الغربي والبعض للوسطي  قبل بناء الراهب والخيف   وفي فترة الخمسينيات من القرن الماضي وما قبلها كانت البنات يلبسن البخانق مفردها " بخنق " . في المسجد ينقسمون إلی فريقين أحدهما في الجهة الشمالية والثاني في الجنوبية ويبدأون بترديد شيلة صدرها " شد يا شدوه يا شدوه"  وهذا الجزء تقوله المجموعة الشمالية وترد عليها المجموعة الجنوبية بالشطر الثاني " العجز "   " فلتنا لعمامة يا شدوه  " ولعل هذا الشعر ﻹثارة روح الحماس . هذا ما استطعت الحصول عليه وقد تكون هناك بقية بعد هذا المطلع .
  يوم لشراچ بعد صلاة الظهرين يتجمع لوليدات في بيت لمعلمة لتناول وجبة الغداء . البنات لوحدهن والأولاد لوحدهم ، وبعد الغداء يعود كل لأسرته حاملاً صحنه العامر بالمربين – كما أسلفت – .

شراچ لكبار :
يوم ٢٨ من شهر جمادى الآخرة حيث يشترك عدد من النسوة من الأهل والأصدقاء لطبخ وجبة الغداء في أحد البيوت المهيأة لذلك في جو يسوده الفرح والسرور وتعمه المحبة والمودة والتلاحم .
وعلى ذكر " المعلم " والمعلمات لابد من وقفة نسلط فيها الضوء على المعلمات الرائدات ( الرعيل  الأول) صاحبات الفضل في تخريج العشرات بل المئات من البنات اللواتي أصبحن بدورهن معلمات وأصحاب مآتم في قرية الدير ، وقد اخترت هذه المجموعة للاختصار من جهة ومن جهة أخری فالموضوع ﻻيتناول تاريخ تعليم القرآن الكريم في قرية الدير .   ولأن احتفال " لشراچ " في أيامهن كان يعيش  عصره الذهبي.  الأولى : " رائدة المعلمات " المرحومة الحاجية زينب بنت الحاج عيسى بن  حجي  عبدالله بن عيسى بن محمد بن مطر ، جدة المرحوم الحاج سلمان بن حسن بن سلمان " أبو لحية لقب بذلك ﻷنه أول من أطلق لحيته في الدير في تلك الفترة " جدته لأبيه وجدة المرحوم الحاج عيسی  بن حسن بن سلمان وجدة  المرحوم الحاج حميد بن عبد النبي بن مبارك لأمه وكانت رحمها الله المعلمة الأولى في فترة العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي . أطلق عليها لقب الحاجية ﻷنها أول من حجت في تلك اﻷيام الصعبة مطلع القرن الماضي .  أسس المأتم الذي حمل اسمها سنة 1926م بعد سنة الطبعة بعام واحد .  درس على يديها ( الرعيل  الأول) من المعلمات في قرية الدير كُفَ بصرها في سنواتها الأخيرة إلا انها بقيت محتفظة بذاكرتها وحفظها للقرآن الكريم توفيت – رحمها الله – في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي . ومن شهرتها ومكانتها الكبيرة لازال البيت والمأتم يحملان اسمها فيقال : " بيت الحاجية ومأتم بيت الحاجية " وموقع المأتم لمن لايعرف موقعه " شرق بيت المرحوم الحاج حميد بن عبد النبي وشمال بيت الحاج أحمد  التاجر وجنوب بيت كريم سلمان السنابسي – ولازال المأتم مشرقاً عامراً بذكر أهل البيت (ع) رحمها الله رحمة الأبرار .
الثانية : المرحومة السيده الشريفة بنت السيد إبراهيم بن السيد نعمة وكانت من الطليعة الأولى من المعلمات تخرج على يديها أعداد غفيرة من البنات والأولاد  وهي جدة السيد عبد النبي  لجهة أمه وجدة اﻷستاذ ميرزا عبد الرضا وأشقائه وشقيقاته لجهة أمهم . استمرت في التعليم حتى أواخر حياتها حيث توفيت  – رحمها الله -  عام 1975م لتحمل الراية بعدها ابنتها المرحومة السيدة زينب بنت سيد حسن والدة السيد عبد النبي .  وبعد وفاتها تولت المهمة شقيقتها السيدة مريم أم اﻷستاذ ميرزا عبد الرضا وأشقائه وشقيقاته . وﻻ يزال   البيت والمأتم يحمل اسمها ولا يزال مأتمها عامراً بإحياء أمر أهل البيت، والمأتم  والبيت يقع قرب مأتم الهادي وجنوب بيت المرحوم أخيها السيد سلمان بن السيد ابراهيم بن السيد نعمة جد الأخ السيد إسماعيل السيد محمد .
وغرب بيت المرحوم الحاج أحمد الشيخ – رحمها الله – وأسكنها الفسيح من جنته .

الثالثة :
المرحومة شريفة بنت السيد يوسف بن سيد علوي " السادة " من المعلمات الرائدات خرجت أعداداً غفيرة من البنات والأولاد وهي شقيقة المرحوم السيد سعيد بن سيد يوسف والد سيد جواد وهي جدة سيد إسماعيل وإخوانه منزلها ومأتمها مقابل مأتم الهادي الباب بالباب .
توفيت في ١١ من شهر شعبان ١٤١٠ هـ الموافق ١٩ من شهر مارس ١٩٨٩ م
رحمها الله وأسكنها الفسيح من جنته .

الرابعة المرحومة آمنة بنت الحاج أحمد بن عيسى زوجة المرحوم الحاج أحمد العود شقيق المرحوم الحاج علي النير أبو يحيى – بيتهم لم يتغير موقعة مقابل لبيت حجي حماد سابقاً والآن مقابل لبيت حجي إبراهيم بن أحمد بن حماد " أبو رضا "
درست على يدها القرآن الكريم في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي  . وكانت – رحمها الله – واحدة من أعمدة مأتم بيت  الحاجية  " عمتها "  وقد تعلم علی يديها  الكثير من اﻷولاد والبنات . توفيت " رحمها الله " في ستينيات القرن الماضي  وليس لها خلف .  
رحمها الله وأسكنها فسيح جناته

الخامسة : الحاجية تقية بنت حجي عبدالله بن عيسى بن حجي عبدالله بن محمد بن مطر .
شقيقة المرحوم الحاج عيسى بن عبدالله بن عيسى " الشيرازي " وجدة أوﻻد وبنات المرحوم الحاج عيسی  ابراهيم سلطان"  العيس " لجهة أمهم .
درست على يد عمتها المرحومه الحاجية زينب بنت الحاج عيسى بن حجي عبدالله بن عيسى وتعلم عندها الكثير من الأبناء والبنات وهي واحدة من ملابات مأتم بيت الحاجية وقد أقعدها المرض في الفترة الأخيرة أسال الله لها الصحة والعافية .
وأخيراً انتهى دور " المعلم " (فأفل) نجم " لشراچ " وخاصة " شراچ لوليدات " أما شراچ لكبار فلم يبق منه إلا القليل حيث بعض النسوة لا يزلن ينظمن الرحلات لبعض المساجد والمقامات بهذه المناسبة مثل " النبيه  صالح الأمير زيد – وأبو رمانة وغيرها "
ليت تلك الأيام تعود ليعود معها المزيد من الترابط والتلاحم والتواصل وليت مجتمعاتنا تتخذ من مولد الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء – ع – مناسبة لعيد الأم وعيد الأسرة ويوم المرأة كما تفعل الجمهورية الإسلامية بدﻻً  عن 21 مارس من كل عام .وفي الختام الشكر والتقدير لكل من زودني بمعلومة مهما كانت صغيرة .
" وكل " شراچ " وأنتم بألف خير "

بقلم : إبراهيم حسن ابراهيم صالح " الدير "

الخميس : ٢٦ من جمادى الآخرة 1436هـ، الموافق 16 أبريل  2015م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *