ماذا يعني أن يكون الرجل قوياً في بيئةٍ تميل للرقة، وجسوراً في بيئةٍ تميل للمهادنة، ومغامراً في بيئة تقدس الأمان والحَذَر، وعفوياً في بيئةٍ تتبع النظام… هي صفاتٌ ليست وليدة شخصيته الفردية بقدر ما كانت سمات للجيل القديم الذي اشتغل في أعمال أكثر مشقة وصعوبة ومخاطرة من أكثر أفراد جيله والأجيال الحالية بالتأكيد.. يأتي جمعة الشملول ليكون مثالاً متفرداً بصفات ماعادت شائعة في الطباع بقدر ماهي شائعة في الكلام وكأنها تحفة تاريخية من تُحَف الزمن الجميل.
الشملول الذي عرف بقدراته الجسدية المميزة والتي جعل للطبيعة مهمة تنميتها وصقلها.. لم يخضعها للمهن الحديثة كباقي أفراد أسرته (أبيه وإخوته) التي ضربت البحرين مع موجات التحديث منذ بداية القرن العشرين .. ورغم أنّه جربها بُرهةً إلا أنّه لم يستطيع الاستمرار فيها بسبب عشقة الأكبر للمهن القديمة التي يحتك فيها مع الطبيعة بشكل مباشر ويوميَّ، الطبيعة التي يتحدث عنها الشملول وكأنها بشر يعرفهم، فيسمي المكان في البحر والبَر ذاكراً صفاته وما يميزه عن غيره وتاريخه المرتبط فيه كمصدر للعيش والحياة… .
بوفاء الجيل القديم يذكر ويشكر معلميه في كل ميدان شغله واشتغله فيدعوا للأحياء بدوام الصحة وطول العمر ويترحم على من توفى (جُلُهُم توفوا)، الوفاء للمعلمين هي ميزة أصيلة للجيل القديم قَلَ حضورها في الجيل الحديث، حيث كان من يمتلك مهارة أو حرفة معينة منية الصِبيَة واليافعين يذهبون معه ويفعلون ما يؤمرون حتى يشتد عودهم ولا يتذمرون حتى لو اضطر المعلم لضربهم، كما يتذكر الشملول كيف كان يضرب النوخذة "الجِزّوي"(1) حين يخطأ، ويلاحظ أن الضرب كان أسلوباً معترف به لدى المعلم آنذاك.
هذا الزمن الجميل الذي لم يخشى الشملول من ذكر بعض سلبياته، كما كان يحدث في بعض أمور الزواج من غش بسبب عدم تمكين الزوج من رؤية زوجته فيحدث أن تستبدل الزوجة المخطوبة بأخرى أقل جمالاً أو بها عيب خُلُقيّ.. .
يتحسر الشملول على عدم استمرار البحرينين في هذه المهن الأصيلة وتركها للهنود والأسيويين الذين لا يراعون الحفاظ على البيئة البحرية الفطرية.. بخلاف بحارة زمان حيث كانت آنذاك أعراف وقوانيين سائدة يلتزم بها البحرينيين حفاظاً على بيئتهم ومصدر رزقهم وحياتهم.
عَشيِّة التفكير في كتابة سيرة الشملول احترت في العنونة، تُرى ماذا نسمي هذا النوع من الرجال الشامخين والصامدين بوجه تغيرات الزمان والمكان، هل أسميه "قبضاي: هي تسميَّة شاميِّة غريبة على بيئتنا، هل أسميه "فتوه: هي كذلك تسمية مصرية وغريبة على بيئتنا المدارة بروح وأسلوب أكثر هدوءً وسلاسة من تلك البيئات الأكثر تعقداً وجسارة.. جاءت جلستي معه بمعية مجموعة من الشباب الذي يتحلقون حوله ويتعلمون منه فنونه الأصيلة كمنقذ حيث عرفت أنهم يلقبونه بـ "الأسد"، أعجبني هذا اللقلب وأراه يليق بِه كشخص مرتبط بالطبيعة ويتعامل معها بشجاعة وجسارة في البحر و البر، إذاً حديثنا سيكون عن أسد البحر والبر.. صانعاً صائداً مروضاً كآخر ما تبقى من ذاك الزمن الجميل.
هو الحاج جمعة جاسم علي سلمان مبروك الشملول
مواليد العام 1953م
- (عامل نظافة): وقد عمل في وزارة البلديات وعمره 14 سنة في مهنة التنظيف لمدة عامين وترك العمل بعدها.
- (المقَض): أول عمل بدأه هو وبدأه بعمر 14 سنة مع أخيه سلمان لحوالي 40 سنة، وكان العمل ينطوي على استخراج الصخور الصالحة للبناء من البحر وتكسيرها، تعبئتها، تعديلها.. وقد كان يشتري الصخور مختلف أنواع المستفيدين كالشركات الكبرى(بابكو- الجفير) والمساجد والمنازل… وهي لا شك مهنة تتطلب قدرات جسمانية مميزة جداً في القوة والتحمل.. فضلاَ عن المعرفة في تمييز الصخور القوية الصالحة للبناء من عدمها والتي تسمى بالصخور الصمية أو الصلبة الصامدة.
- (صيّاد بالحضور): زاول معها مهنة البحر كصيّاد بعمر الـ25سنة تقريباً مع أخيه سلمان الشملول. في البداية ومن ثم اتجه للعمل في صناعة (الحضور)
- (صانع للحضور): وقد تتلمذ فيها على يد السيد هاشم سيد معتوق الخورجاني وقد كانوا يصنعونها بالجندل والجريد. وهو يتذكر أول الحضور التي صنعها وكأنها أحد أبنائه حيث لكل حضرة اسم وطابع خاص ويسترسل في ذكر أسمائها ومميزات كل واحدة منها على النحو التالي:
1) الجِوي: وهي أول حضرة صنعها وهي في خليج توبلي بين سترة وأم الحصم، وكانت تمتاز بكثرة صيدها حتى ولو كان البحر شحيح معبراً بأن خيرها "لاينقطع" أبداً، كما أنّ محصولها يشتمل على مختلف أنواع السمك، بخلاف معظم الحضور التي تقتصر على أنواع معينة دون غيرها.
2) إلقاع: وتتخصص هذه الحضرة في صيد السمك الكبير كالهامور ولسكون، وهو يحتاج لمياه عميقه ولهذا يكون قاع الحضور عميق ولذا سميت بالقاع.
3) النقطات: وهي زاخرة بسمك الصافي الأبيض المنقط وممكن أنها سميت بالنقطات بسبب هذا النوع من الصافي، فضلاً عن توفرها على الصافي الصنيفي والجنيس والحمام والقروف والدفدار / الكفدار.
هذه بعض النماذج التي صنعها والمقام لا يتسع لذكر عدد الحضور التي صنعها فهو من أشهر صانعي الحضور في البحرين وقد كان أكبر الشخصيات في البحرين يلجئون إليه ليصنع لهم الحضور مثل الشيخ عبد الله آل خليفة والشيخ محمد بن عبد الله آل خليفة والشيخ ناصر.. وغيرهم مما لا يتسع المجال لذكر أسمائهم.
وعملية صناعة الحضور تتطلب مجموعة من المعارف البحرية مثل أماكن المراعي البحرية واتجاهات الموج وغيرها من الأمور وقد تحدث الشملول عن أهم مراعي الثروة السمكية في خليج توبلي معدداً ايّاها على النحو التالي:-
1) فريهة: وهو قريب من قرية مهزه.
2) مريره: قريب من ام الحصم.
3) كيظي: وهو مرعى مشهور بسمك الصافي والجنم.
4) سنيبل: ويقع بالقرب من بحر قرية القرية في منطقة سترة.
5) عنبر بسوقه: ويقع هذا المرعى بين سترة وأم الحصم في منطقة تسمى بال"كحف" وهو مرعى شهير لسمك الصافي المشهور والمطلوب للذته.
ولكل مرعى نوع من العشب يحدد نوع السمك الذي يتربى فيه بصورة أكبر من غيرها فالمراعي البحرية التي ينمو فيها الحشيش الليّن الذي يسمونه البحارة بـ "البلاليط" يجتذب سمك الصافي الذي يتربى عليه، لذا يستخدم البحارة هذا العشب في صيد سمك الصافي، كما يوجد نوع آخر من العشب البحري يسمى بـ "الشّبَه" وهذا يستخدم في صيد سمك الشعري واشتهرت قرية سماهيج باستخدام هذا النوع من العشب في صيد سمك الشعري.
وطبعاَ هناك أنواع من السمك التي تعتاش على الأعشاب البحرية كسمكة لبزيمي والصافي والحجوه… وهي بالعادة أسماك صغيرة، وهناك السمك الذي يعتاش على أكل السمك الأصغر منه كالهامور والسبيطي والحاقول… وهي أسماك بالعادة كبيرة، والأغلب يتغذى على القشريات البحرية كالربيان والخدّاك… .
- (صيّاد بالكاروفة): كما تعلم أثناء ذلك طريقة صيد الربيان بأسلوب(الكاروفة) والذي يتم فيه الاعتماد على الأبواب المصممة بالخشب الممزوج بالحديد الأمر الذي يضمن طفوه في مستوى سطح البحر حيث تثبت فيه الغزل (الشباك) ويتم الإبحار بالقارب بطريقة تكون فيها الشباك مفتوحة لتصطاد أكبر كمية ممكنة من الربيان، وهي طريقة تضمن صيد وفير جداّ بالعادة ولكن من عيوبها أنها تؤثر على بيئة البحر ومراعيه إذ تجرفها جرفاَ ولذا سميت بالكاروفة، وقد تعلم الشملول هذه الطريقة على يد النوخذة حجي محسن المحسن (من قرية العكر)، إذ يؤرخ الشملول في استخدام هذه الطريقة لما يقرب من الثلاثين عام، حيث بدأ الناس في شراء المكنات " المحركات " والتي لم تكن غالية آنذاك بل كان الناس فقراء، ويتذكر بدايات استخدام المكنات حيث كان البائع يتولى تعليم المشتري كيفية استخدامها فكان هناك نوع من العلاقة بين البائعين والبحارة، كما يتذكر الشملول أوائل الناس الذي استخدموا طريقة الكراف في صيد الربيان، وهم الحاج محمد علي ضرابوه والسيد جعفر العصفور والحاج رضي والحاج منصور بوحسيِّن، ويعود بالذاكرة أقصى ليتذكر أول من استخدم مكنة القوارب في القرية وهو الحاج علي الطويل قبل ما يقرب على الخمسين عاماً.
وهنّا يعبر جمعة الشملول أن مثل هذه الأساليب ما كانت لتقبل في السابق نظراَ لوفرة الأسماك والربيان بما لا يستدعي استخدام غير (لمبارات) وهي شباك صغيرة تثبت فيها خشبتين في أطرافها بما لا يزيد كثيراَ عن المسافة بين اليد والأخرى في حالة فتحها، وقد كانت كافية جداً في الزمن القديم.. أما مع تدهور أحوال البحر وقلة المنتوج البحري الذي تزامن مع تطور وسائل الصيد فقد فتح المجال لمثل هذه التقنيات المفيدة والضارة في آن و ما تخلفة من تأثيرات على البيئة البحرية.
يتكلم الشملول عن الأعراف التي كانت تحكم بيئة البحر بين البحارة البحرينيين،حيث يتم اقتسام الأماكن في البحر بالتوافق بين البحارة، وفي عمل الحضور يتم أخذ رأي الجار والتوافق معه، وفي حال حدث اختلاف يتم الاحتكام لنواخذة البحر كونهم الأعرف بالقوانيين العرفية التي تنظم هذه الأمور.
- (صيّاد طيور): وهي أقرب للهواية منها للمهنة حيث تكون لفترات بسيطة من السنة وكان احب طير لديه هو طير الحمامي لكونه الأجمل والأغلى سعراً.
وهنا يتذكر الشملول أهم العيون التي كانت تزخر بها جزيرة سترة والتي تتجمع حولها مختلف أنواع الطيور الموسمية والدائمة مثل عين الرحى (سميت بالرحى لأن قوة اندفاع المياه من الينبوع تجعله يدور في العين بقوه كمى الرحى) وعين مهزّه (وسميت بذلك لأن الماء المندفع من الينبوع بقوة يجعله يهتز بصورة قوية وقد سميت قرية مهزّه بهذا الأسم بسبب هذه العين الدفاقة بالماء) وعين بوبويز وعين عبدان وعين سهلان وعين البيّاضه وعين التوازي. يحكي الشملول عن أن هذه العيون تشكل واحة الاستجمام والترفيه لكل البحرينيين في السابق وذلك بما يعرف آنذاك بالكشّاته، وهم الذين يأتون من خارج القرية لينصبوا خيامهم ويقيموا مدة من الزمن للترفيه عن أنفسهم والهروب من الحَرّ، وكانت عين الرحى من أهم هذه المراكز للكشّاته التي يقصدونها من المنامة والمحرق والرفاع ومختلف مناطق البحرين، وقد كانت مناطق التجمع هذه أشبه بالأسواق المصغره حيث يتم بيع الكثير من المحاصيل على الكشاته مثل الخضروات والأسماك والحصير والسلال.. التي ينتجها السكان في جزيرة سترة.
شخصياَ أتذكر" أنا كاتب هذه السطور " كيف أنه يترك الغزل "شباك الصيد" في ساحة كرة القدم حيث تغزونا طيور الكّن "النورس" في الشتاء ويضع فيها الأسماك الصغيرة الغير صالحة للأكل والبيع الملقبة بالحراسين وكيف أن الطيور تأتي لأكلها فتقع في الشبك ليقوم الشملول بصيدها وبيعها علينا بـ 100 فلس فقط.
- (عسّاف): عمل الشملول وهو ابن 18 ربيعاَ بمهنة (العسّاف) وهي المهنة التي تحتاج كم كبير من الشجاعة والجسارة حيث تقع على عاتقه مهمة ترويض الخيول والحمير البريّة المتوحشة بحيث تصبح صالحة للإستخدام الآدميّ (الركوب) من خلال حِمل/ثقل يسمى عادةً ب"الرمل"، ورغم جسارة هذه المهمة التي قد يتعرض فيها العسّاف للعض أو الركل من هذه الحيوانات إلا أن الشملول كما يعبر لم يعرف الخوف أبداً من الخيول والحمير البريّة التي روضها (عَسَفَها) ويتذكر أول حِمار قام بعسفه واسمه (اللحلاح) لشخص من منطقة جدحفص.. كما يتذكر ذاك الحمار الكبير والمتوحش الذي روضه المسمى بالسفالي نسبة لمنطقة مالكه من قرية السفالة في سترة.
- (ذبّاح): كما يقوم بمهمة ذبح (البقر، الغنم، الخراف..) منذ عمر العشرين عام، وقد علمه أصول هذه المهنة الحاج عباس لكويتي.
- (جوكي): وهي مهنة سائس الخيل وراكبها وهي كلمة معربة من أصل انجليزيjokey والتي يقابلها بالعربية (الفارس) حيث يتسابق مع بقية الفرسان ويكون للفائز جوائز نقدية ورمزية، ويرى الشملول في أن الفارس المناسب يجب أن يتميز بقوة القلب وشجاعته قبل قوة الجسد، لأن أي ضعف أو خوف يعتريه أثناء السباق يؤثر على تركيزه وتركيز الخيل فتتأثر سرعته وقد يتعثر فيخسر السباق بالنتيجة.. يقول وهو في هذا السن حيث يرعى مجموعة من المتسابقين الشباب بأنه بالتجربة يتبين الناجح في هذا المضمار من غيره ، وهي مهمة غير سهلة كما يتخييل البعض ولا ينفع فيها التعليم بالكلام فقط فهي تلخيص للمثل الشعبي "في الميدان يا حميدان؟" بمعنى أن الميدان يكشف القدرات الحقيقية للفارس.
- (زرّاع): عمل في شبابه في الزراعة منذ كان ابن 12 ربيعاً مع الحاج علي بن عمران في دولاب يسمى "الجبرات" وهو يقع بالقرب من مجمع سترة ليمارش الحالي وكان يزرع في هذا الدولاب الكت – البرسيم والبطيخ والجح والشلغم (شمندر) والملفوف والرمان واللوز والكنار والجيكو.. ويتذكر كيف كان يتم شحن المحصول بعد جنيه في بيكب (سيارة النقل) الحاج رضي المركوباني (نسبة لقرية مركوبان) ويذهب ليبيعه في سوق المنامة.. كما وأنه تتلمذ فيما بعد على يد السيد حسين والسيد محمد (من قرية الخارجية)، حيث كان يقوم بمهام التحدير (تعديل العدوق بحيث تكون متماسكة ومتدلية وقد تقترن هذه العملية بعملية "الخفاف"، أي تقليل عدد العدوق في حالة كانت كثيرة بحيث تؤثر على صحة النخلة واستمرارية انتاجها في المستقبل) والتغليق (تقليم النخلة وإزالة الأجزاء الميتة) والتنبيت (التلقيح) والخراف (جني المحصول) والصرام (تحويل الرطب لتمر) وغيرها من المهام المعروفة في العناية بالنخلة… وهو الآن يزاول مهنة الزراعة ، كالخضراوات المشهورة على مائدة البحرين كالرويد والبقل والجرجير وغيرها… .
1) وهنا يسترسل الحاج الشملول في ذكر البساتين والدواليب التي كانت عامره بمختلف أنواع الشجر كالنخيل واللوز والكنار والرمان والشلغم (الشمندر) والملفوف والبطيخ والجيكو.. التي اشتهرت به جزيرة البحرين بوجه عام وجزيرة سترة بوجه خاص ومنها على سبيل المثال:
2) أبو قامر: بالقرب من عين الرحى.
3) أبو صفوف: ويقع في مكان أبو خماس حالياَ.
4) الموضع: يقع في منطقة ينابيع الخير حالياَ.
5) بديعه رايح:
6) الفغر:
7) الحسرات: ويقع بمنطقة وادي شمينة والتي يقع مكانها مسجد شمينة.
8) الجبرات: ويقع بالقرب من مجمع (سترة- ليمارش) حالياً.
يحكي أخيه الأكبر سلمان الشملول أن سبب تسمية العائلة باسم "شملول" هو نسبة لنخلة صغيرة كان يريد شرائها أباهم جاسم حيث كان يفاصل البائع ويريدها بسعر زهيد بسبب صغرها وكان ينعتها بالشملول امعاناً في تصغيرها بحيث أنها لا تستحق سعر مرتفع وربما كانت هذه من أساليب المساومة ومهاراته في الشراء للحصول على المشترى بسعر زهيد.. وقد علق هذا المصطلح كلقب برب الأسرة حتى بات يعرف بجاسم الشملول وبات حالياً لقب للعائلة.
- (خَطّاب): وهي مهنة كانت أصعب في السابق حيث أن الخاطب لا يرى خطيبته إلا في ليلة الدخلة، ويروي جمعة وسلمان الشملول (الأخ الأكبر) أن المهنة لم تكن سهلة في السابق حيث، لعدم امكانية حدوث لقاء التعارف قبل الزواج فعليك تشكيل صورة في خيالك مناسبة للمواصفات التي طلبها العريس والبحث عن العروس المناسبة علماَ أن الخاطب نفسه لن يرى العروس المقترحة، بل انّه يلجئ لمساعدة النساء الخاطبات، وذكر أن من العقبات التي واجهتهم وجود بعض الغشاشين الذي يخفون عيوب العروس المقترحة بغية تزويجها وقد شجع على ذلك موضوع عدم قدرة العريس رؤية زوجته إلا ليلة الدخلة وقد حدثت حوادث غريبة وصادمة من هذا النوع كأن تستبدل البنت المقصودة في الخطبة بأخرى بها عيب خَلقيّ أو خُلُقيّ.. كما أنّ اصرار الأسر على زواج الكبيرة قبل الصغيرة يشكل مشكلة في حالة وجود المواصفات الملائمة في البنت الأصغر ورفض الأهل تزويجها.. وهنّا لا يجد الأخوان (سلمان وجمعة) حرج في مدح طريقة الزواج المعاصرة بوصفها تتيح للشاب أن يرى زوجته بشكل مباشر قبل عقد القران وهو ما يعزز نجاح الزواج في المستقبل ويقلل من فرص الغش والتدليس في شئون الزواج.
- (عامل في بابكو): وقد عمل لمدة شهر واحد فقط وخرج وقد كان له من العمر 22 سنة.
هذا ولا زال الرجل يمارس الكثير من مهنه السابقة مثل الصيد ، الزراعة والذباح .. حيث يتمتع بصحة قوية قل نظيرها في أفراد جيله (أدام الله عليه موفور الصحة والعافية) . هذه بعض المحطات في حياة و ذكريات هذا الرجل ، نجد أن الوقوف عندها و الحديث عنها كمتعة التجوال في زمن آخر ، كان الشملول شاهداً عليه في مختلف تحولاته .
**************
(1) الجِزّوي: هو العامل المبتدأ في الغوص، ويقوم بمساعدة الغاصة والسيّابة حتى يتشرب المهنة منهم، وفي العادة يكون الجِزوي صغير السن وأجره منخفض.
بقلم: نبيل عاشور / مملكة البحرين
فعلا السيرة الذاتية الخاصة به مشرفة