أسطورة قصة الطوفان العراقية زمن بابل
تقول أسطورة الطوفان البابلية أن الآلهة كانت مثل البشر تعمل وتعاني شقاء كبيرا , ذات يوم تعب الآلهة كثيرا وقد قرروا الذهاب للبطل , الحاجب القديم إنليل في معبده وإعلان الحرب عليه , ولما رأى حارس المعبد ذلك أيقظ سيده إنليل , فتساءل إنليل عن سبب الحضور وأرسل الحارس ليسأل
الآلهة عن سبب إعلانهم الحرب عليه فأجابوه أنهم تعبوا ويريدون أن يأتوا ببشر يحلون مكانهم ويوفرون لهم الراحة بدل من المشقة فاجتمع إنليل والآلهة وآلهات النسل (الوالدات) حيث قرروا خلق الإنسان من الطين وذلك من خلال ذبح آلهة ومزج لحمها ودمها بالطين ولتكن صوت الطبل – روح الإله – روح للإنسان . بعد سنين انزعج الإله من ضجيج البشر فأمر بقطع المؤن عن الناس وبحبس المطر ولتعصف الرياح الأرض وليقمع الإنسان . وكان هناك إلهين عظيمين واحد منهم هو الذي أمر بالطوفان الذي سينزل على البشر والإله الآخر الذي نبه الفقير النجار فقال له ابني سفينة لك ولأهلك لتبقيك على قيد الحياة ففعل النجار ما أمره الإله , وهكذا استطاع الإنسان أن يبقى على قيد الحياة بحماية الإله
أسطورة جلجامش ( كلكامش )
ملحمة كلكامش (أو ملحمة جلجامش ) هي ملحمة سومرية مكتوبة بخط مسماري على 11 لوحا طينيا اكتشفت لأول مرة عام 1853 م في موقع أثري اكتشف بالصدفة وعرف فيما بعد أنه كان المكتبة الشخصية للملك الآشوري آشوربانيبال في نينوى في العراق ويحتفظ بالالواح الطينية التي كتبت عليها الملحمة في المتحف البريطاني. الألواح مكتوبة باللغة الأكادية ويحمل في نهايته توقيعا لشخص اسمه شين ئيقي ئونيني الذي يتصور البعض أنه كاتب الملحمة التي يعتبرها البعض أقدم قصة كتبها الإنسان.
بداية الملحمة
تبدأ الملحمة بالحديث عن كلكامش ملك أورك الذي كانت والدته إله خالد ووالده بشرا فانيا و لهذا قيل بان ثلثاه إله و الثلث الباقى بشر وبسبب الجزء الفاني منه يبدأ بادراك حقيقة أنه لن يكون خالدا. تجعل الملحمة كلكامش ملكا محبوبا من قبل سكان أورك حيث تنسب له ممارسات سيئة منها ممارسة الجنس مع كل عروس جديدة وأيضاً تسخير الناس في بناء سور ضخم حول أورك العظيمة.
ابتهل سكان أورك للآلهة بأن تجد لهم مخرجا من ظلم كلكامش فاستجابت الآلهة وقامت احدى الالهات واسمها أرورو بخلق رجل وحشي كان الشعر الكثيف يغطي جسده ويعيش في البرية ياكل الاعشاب ويشرب الماء مع الحيوانات أي أنه كان على النقيض تماما من شخصية كلكامش ويرى بعض المحللين أن هناك رموزا إلى الصراع بين المدنية وحياة المدن الذي بدأ السومريون بالتعود عليه تدريجيا بعد أن غادروا حياة البساطة والزراعة المتمثلة في شخصية أنكيدو.
كان أنكيدو يخلص الحيوانات من مصيدة الصيادين الذي كانوا يقتاتون على الصيد فقام الصيادون برفع شكواهم إلى الملك گلگامش الذي أمر إحدى خادمات المعبد بالذهاب ومحاولة إغراء أنكيدو ليمارس الجنس معها وبهذه الطريقة سوف يبتعد الحيوانات عن مصاحبة أنكيدو ويصبح أنكيدو مروضا ومدنيا. حالف النجاح خطة الملك كلكامش وبدات خادمة المعبد وكان اسمها شامات وتعمل خادمة في معبد الآلهة عشتار بتعليم أنكيدو الحياة المدنية من كيفية الأكل واللبس وشرب النبيذ ثم تبدأ باخبار أنكيدو عن قوة جلجامش وكيف أنه يدخل بالعروسات قبل أن يدخل بهن أزواجهن وعندما يسمع أنكيدو هذا الشيئ يستشيط غضبا ويقرر أن يتحدى گلگامش في مصارعة كي يجبره على ترك تلك العادة. يتصارع الإثنان بشراسة حيث أن الإثنان متقاربان في القوة ولكن في النهاية تكون الغلبة لكلكامش ويعترف أنكيدو بقوة كلكامش وبعد هذه الحادثة يصبح الأثنان صديقين حميمين.
يحاول كلكامش دائما القيام بأعمال عظيمة لكي يبقى اسمه خالدا فيقرر في يوم من الأيام الذهاب إلى غابة من أشجار الأرز ويقطع جميع أشجارها ولكي يحقق هذا يجب عليه القضاء على حارس الغابة الذي هو مخلوق ضخم وقبيح واسمه خومبابا. ومن الجدير بالذكر أن غابة الأرز كان المكان الذي يعيش فيه الألهة ويعتقد أن المكان المقصود يقع الآن في منطقة بين إيران والبحرين.
الصراع في غابة الأرز
يبدأ كلكامش وأنكيدو رحلتهما نحو غابات أشجار الأرز بعد حصولهما على مباركة شمش إله الشمس الذي كان أيضا إله الحكمة عند البابليين والسومريين وهو نفس الإله الذي نشاهده في مسلة حمورابي المشهورة وهو يناول الشرائع إلى الملك حمورابي وأثناء الرحلة يرى كلكامش سلسلة من الكوابيس والأحلام لكن أنكيدو الذي كان في قرارة نفسه متخوفا من فكرة قتل حارس الغابة يطمأن گلگامش بصورة مستمرة على أن أحلامه تحمل معاني النصر والغلبة.
عند وصولهما الغابة يبدآن بقطع أشجارها فيقترب منهما حارس الغابة هومبابا ويبدأ قتال عنيف ولكن الغلبة تكون لكلكامش وأنكيدو حيث يقع هومبابا على الأرض ويبدأ بالتوسل منهما كي لا يقتلاه ولكن توسله لم يكن مجديا حيث أجهز الإثنان على هومبابا وأردياه قتيلا. أثار قتل حارس الغابة غضب آلهة الماء أنليل حيث كانت أنليل هي الآلهة التي أناطت مسؤولية حراسة الغابة بهومبابا.
بعد مصرع حارس الغابة الذي كان يعتبر وحشا مخيفا يبدأ اسم كلكامش بالانتشار ويطبق شهرته الآفاق فتحاول الآلهة عشتار التقرب منه بغرض الزواج من جلجامش ولكن كلكامش يرفض العرض فتشعر عشتار بالإهانة وتغضب غضبا شديدا فتطلب من والدها آنو، إله السماء، أن ينتقم لكبرياءها فيقوم آنو بإرسال ثور مقدس من السماء لكن أنكيدو يتمكن من الامساك بقرن الثور ويقوم كلكامش بالإجهاز عليه وقتله.
بعد مقتل الثور المقدس يعقد الآلهة اجتماعا للنظر في كيفية معاقبة جلجامش وأنكيدو لقتلهما مخلوقا مقدسا فيقرر الآلهة على قتل أنكيدو لأنه كان من البشر أما كلكامش فكان يسري في عروقه دم الآلهة من جانب والده التي كانت آلهة فيبدأ المرض المنزل من الآلهة بإصابة أنكيدو الصديق الحميم لجلجامش فيموت بعد فترة.
رحلة كلكامش في بحثه عن الخلود
بعد موت أنكيدو يصاب كلكامش بحزن شديد على صديقه الحميم حيث لا يريد أن يصدق حقيقة موته فيرفض أن يقوم أحد بدفن الجثة لمدة أسبوع إلى أن بدأت الديدان تخرج من جثة أنكيدو فيقوم كلكامش بدفن أنكيدو بنفسه وينطلق شاردا في البرية خارج أورك وقد تخلى عن ثيابه الفاخرة وارتدى جلود الحيوانات. بالإضافة إلى حزن كلكامش على موت صديقه الحميم أنكيدو كان جلجامش في قرارة نفسه خائفا من حقيقة أنه لابد من أن يموت يوما لأنه بشر والبشر فانٍ ولا خلود إلا للآلهة. بدأ جلجامش في رحلته للبحث عن الخلود والحياة الأبدية. لكي يجد جلجامش سر الخلود عليه أن يجد الانسان الوحيد الذي وصل إلى تحقيق الخلود وكان اسمه أوتنابشتم والذي يعتبره البعض مشابها جدا أن لم يكن مطابقا لشخصية نوح في الأديان اليهودية والمسيحية والإسلام. وأثناء بحث كلكامش عن أوتنابشتم يلتقي بإحدى الآلهات واسمها سيدوري التي كانت آلهة النبيذ وتقوم سيدوري بتقديم مجموعة من النصائح إلى كلكامش والتي تتلخص بأن يستمتع جلجامش بما تبقى له من الحياة بدل أن يقضيها في البحث عن الخلود وأن عليه أن يشبع بطنه بأحسن المؤكولات ويلبس أاحسن الثياب ويحاول أن يكون سعيدا بما يملك لكن كلكامش كان مصرا على سعيه في الوصول إلى أوتنابشتم لمعرفة سر الخلود فتقوم سيدوري بإرسال كلكامش إلى المعداوي، أورشنبي، ليساعده في عبور بحر الأموات ليصل إلى أوتنابشتم الإنسان الوحيد الذي استطاع بلوغ الخلود.
عندما يجد كلكامش أوتنابشتم يبدأ الأخير بسرد قصة الطوفان العظيم الذي حدث بامر الآلهة وقصة الطوفان هنا شبيهة جدا بقصة طوفان نوح, وقد نجى من الطوفان أوتنابشتم وزوجته فقط وقررت الآلهة منحهم الخلود. بعد أن لاحظ أوتنابشتم إصرار كلكامش في سعيه نحو الخلود قام بعرض فرصة على كلكامش ليصبح خالدا, إذا تمكن كلكامش من البقاء متيقظا دون أن يغلبه النوم لمدة 6 أيام و 9 ليالي فإنه سيصل إلى الحياة الأبدية ولكن جلجامش يفشل في هذا الاختبار إلا أنه ظل يلح على أوتنابشتم وزوجته في إبجاد طريقة أخرى له كي يحصل على الخلود. تشعر زوجة أوتنابشتم بالشفقة على كلكامش فتدله على عشب سحري تحت البحر بإمكانه إرجاع الشباب إلى كلكامش بعد أن فشل مسعاه في الخلود, يغوص كلكامش في أعماق البحر ويتمكن من اقتلاع العشب السحري.
عودة كلكامش إلى أورك
بعد حصول كلكامش على العشب السحري الذي يعيد نضارة الشباب يقرر أن يأخذه إلى أورك ليجربه هناك على رجل طاعن في السن قبل أن يقوم هو بتناوله ولكن في طريق عودته وعندما كان يغتسل في النهر سرقت العشب إحدى الأفاعي وتناولته فرجع گلگامش إلى أورك خالي اليدين وفي طريق العودة يشاهد السور العظيم الذي بناه حول أورك فيفكر في قرارة نفسه أن عملا ضخما كهذا السور هو أفضل طريقة ليخلد اسمه. في النهاية تتحدث الملحمة عن موت كلكامش وحزن أورك على وفاته(2)
اســـطورة الطوفان كما دونت في ملحمة جلجامش الخالدة ….
عرف البابليون الملحمة بعنوان ” هو الذي رأى كل شئ ” وهي حقاً اثر بارز في اثني عشر قسماً تضم بمهارة كبيرة عدة حكايات سومرية من جلجامش ملك اروك ( الوركاء ) وصديقه المخلص انكيدو … يموت انكيدو بعد مغامرات مثيرة وكثيرة . ويؤثر موته تاثيراً شديداً في جلجامش يدفعه الى الشروع في البحث عن الخلود .
كان افضل سبيل الى ذلك هو مقابلة الانسان الوحيد الذي نجى من الطوفان وحقق الخلود وهو اوتونبشتم . ولذا يشرع جلجامش في رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر والصعاب صوب المكان الذي يقيم فيه اوتوبنشتم وزوجته منذ الطوفان .
يصل جلجامش الى المكان المقصود في القسم الاخير من اللوح العاشر من الملحمة … وعند بداية اللوح الحادي عشر نجده يسأل اتونبشتم عن سر نجاته وهو سؤال يجيب عليه الشيخ الكبير بسرد قصة الطوفان لملك شاب يخاف الموت ويطلب الخلود …
يقول اتوبنشتم لجلجامش في مدينة شروباك القديمة ان الالهة قررت احداث الفيضان . غير ان الاله أيا كرر الكلمات مو جها اياها الى كوخ القصب الذي كان يعيش فيه اوتونبشتم وهكذا تجنب البوح بسر الالهة لانسان واعطاه تعليماته . ثم بنى اوتونبشتم سفينة كبيرة على وفق الخطة التي رسمت له … والتي كانت مكعبه وقسّم الهيكل الضخم الى سبعة طوابق وقسّم كل طابق الى سبعة مقاصير … واستخدمت كميات هائلة من القار والزفت والنفط لكي تحول السفينة دون نفاذ الماء . وكان هناك ثمة باب او كوة واحدة في الاقل وربما دفة ايظاً … وعندما نزلت السفينة الى الماء اصبح ثلث المكعب السفلي في الماء.
وهكذا فقد عرفوا البابليون كيف يجب ان تكون السفينه وتبدو .. وكان لابد ان تكون غريبة الشكل لانه مصممها هو الحكيم أيا….
بعد ان حمل اوتونبشتم الفلك بفضته وذهبه وماشيته وبحيوانات الحقل وحيوانات البر قاد عائلته وذوي اقرباءه وصنّاعه جميعاً . وعند اشارة معينة ولج السفينة مع ملاحه بوزو اموري واغلق الباب وانتظر حدوث الطوفان ….
ولما ظهرت انوار السحر ..
علت من الافق البعيد غمامة ظلماء …
وفي داخلها ارعد الاله ادد …
وكان يسير امامه ” شلات , دخانيش , كنذيران , في الجبال والسهول ..
ونزع الاله ايركال الاعمدة , ثم اعقبه الاله ننورتا الذي فتق السدود …
ورفع ال انوناكي المشاعل , وجعلوا الارض تلتهب بوهج انوارها , وبلغت رعود الاله ادد عنان السماء , فاحالت كل نور الى ظلمة ….
وحتى الالهة ذعروا من عباب الطوفان …. وصرخت عشتار كما تصرخ المرأة عند الوضع …. انتحبت سيدة الاهة وناحت بصوتها الشجي نادبة :
لقد سلطت الدمار على اناسي …
وانا التي ولدت اناسي هؤلاء….
لقد ملأوا اليم كبيض السمك …
ومضت ستة ايام وسبع اماسي , ولم تزل زوابع الطوفان تعصف وقد غطت الزوابع الجنوبية البلاد , ولما حل اليوم السابع خفت شدة وظأة زوابع الطوفان .. ثم هدأ البحر وسكنت العاصفه .. وتطلعت الى الجو , فوجدت سكون عاماً , ورايت البشر وقد عادوا جميعا الى الطين …
رسا الفلك عند جبل نصير ,( الذي يعرف الان باسم بير عمران او بيرة مكرون وهوجبل ارتفاعه 8600 قدم شرقي نهر دجلة في حوض الزاب الاسفل). وانتظر اوتونبشتم سبعة ايام اخرى ثم اطلق (على ما كان عليه التقليد السائد بين البحارة في الازمنة القديمة) الطيور لتكشف اليابسة : اطلق اولاً حمامة لم تجد موضعاً تحط فيه فعادت ثم اطلق السنونو وعاد لانه لم يجد مكان يحط فيه واخيراً اطلق الغراب فذهب ولم يعد …. فسر هذا بانه علامة اكيدة على ان المياه انحسرت وان النزول من الفلك اصبح ممكناً فقدم القرابين تعبيراً عن الشكر الى الالهة …
وقرر الاله انليل بعد كل الذي رأه انه يجعل اوتنوبشتم من الالهة او بمثابة الالهة (ويقصد به هنا نبي ) ..وقال : لم يكن اوتنوبشتم قبل الان سوى بشر ولكن منذ الان سيكون اوتنوبشتم وزوجه مثلنا نحن الالهة وسيعيش بعيداً عند فم الأنهار في مدينة دلمون ( وهي البحرين حالياً).